د٠أمل مصطفى : “يبقى الود ما بقى العتاب”

  • 7/30/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تتعدد العلاقات والروابط الانسانية فى حياتنا ، وتختلف على حسب اهمية الاشخاص الذين نتعامل معهم ، فكلما كانت العلاقة بيننا وبين اقرب الناس لنا من اقارب واحباب واصدقاء متينة وصافية وصادقة نجد انفسنا نخشى على فقدان هذه العلاقة ، او ان يشوبها الفتور ، حيث ان العلاقات تشكل بين الناس احد اهم الروابط التي يطلبها الانسان بفطرته ويسعى اليها بحدسه ونظراً لكثرة تداخل هذه العلاقات فقد يصيبها بعض من الشوائب ، او تحدث بعض الاخطاء او الاغلاط فى سياق هذه العلاقات اويحدث اختلاف فى وجهات النظرفيما بيننا فكلنا يخطىء فليس فينا معصوم عن الخطاء .. لذا فمن الممكن ان ينتهى اى خلاف ويبقى الود على ماهو عليه بكلمة عتاب حانية حيث أن العتاب بين الأحبة والأهل، والأصدقاء ضرورة لبقاء العلاقات نقية لا تشوبها شائبة، والعتاب لا نخشاه بل نخشى عدم الرغبة فيه ورفضه وان يقابل بالصد او الفرقة ،لذا فان للعتاب اساليب مقبولة يجب على المعاتب ان يعلم بها ، ويحاول التعامل على اساسها كأن لا يعاتب احداً أمام اعين الناس وان يختار اللين من الكلام ، واللطيف من العبارات ، وان يقدم لعتابه مديحاً للطرف الاخر لما فيه من صفات جميلة ، و ايجابيات ، وان يظهر له محبته وتعاطفه ، فما اسهل على الزوجين او الصديقين ان ينتقد احدهما الاخر دون مراعاة لنفسيته او مشاعره بألفاظ جارحة ونبرات عالية بنية تغيير السلوك او التصحيح ، وقد يكون حسن النية ولكن من شأن هذه التصرفات ان تهدم جدار تلك العلاقة.. ونستطيع القول أن العتاب ملح الحياة فهو من الامور التي لابد منها وقديماً قال الشاعر: اذا ذهب العتاب فليس ودٌ ويبق الود ما بقي العتاب ، هنا تكمن اهمية العتاب الذي يقصد منه التنبيه واللوم البسيط لا لشيء، فقط لكي لا تحمل القلوب كرهاً او حقداً يكون سببه الصمت الطويل ، وفي ساعة ضعف يخرج كل ذلك الزعل من القلب بوجه الزوج او الصديق او الاخ ، فتكون النتيجة الفرقه .. ولو أنهما كانا يتعاتبان بكل طيبة نفس ، وبكل لطافة ودون تهجم او ظلم ، لكانا على علم ببعضهما اكثر وتسامح اكثر، لأن المخطئ لابد له من الاعتذار عندما يدرك خطأه وكيف يدرك خطائه ان لم تعاتبه في بعض الامور. ولكن كيف لى ان اعاتب من احب والا افقد وده ؟ إن أفضل أنواع العتاب هي التي تكون بالتلميح وليس بالتصريح، أن العتب بالفعل يجلي الصدر، لكن بحسب المعاتب وطريقته في العتاب، “فيجب على المعاتب أن لا يضع الطرف الآخر موضع المتهم، ويجعله مضطرا إلى الدفاع عن نفسه بطريقة تبدو وكأنه يبرئ نفسه من تهمة مؤكدة، فقد يكون رد فعل عكسيا، وغير متوقع، ويخسر المعاتب الطرف الآخر . فإذا عاتب أيُّ شخص شخصا آخر، يجب أن يحدد بدقة الأشياء التي تزعجه فيه بشكل ودود ، وأن يضع النقاط على الحروف، مؤكداً الحرص على العلاقة مع الطرف الآخر ، والتأكيد على أن العتاب من باب الحفاظ على الود ، عملا بالحكمة القديمة التي تقول “علامة ما بين المحبين في الهوى عتابهم في كل حق وباطل .. ان العتاب لا يجدي نفعاً ولا يستميل صديق الا اذا كان عاطفياً رقيقاً لينا كاشفاً عن حب العاتب ورغبته في استعطاف صديقه واستدامة وده ، والحرص على استدامة العلاقة ، لان العتاب هو علامة من علامات الود والحب والرغبة فى ابقاء العلاقات صافية نقية .. العتاب فن، ينبغي أن يكون باباَ مفتوحاَ للحب والود والمشاعر الدافئة، و”فِلْتَرَ” العلاقات الإنسانية، ومصفاتها التي تنقي شوائبها فتظل صافية، نقية، ولا يجب أن يصل إلى درجة اللوم فيصبح رد فعل الطرف الآخر إما الصمت أو الهرب، أو المواجهة الجارحة.. فاذا ذهب العتاب ذهبت المودة، واذا زهدت فيه وفضلت الصمت عن العتاب ، فهذا مؤشر الى انهاء العلاقة وفتور العاطفة بالقلب وعدم الرغبة فى استمرار تلك العلاقة ، ولا حتى الرغبة فى تقبل اى اعتذار.. عند عدم العتب تموت المشاعر بالقلب وتزهد النفس عن سماع اى تبرير او اعتذار فالود يبقى ما بقى العتاب.

مشاركة :