كورونا يضعف الشراء ويعدل أسعار الأضاحي في مصر | محمد حماد | صحيفة العرب

  • 7/30/2020
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

غيّر فايروس كورونا حال الأسواق في مصر، وأثر على سلوك المستهلكين، فأسعار السلع في تراجع، والأسواق تبحث عن مشترين، وخراف الأضاحي باتت صكوكا بعد أن كان صوتها يملأ الشوارع ليلا ونهارا قبل عيد الأضحى. ودفع تشابك الأمور الحكومة إلى استدعاء الفورة الاستهلاكية لأكثر من مئة مليون مصري أملا في ضبط دفة الأمور وإنقاذ الاقتصاد من حالة الركود. القاهرة - أطلق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مبادرة لتشجيع المنتج المحلي وتحفيز الاستهلاك، بهدف تشجيع المواطنين باختلاف قدراتهم المالية وشرائحهم الاجتماعية على زيادة الاستهلاك. وتراهن القاهرة على المبادرة التي تنطلق رسميا الأحد المقبل، وتواكب عيد الأضحى لإنقاذ الاقتصاد من حالة الركود، وعودة النشاط للأسواق مجددا بعد تراجع مستويات أسعار السلع والمنتجات التي أصبحت تبحث عن مشترين. وغيرت جائحة كورونا مراسم استقبال عيد الأضحى العام الحالي، وبدلت أيضا بوصلة الأسعار واتجاهاتها، بعد أن نال الوباء من القدرة الشرائية لغالبية الأفراد، وتداعت المراكز المالية وأنشطة الشركات. وتبحث خرفان العيد عن مشترين بعد أن كانت بورصتها تشتعل كل عام، وتنشط حركة تجارتها، وأسعار الخضر والفاكهة في تراجع مستمر، لكن غياب السيولة في جيوب المواطنين عمّق جراح الأسواق، وأدى إلى تباطؤ الاقتصاد. وقال محمد معيط وزير المالية المصري، إن “مبادرة تنشيط الاستهلاك تستهدف تحقيق قوة شرائية جديدة بالأسواق بنحو 7.8 مليار دولار”. وأضاف في تصريح لـ”العرب”، أنه تم التنسيق مع اتحادي الغرف التجارية والصناعات المصريين لضم عدد كبير من الشركات للدخول في المبادرة مع منح الأفراد خصومات تصل لنحو 20 في المئة لتحفيزهم على الشراء. ورصدت الخزانة العامة للبلادحزمة مالية لدعم محدودي الدخل وأصحاب البطاقات التموينية التي تصرف سلعا مدعمة بنحو 780 مليون دولار عبر تخصيص دعم نقدي على البطاقات التموينية بقيمة 12.5 دولارا لكل فرد وبحد أقصى 62.5 دولارا للأسرة. وتأمل القاهرة أن تستدعي هذه الحوافز الفورة الاستهلاكية لمئة مليون نسمة والمساهمة في توفير السلع بأسعار مخفضة للمواطنين ما يساعد على ارتفاع مستوى الرضاء العام، وتشجيع المنتج المحلي، وتحفيز الاستهلاك كمكون أساسي من مكونات نمو الناتج المحلي الإجمالي. وتسهم المبادرة في تشجيع المصانع على زيادة الإنتاج وتشغيل خطوطها بالطاقة القصوى لها وزيادة فرص العمل، بجانب زيادة كميات السلع المباعة من خلال المحال والسلاسل التجارية، وتعميق الشمول المالي من خلال الشراء بالبطاقات التموينية. ورصد جهاز الإحصاء المصري، معاناة الأسواق من خلال دراسة حالة لوقع كورونا على المصريين، وأظهر أن 62 في المئة من الأسر تأثرت بشكل مباشر بتداعيات الوباء. وأصبح 55.7 في المئة من الأفراد يعملون لساعات أقل ما أثر على مستويات دخولهم، فيما تعطل نحو 26.2 في المئة، ونحو 18.1 في المئة أصبحوا يعملون بشكل متقطع. وانعكست هذه النتائج على مستويات الدخول، ورصد مسح أجراه الجهاز أن 73.5 في المئة من الأفراد أفادوا بأن دخولهم تراجعت نتيجة تداعيات كورونا على النشاط الاقتصادي. ورغم تزامن هبوط الأسعار مع تسجيل معدلات التضخم لمستويات سالبة لأول مرة، ما يعني أن الأسعار دخلت دائرة التراجع، سجل معدل التضخم الشهر الماضي نحو سالب 0.1 في المئة، لكن جهاز الإحصاء رصد تراجعا ملحوظا في وتيرة الاستهلاك لدى المصريين. وتصدرت قائمة السلع الغذائية التي انخفض استهلاكها الطيور والأسماك والفاكهة، وأرجع جهاز الإحصاء ذلك إلى انخفاض دخل الأسرة، أما قائمة السلع غير الغذائية فضمت الملابس، والدروس الخصوصية التي تتصدر بنود إنفاق غالبية الأسر. أوضح حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، أن سوق الأضاحي يشهد ركودا بسبب ضعف القوة الشرائية وتدني مستويات الدخول وتراجع الحالة الاقتصادية، نتيجة تداعيات أزمة كورونا، فضلا عن زيادة المعروض. وأشار لـ”العرب”، إلى أن الفلاحين وتجار بيع المواشي خلال الأشهر الماضية كانوا في انتظار عيد الأضحى، ما تسبب في زيادة المعروض مع تدني الطلب، علاوة على استيراد وزارة الزراعة لعجول تسمين وطرحها بالأسواق حاليا. يتراوح سعر كيلوغرام اللحم الحي من الخراف بين 3.4 دولار إلى 3.7 دولار، وهذه المستويات أقل من أسعار العام الماضي بنحو دولار. وساهم تباطؤ سوق الأضاحي في صعود نجم شراء صكوك الأضحية بدلا من عمليات الذبح، كأحد الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فايروس كورونا. ووقعت وزارتا الأوقاف والتموين والتجارة الداخلية بروتوكول تعاون لتوفير 700 طن لحوم أضاحي، ما يعادل أربعة آلاف رأس من البقر تم التعاقد عليها حتى الآن لتوزيعها مجانا على الأسر المعروفة بأنها الأولى بالرعاية، ويتم تمويل المشروع من خلال مشروع صكوك الأضاحي. وقال أشرف حسني، عضو شعبة الصناعات الغذائية بالغرفة التجارية للقاهرة، إن أسعار السلع الغذائية تقف عند مستويات مشجعة على الشراء، وننتظر المستهلكين. ولفت لـ”العرب”، إلى أن المنافسة الكبيرة بين منافذ بيع السلع الغذائية سبب رئيسي في استقرار الأسعار، إذ تتعدد سلاسل التجزئة بين المجمعات التابعة لوزارة التموين، والغرف التجارية، وكذا التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، ومنافذ أمان تابعة لوزارة الداخلية، والسوبر ماركت الخاصة، ومحلات البقالة. وأمعن جهاز الخدمة الوطنية خلال السنوات الماضية في توسيع نطاق سلاسل توزيع السلع الغذائية، مع تفعيل نظام الأسواق المتنقلة عبر سيارات عرض السلع في مختلف أرجاء البلاد، الأمر الذي ضبط إلى حد كبير منظومة أسعار السلع. ويعود تراجع القوة الشرائية حاليا لسببين، الأول أن انخفاض الفورة الاستهلاكية للمصريين وحمى تخزين السلع مقارنة ببداية تفشي جائحة كوفيد – 19 التي شهدت موجات شراء غير مسبوقة في الأسواق، والثاني عدم قدرة المصريين على تلبية جميع احتياجاتهم، وباتت الأولويات للسلع المهمة فقط. وكشف حاتم النجيب، نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة بالغرفة التجارية للقاهرة، أن السوق المصرية تشهد زيادة في الكميات المعروضة من الخضروات والفاكهة، حيث هبطت أسعارها بسبب تباطؤ الطلب. واستثنى النجيب، الفاصوليا الخضراء من الهبوط، قائلا لـ”العرب”، إنها حالة تتكرر سنويا، جراء ارتفاع درجات الحرارة خلال شهري يونيو ويوليو وتأثيرها على إنتاجها، لأنها من المحاصيل الأكثر إنتاجية في فصل الشتاء. ورغم المشكلات الاقتصادية التي تواجهها القاهرة لتراجع الطلب نتيجة تداعيات كورونا، إلا أنها جعلت المستهلك أكثر رشادة، وهي من أهم إيجابيات كورونا، وعلى أصحاب المصانع البحث عن آليات جديدة تناسب هذا السلوك الحميد عبر البحث عن منافذ تسويق خارجية، وتطوير عمليات التصنيع، لزيادة القيمة المضافة على المنتجات، بما يحفز تسويقها داخليا وخارجيا.

مشاركة :