عندما تكون المصالحة خيانة وجريمة! | شريف قنديل

  • 7/18/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

على استحياء، وكأنّها جريمة، بدأت شخصيات حزبية مصرية تدعو للمصالحة؛ باعتبارها الآن «واجبة»! والواضح أن كلَّ مَن سيدعو للمصالحة المجتمعية سيتعرّض لقصف بالمدفعية الثقيلة والخفيفة ممّن يروق لهم أن تستمر الدوّامة! والواضح كذلك أن الدَّاعين للمصالحة، والسلم المجتمعي لا ناقة لهم ولا جمل، وبمعنى أوضح لا قناة فضائية لهم ولا موقع، ومن ثم فإن التشويه حدّ التجريح، والشتائم حدّ التوبيخ ستنهال على كلِّ مَن يجاهر بدعوته للمصالحة.. تصوَّر؟! ومهما كان حجم أو أهمية الدّاعي للمصالحة -فردًا كان أم مجموعة، حزبًا كان أو جماعة، من الداخل أو من الخارج، من العرب أو من الأجانب- فإنه سيتعرّض -بالتأكيد للتشكيك- ليس في ولائه وإخلاصه وحبه لمصر، وإنّما ستطاله تُهم العمالة، والخيانة، والعمل لحساب جهات خارجية، فإن كان هو من جهات خارجية، فيُتّهم على الفور بالاتصال والتنسيق مع جهات داخلية! المؤلم كذلك أن حملات التشكيك والتجريح لن يكون مصدرها الوحيد هؤلاء المدافعون عن الوضع بصورته الحالية، وإنما سيشمل أيضًا أولئك الواقفين في المعسكر المعارض! وبتوضيح أكثر، فإن «المشكك» من الفريق الأول سيتّهم الدّاعي للمصالحة بأنه يتآمر ويناور، كما أن «المشكك» من الفريق الآخر سيتّهم الدّاعي للمصالحة بالخيانة، وبيع القضية! إن كل شهر يمر، بل كل أسبوع، بل كل يوم يمر دون الدعوة لترطيب النفوس في مصر سيزيدها حقدًا وغِلاً ورغبة جامحة في «الإعدام» من جهة، والانتقام من جهة أخرى! لقد بلغت الغطرسة مداها في الجانبين معًا، ووصل الغرور حدّ الإحساس بأن الحل الوحيد هو استمرار الوضع على ما هو عليه.. والحق أن ما هو عليه يدعو للخوف والقلق، ولا يبعث أبدًا على الأمان والاطمئنان. ويقينًا وبعملية حسابية، أو اقتصادية، أو حتى اجتماعية لو أنه أمان واطمئنان لما كان ذلك حال السياحة والاقتصاد والبيت المصري. هنا سيتصدّى لك مَن يقول: ومَن السبب؟! فإن أجبت بأي إجابة ستتعرّض ليس للتشكيك والتجريح فقط، وإنما لماء النار! ليس من هذا الجانب فقط، وإنما من الجانبين معًا.. الأول يؤكد أنك خائن، والآخر يؤكد أنك: أيضًا خائن! هل يعني ذلك أن يصمت الدّاعون والسّاعون للمصالحة؟! الإجابة الشافية تقول: لا! لا لكل غطرسة بداعي كرامة مصر، ولا لكل غرور بداعي إنقاذ مصر.. مصر الحب والسلام والتسامح مثل النيل.. تراقب، وتفرز، وتكظم، وتمتص.. لكنها في النهاية ستقتص من كلِّ مَن ساهم -ولو بكلمة- في تمزيق الصف. sherif.kandil@al-madina.com

مشاركة :