وعدَ فأوفى، وعساكم من عواده

  • 7/31/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

وعد فأوفى، وعساكم من عواده نعايد عليكم جميعًا، وعساكم من عواده السنة وكل سنة ومن الفايزين والعايدين. ولأنها مناسبة سعيدة دعونا «نسولف سوالف سعيدة كذلك ولاحقين على غيرها»، وقد استوقفني كما استوقفت قطاعًا عريضًا في العالم، حكاية الرجل الذي فاز بيانصيب قيمته 22 مليون دولار فاقتسم قيمة الجائزة مع صدقه منفذًا وعدًا قطعه على نفسه قبل نحو 28 سنة خلت حين تعاهد الصديقان «توماس» وهذا هو اسمه مع صديقه «فيني» وهذا اسم الصديق على أن يقتسما أية جائزة يا نصيب يفوز بها أحدهما حين يحالفه الحظ. حدث ذلك عام 1992 وهو «وعد» بالكلام أو كما نقول باللسان دون توثيق أو حتى كتابة ورقة يحتفظ بنسخة منها كليهما، ودون شهود عُدْل، فقط بالكلام وبينهما والتفاهم قبل 28 سنةً مضت. وظل الصديقان وهما من هواة أو فلنقل مُدمنَا شراء أوراق اليانصيب، ولم يحالف أحدهما الحظ كل تلك السنين والأعوام، لكنهما لم ييأسا أبدًا وظلا يشتريان ويشتريان كل أسبوع. وأخيرًا وكما نقول ضرب الحظ مع «توماس» وفاز بجائزة يانصيب «22 مليون دولار» وبلا تردد رفع هاتفه الجوال وكلم صديقه «فيني» يبشره بالفوز ويلتزم بتقاسم الجائزة معه. ولم يصدق «فيني» وظنه يمزح كما قال فقد اعتقد أنهما ليسا من أصحاب الحظوظ، لكن «توماس» أكد له بجدية أنه فاز، وبالتالي فاز معه «فيني». وتقاسم معه المبلغ الكبير دون أن يلعب بعقله «الشيطان» أو تغريه الجائزة الضخمة فيلهف المبلغ عن صديقه، ولم ينكر الوعد بل التزم به بشكل أذهل من حوله ومن سمع من جيرانه، وحده «توماس» قالها «الوعد دين» لكن طبعًا بلغته! الآن يتساءل كثيرون وكتبوا ذلك، هل «توماس» بكامل قواه العقلية، أجل هذا ما كتبه البعض وقد نشر في «السوشال ميديا» في بلاده مثل هذا الكلام. وعندما نقل صحفي مشاغب إلى توماس هذه الملاحظة أو هذا السؤال الساخر منه، هزَّ كتفيه لا مباليًا، وقال بهدوء إنه لا يعرفون معنى الالتزام ومعنى الصداقة، ثم مضى مع صديقه يقتسمان الفرح ويضحكان من قلبهما بعمق كالأطفال. البعض بدا مذهولاً والبعض لم يصدق «السالفه» والبعض قال الكلمة المشهورة «كلام جرايد» يعني يحتاج إلى تدقيق، وتوماس كما نتصور من زمن انقرض آخر رجاله وظل توماس «بالغلط» أو بالحظ الذي يشابه حظه المليوني. ففي ذلك الزمن الذي أنقرض ستبدو الحكاية مقبولةً وربما اعتبرها بعض رجال ذلك الزمن عادية ومطلوبة أو بالأدق مطلوب الالتزام بالكلمة والوعد، لكننا في زمن قاسٍ وشرس يسرق فيه الأخ أخاه ويظلم الأب أولاده ويتقاتل الشركاء غدرًا و.. و.. و.. الخ. وبالنتيجة سيبدو «توماس» غريبًا في زمن غريب على مبادئه الأخلاقية التي عاشها ونشأ عليها، لذا بدا غير مبالٍ بالنقد الساخر، وقال دعهم إنهم لا يفهمون. ففي زمن قابلٍ لبيع وشراء كل شيء يخطر أو لا يخطر على البال وعندما تباع الأخلاقيات والمبادئ كما تباع علب «الكلينكس» في البقالات والطرقات وعلى ناصيات الشوارع، يصبح تصرف وسلك «توماس» مدعاةً لسخريتهم. المهم هو فرح توماس وفرح فيني، وقدرتهما على اقتسام السعادة كصديقين رقصا ذلك اليوم على لحن الوفاء للصداقة وقدما درسًا في الوفاء يحتاجه هذا الزمان، لكن من يتعلم الدروس، من يقبل أن يقتسم جائزةً بهذه الضخامة مع صديق عمره؟؟

مشاركة :