قد يكون ثاني أكبر اقتصاد في العالم تعافى إلى حد كبير من انكماش تاريخي ناتج عن فيروس كورونا، لكن معدل البطالة بين الطلاب الذين تخرجوا في يونيو/حزيران كانت نسبته أكثر بثلاث مرات من نسبة البطالة في المدن.وإدراكاً منها لخطر أن تؤدي بطالة جماعية إلى إثارة اضطرابات سياسية، ما يهدد تعهد الحزب الشيوعي بازدهار الأمة، مقابل سلطة سياسية لا مساءلة فيها، تبذل الحكومة جهوداً لتعزيز توظيف الخريجين عبر شركات تابعة للدولة، لكن الفرص الأكثر شحاً هذا العام، تدفع البعض إلى متابعة الدراسة، أو القبول بوظائف أقل مثالية أو اللجوء إلى خيارات أخرى.قلق كبيروعلى الرغم من أن الاقتصاد الصيني بدا وكأنه حقق عودة قوية في الربع الثاني من العام، بحيث نما بنسبة 3,2% على أساس سنوي، يحذر المحللون من أن الانتعاش قد يكون مبالغاً فيه، مع ظهور هوة بين الأرقام الوطنية والبيانات التفصيلية الأكثر دقة.وقال لويس كويجس من أكسفورد إيكونوميكس، إنه لا يوجد شك في أن الصين تتعافى، لكن حجم التعافي سيحدد ما إذا كان النمو «قوياً بما يكفي لحل بعض مشكلات سوق العمل» التي ظهرت في وقت سابق من هذا العام، مثل حالات التسريح من العمل.وأضاف أن الفجوة في النمو ببضع نقاط مئوية، يمكن أن تؤدي إلى فارق بملايين فرص العمل التي تم توفيرها. وقال اقتصاديون من مؤسسة «يو بي أو» المصرفية العالمية في تقرير، إنه على الرغم من انخفاض معدل البطالة في المناطق الحضرية في الصين إلى 5,7% في يونيو/حزيران، فإن 19,3% من الخريجين الجدد عاطلون عن العمل. وأضاف التقرير أن سوق العمل «لا يزال يواجه تحديات».من جانبه، عاد كانج (27 عاماً) الذي تخرج عام 2017 إلى معرض الوظائف بعد انتهاء عقده في إحدى شركات الاتصالات في بكين.وقرر العودة إلى تشنجتشو، لكنه تلقى فقط خمسة اتصالات بعد إرسال سيرته الذاتية إلى 30 شركة وما زال يبحث عن وظيفة. وقال: «تفشي الفيروس أدى إلى محدودية السفر، وتم تأجيل أو إلغاء كثير من معارض العمل. أنا قلق جداً».ولفت لو ييفان (25 عاماً) إلى أن هذا الوباء تسبب في عودة العديد من الطلاب الصينيين المغتربين مثله إلى الوطن، في وقت أقرب مما كان مقرراً؛ الأمر الذي زاد تدفق الباحثين عن عمل.وقال تشاو جينج يينج (22 عاماً)، وهو أحد الخريجين في جوانجدونج لوكالة «فرانس برس»: «بالنسبة إلينا (هذا العام)، الحصول على عرض عمل واحد عمل بطولي». وتخرّج هوو رويشي (23 عاماً) في جامعته في بكين في يوليو/تموز، لكنه يخطط لإكمال دراسته بعد بحث فاشل عن العمل لمدة خمسة أشهر.الضغوط تزدادوتتسبب هذه الأزمة أيضاً في مشكلات لأرباب العمل. وقال يانج تشانج وي، وهو مدير في شركة «ديو ريل استيت» للعقارات لوكالة «فرانس برس» في معرض تشنجتشو، إن تعيين موظفي مبيعات على أساس العمولة يزداد صعوبة، مضيفاً: «يبدو الأمر كأن عقليات الباحثين عن عمل قد تغيرت». وأوضح: «في المبيعات، لديك احتمال عقد صفقات أو عدم عقدها، لكن مع وظائف أخرى يمكن أن يكون هناك مزيد من الاستقرار في الدخل. وبسبب الوباء، فإن الضغوط المالية ازدادت أيضاً».ويكثف المسؤولون جهودهم لتوفير وظائف للخريجين، وقد أعلن رئيس الوزراء لي كه تشيانج، أنه سيتم توفير أكثر من تسعة ملايين وظيفة جديدة هذا العام.وأفاد توجيه صادر عن مجلس الدولة في مارس/آذار، بأن الشركات الأصغر حجماً التي توظف خرّيجين بعقود تزيد مدتها على عام ستحصل على دعم، في حين ستوسع الشركات التابعة للدولة نطاق توظيف الخريجين هذا العام والعام المقبل.وعلى سبيل المثال، أعلنت سلطات هينان، أن نصف الوظائف على الأقل في الشركات التابعة للدولة في المقاطعة، ستحجز لخريجي هذا العام، في حين خصصت مدينة نانجينج في مقاطعة جيانجسو مليار يوان (143 مليون دولار) لتوفير 100 ألف تدريب مهني للخريجين الذين يعانون صعوبات، وفق ما أفادت به وكالة «شينخوا» للأنباء. (أ ف ب)
مشاركة :