منذ سيطرتها على تلك المنطقة قبل عامين وحتى اليوم، ما زالت انتهاكات الميليشيا الموالية لتركيا شمال سوريا مستمرة، ورغم التنديد الدولي والاستغاثات المحلية، تبقى اعتداءاتها سيدة الموقف هناك. أما الجديد، تعذيب في أقبية يفضي إلى الموت، فقد أفادت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأحد، بمقتل مواطن تحت وطأة التعذيب في سجون الشرطة العسكرية الموالية لتركيا في تل أبيض، بعدما نفذّ أمراً بإحضاره إلى مقرهم قبل أسابيع، لتعتقله تلك الجهة وتقوم بتعذيبه، ثم طالبت ذوييه بدفع غرامة كبيرة لإطلاق سراحه إلى أن توفي. وكان الشاب القتيل عنصرا سابقا في صفوف قوات سوريا الديمقراطية، إلا أنه ترك القتال مع دخول أتباع تركيا إلى المنطقة.نهب ممتلكات وتغيير بقوة السلاح لم تكن تلك الحادثة الوحيدة، فقد أفادت مصادر المرصد الأسبوع الماضي، بأن مسلحين من ميليشيا تعرف باسم "فرقة الحمزات" الموالية لتركيا، أقدموا على سرقة عدد من منازل المواطنين في قرية "قدا" التابعة لناحية راجو في ريف مدينة عفرين شمال غرب حلب، في إطار تضييق الخناق على من تبقى من أهالي المنطقة لإجبارهم على الخروج منها. وبحسب المعلومات، فإن ميليشيا فصيل "سليمان شاه" المعروف بـ"العمشات"، قد أجبرت سكان قرية ياخور التابعة لناحية معبطلي في ريف عفرين، على الخروج من منازلهم ووضعهم في مخيمات عشوائية واقعة عند الأطراف الشمالية للقرية. كما استقدمت الميليشيا عناصر من عدة كتائب تابعة للفصيل، واتخذوا منازل المدنيين مقرات لهم، إضافة إلى قيام عناصر أمنية تابعة لما يعرف بـ"جيش الشرقية" الموالِ لتركيا، بتهديد نحو 50 عائلة نازحة من مناطق العمليات العسكرية خلال الفترة الأخيرة ضمن محافظتي إدلب وحلب، وإجبارهم على إخلاء المنازل التي يقطنوها في مدينة جنديرس بريف عفرين شمال غرب حلب خلال مهلة محددة، وفي حال رفض الأهالي يتم طردهم بقوة السلاح، ما يهدف إلى تغيير الواقع الديموغرافي في المدينة لصالح النفوذ التركي ومقاتليه.عودة لعصر "الجباية" ونتيجة عمليات السلب والجبايات التي تفرضها الفصائل الموالية، تزايدت معدلات الفقر بين المواطنين في عفرين، حيث يرزح 47% من المواطنين السوريين تحت خط الفقر، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة التي تجاوزت 70%. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد تعمدت الفصائل استغلال المرافق العامة لجباية الأموال، حيث أنشأ فصيلي السلطان مراد ولواء الشمال أبنية ومحال تجارية في محيط الملعب بمدينة عفرين وأجروها لصالحهم، فيما واصلت تلك الفصائل أعمال الحفر والإنشاءات لاستغلال تلك المرافق العامة الحيوية وتأميمها في المنطقة والانتفاع بعائدها لصالح النفوذ التركي وفصائله.على خطى داعش.. تدمير الآثار في السياق أيضاً، تواصل الفصائل الموالية لتركيا أعمال التنقيب عن الآثار وحفر وتخريب المزارات الدينية بحثًا عن تحف أثرية في عفرين. ففي أبريل/نيسان الماضي، بدأ فصيل "العمشات" بعمليات الحفر في تل "أرندة الأثري" الواقع في ناحية "الشيخ حديد" في ريف عفرين الغربي، الذي يتعرض بشكل شبه يومي لعمليات حفر بمعدات ثقيلة بحثًا عن الآثار، ما أدى لتضرره بشكل كبير وإحداث دمار هائل به نتيجة عمليات البحث العشوائية المتواصلة. كما شهد مزار "شيخ حميد" في قرية قسطل جندو التابعة لناحية شران في ريف عفرين أعمال حفر وتخريب. ويعتبر ذلك المزار مكاناً مقدساً للكرد الإيزيديين، ومعلماً تاريخياً لمنطقة عفرين، وتتم هذه الأفعال بتسهيل من المخابرات التركية.هجمات وانفجارات وغياب الأمن يذكر أن مدينة عفرين كانت شهدت عدة توترات وانفلاتات الأمنية اتخذت أشكالًا عديدة ما بين اشتباكات بين الفصائل المتناحرة وانفجارات المفخخات. فقد عاشت المنطقة الأسبوع الماضي اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة بين مجموعات متناحرة فيما بينها تابعة للميليشيات وسط الأحياء السكنية لعفرين دون أسباب واضحة، أسفرت عن مقتل مواطنة وإصابة طفلها بجروح خطيرة، بالإضافة لوقوع جرحى آخرين من المدنيين.الاعتداء على الجميع وثق المرصد أيضاً عدة وقائع تكشف انتهاك حقوق المدنيين بمختلف الأعمار، حيث اعتقلت الميليشيات قبل أشهر نساء مسنات في ريف عفرين وأخلي سبيلهن بعد دفعهن غرامات مالية. كما وقعت حادثة اغتصاب فتاة عفرينية في ريف عفرين أواخر يونيو/حزيران الماضي، من قبل عناصر فصيل "السلطان مراد" الموالية لتركيا، ثم هددوا العائلة بتصفيتها إذا لم يتم التكتم على الأمر. فيما أكدت مصادر موثوقة للمرصد، وجود عشرات النساء العاريات في معتقلات فرقة الحمزة.رمي من الأعلى.. قتل أطفال وعن حوادث قتل الأطفال، كشف المرصد طريقة جديدة إلى جانب الانفجارات والاجتياحات وعمليات الاقتتال بين الفصائل، وهي "الرمي من شاهق"، فقد توفي طفل من مهجري ريف دمشق بعد إلقاءه من قبل مجهولين من الطابق السادس، وقبل ذلك توفي أيضاً طفل بالطريقة ذاتها، كما أصيب 3 آخرين لنفس الأسباب. ووفقاً لأحد الأطفال الذين أصيبوا، فإن "سيدة هي من تقوم بدفعهم من علو شاهق ليسقطوا أرضاً". يذكر أنه وبحسب معلومات المرصد، فقد أدت سياسات القوات التركية والفصائل الموالية لها في عفرين، إلى كوارث بيئية وإنسانية، ما يدفع بجهات مدنية وحقوقية إلى المطالبة بمحاسبة أنقرة وميليشياتها عن تلك الأفعال.
مشاركة :