الحاضر الجميل الذي نشهده لانسيابية شعيرة الحج والقفزات المذهلة التي تشهدها الخدمات والسخاء غير المحدود الذي تنفقه القيادة الحكيمة يوجب علينا أن نعود بالذاكرة للوراء لنستجلي هذه النقلة العظيمة لهذه الشعيرة وحجم الجهود المبذولة فيها. فالحج قديما كان أكثر صعوبة حين كانت الإمكانات متواضعة؛ فالحجاج منذ انطلاقهم من بلدانهم إلى المشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج وزيارة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة يشهدون بأنفسهم على هذا التطور العظيم وما نعيشه في بلادنا من نعم لا تعد ولا تحصى بفضل الله، ثم بفضل ما توليه قيادتنا الرشيدة. ونحن في موسم حج هذا العام وفي ظل جائحة فيروس كورونا وخشية على حجاج بيت الله من انتشار هذا الوباء بينهم قصرت الدولة الحج على حجاج الداخل في ظل رعاية واحترازية ووقائية بعد الله. مع صعوبة الحج في ذلك الزمان ونحن نتكلم عن أكثر من ثمانين عاما تقريباً ومع قلة وسائل التنقل يودعون الحجاج بدموع الفراق، ويستقبلونهم بدموع فرح اللقاء. كان الحج في تلك الظروف يكتنفه بعض الصعوبات من مشقة السفر من المدن والقرى الصغيرة ويتخللها مواقف وصعوبات جمة نتذكرها ونحكيها للأجيال من بعدنا ليروا ويعرفوا ما تبذله قيادتنا العظيمة من جهود منذ أن يطأ الحاج بلادنا وخلال أدائه شعيرته حتى يغادر إلى بلاده محاطاً بالرعاية الكبيرة والحفاوة والتي تترك أثراً عظيماً نجد أصداءه في أحاديثهم وانطباعاتهم التي ينقلونها عن بلادنا في كل محفل ومناسبة. وتنثال الذكريات وأسترجع الحج زمان وكيف كنا نتلقى هدايا الكبار فللرجال مسبحة وطاقية وغترة وحذاء صندل، وهدايا للشباب عقال حُر مقصب وغترة مشجرة صفراء وللنساء قماش كُرته مقصب ومسفع ومقلمه وقارورة عطر باريس قزازها أزرق، وللبنات الصغار قمصان مطرزة وكل الأقرباء يحظون بالهدايا. وللحاج السرورة الذي يحج أول مرة احتفاء خاص سريره من الخشب محبل بحبال وعليه فرش قطن ومخده وممنوع الجلوس عليه لغير الحاج السرورة، ويقضون سهرة جميلة احتفاء بالحجاج على نور القمر والفوانيس في البرحة بين البيوت من القش وذبيحة لجميع الحجاج الأقارب في ذلك الوقت طبخ بإيدي وطنية على الحطب ورز بكة ويحرصون على تناول المرقة. وختاما نعرج على شيء بسيط ما نحن عليه من أمن وأمان ورغد في العيش؛ ونحن نعيش في هذا العهد الزاهر الذي حظي فيه الحرمان الشريفان والمناسك بأكبر توسعة وخدمة وأصبح الحج في خدمات "خمسة نجوم" وتنقل بين المشاعر بأريحية في الذهاب والإياب؛ فقد توفرت جميع الوسائل النقل لراحة الحجاج وعلى رأسها الأمن والأمان بعد الله، وكل ما كان يواجه حاج زمان سُخر وذللت الصعاب.
مشاركة :