بعد التوصل إلى اتفاق إيران مع الدول (5+1).. بات على دول المنطقة أن تتصرف وفقاً لما تقتضيه مصالحها المهددة بأخطار مضاعفة الآن.. •• فعلى الرغم من التطمينات التي أطلقها الرئيس الأميركي أوباما عقب الإعلان عن هذا الاتفاق.. إلا أنه لا بد من القول إن إيران ومنذ اليوم أصبحت دولة نووية بعد أن اعترفت أكبر ست دول في هذا العالم بها كقوة إقليمية يحسب حسابها في كل الأحوال.. وهذا ما كان الإيرانيون يسعون وراءه منذ مدة طويلة.. وذلك أيضاً ما سوف يشجعهم على التمادي في تنفيذ مخططاتهم الطموحة في الإقليم.. وهذا ما سوف يجعلهم يواصلون تدخلهم وبقوة – في المرحلة القادمة – في الشؤون الداخلية لدول الإقليم.. وهذا – بكل تأكيد – سوف يحولهم إلى مصدر خطر حقيقي على كل دولة من دول المنطقة أيضاً.. •• لكن.. قبل أن نتحدث عما يمكن لدولنا أن تفعله بمواجهة هذا الاتفاق.. فإن علينا أن ندرك الحقائق التالية: * أولاً: إن هذا الاتفاق سوف يسمح لإيران باسترداد (500) مليار دولار مجمدة في البنوك والمصارف العالمية كجزء من العقوبات المطبقة ضدها.. وهذا يعني مضاعفة قدرتها على دعم أصدقائها وأدواتها في المنطقة بصورة أكبر سواء في سورية.. ولبنان.. أو في اليمن والعراق وليبيا وغيرها.. وفي زيادة قدرتها على الإنفاق على حروبها تحقيقاً لأجندتها التوسعية. * ثانياً: إن الإنفاق سوف يعطي الاقتصاد الإيراني دفعة قوية.. بحيث تتسابق الدول الست على الدخول إلى أسواقها.. وتلبية طلباتها من السلاح.. والفوز بالفرص الاستثمارية الجديدة.. والحصول على صفقات سلاح طائلة.. وذلك كله يصب في تعزيز القوة الإيرانية ليس على المستوى الاقتصادي فحسب.. وإنما على مستوى التسلح وامتلاك القدرة على التهديد لدول الإقليم. * ثالثاً: إن الاتفاق يمكن الرئيس الأميركي أوباما من إنجاح سياسته الاقتصادية التي طبقها بتبنيه سياسات وفرت الكثير من الأموال على بلاده جراء تخفيض ميزانية الإنفاق على الحروب والمشاركات الأميركية في الخارج.. وهو ما سوف يمكنه في النهاية من تمرير هذا الاتفاق من الكونجرس الأميركي. * رابعاً: إن الاتفاق يخدم سياسات الرئيس الروسي "بوتن" ويعزز قدرة بلاده على الصمود اقتصادياً.. وذلك بالحد من الأعباء المترتبة على حروبها الكثيرة ولا سيما في أوكرانيا.. وسورية.. وفي غيرهما.. كما يضاعف فرص بلاده في لعب أوراق أخرى تملكها في المنطقة والعالم.. وليس بعيداً عن هذا وذاك ما سوف تحققه أيضاً بريطانيا وألمانيا وفرنسا.. والصين وبصورة أكثر تحديداً.. •• لكل ذلك أقول.. •• إن الوضع خطير.. وخطير للغاية.. وإن الحاجة تبدو أكثر إلحاحاً إلى التحرك على جميع الأصعدة.. وإدارة حوار مباشر وشفاف مع الدول (5+1) من جهة.. وللعمل على تعزيز قدراتنا الذاتية كبلد.. وكمنظومة خليجية واحدة.. وكمجموعة عربية متجانسة تشعر بنفس التهديد.. وتفكر بنفس الطريقة وتبحث عن الضمانات الأفضل لتأمين الاستقرار في بلدانها ومواجهة هذا الواقع الجديد بشكل جماعي.. ومتماسك.. •• وكما فتحت إيران هذا الباب على مصراعيه.. فإن علينا أن لا نتأخر عن اقتحامه بقوة.. وبالسرعة المطلوبة.. مستفيدين من حالة التهيؤ الدولي لتقديم المصالح الاقتصادية على القضايا الأمنية الراهنة.. فنحن أمام واقع جديد لا مجال فيه للحديث عن السباق في التسلح بحساسية مفرطة.. •• وعلى دول المنطقة أن تبحث فيما بينها أفضل طرق التعاون والتكامل والتنسيق في هذا المجال الحيوي الهام.. بعد أن أصبح هو الخيار الأمثل.. •• ولست أدري إن كان هذا المسار هو في صالح دولنا وشعوبنا أم لا.. لكن الذي أدريه هو أن التردد أو التأخر في دخوله لن يخدمنا في كل الأحوال.. •• شيء آخر سيفرضه هذا الاتفاق على دول المنطقة هو العمل على تحقيق التوازن في علاقاتنا مع كافة دول العالم تبعاً لحجم مصالحنا مع كل دولة.. مع الاحتفاظ بالحد المطلوب من التعاون المتكافئ والبعد عن المخاطر بقدر الإمكان.. •• لذلك قلت إن الوضع بات خطيراً وحساساً.. والتعامل مع هذه الملفات يحتاج إلى مزيد من الدهاء السياسي البعيد عن الحماس والمخاطر. *** • ضمير مستتر: * (من الذكاء أن تعيش قوياً وسط الأقوياء.. وليس بالدخول في مواجهة معهم).
مشاركة :