يشهد انضمام النساء والفتيات إلى عالم الألعاب الإلكترونية كلاعبات محترفات تزايدا ملحوظا، حيث بات هذا العالم يستهويهن، إلا أنهن يعانين في هذه المساحات من الكثير من المشكلات مثل التحيز الذكوري والتحرش الجنسي والعنف اللفضي. برلين - بعد أن تم توجيه الاتهام بالتحرش الجنسي لأحد اللاعبين البارزين في مجال ألعاب الفيديو، والذي يقوم بالمشاركة في الألعاب الإلكترونية على الإنترنت مباشرة، تقدمت المئات من النساء للتعبير عما تعرضن له في ساحة هذه الألعاب، من التحيز النوعي ضدهن وإساءة استخدام السلطة والإكراه والتحرش من قبل اللاعبين الرجال. تفجرت موجة من الغضب في ساحة الألعاب الإلكترونية على الإنترنت “Gamers are upset”، ووسط حركة “مي تو” “أنا أيضا” التي تشكلت للإعراب عن غضب النساء مما يتعرضن له من تحرش جنسي، بدأت مجموعات من النساء في تجميع الاتهامات التي زادت على 180 اتهاما، مما أدى إلى انسحاب عدد من اللاعبين البارزين في هذا المجال بهدوء من الساحة، بينما أعلنت الشركات التي تستضيف ألعاب الفيديو على الإنترنت، إجراء تحقيقات حول الشكاوى واتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها. ولم يثر كل ذلك دهشة كريستين بانسي، التي انضمت إلى الرابطة الألمانية للألعاب الإلكترونية كعضو في مجلس الإدارة لشؤون التنوع عام 2020. ومن بين مهام وظيفة بانسي دعم النساء في مجال هذه الألعاب ومساعدتهن على اكتساب مكانة عالية فيها، وقالت لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنه “بالنسبة للكثير من النساء في مجال الألعاب الإلكترونية، فإنه للأسف نجد أن التمييز ضدهن على أساس النوع وتعرضهن للتنمر، صار جزءا من الحياة اليومية في هذا المجال مما يبعث على الأسى”. وترى بانسي أنه تم تجاهل مثل هذه الحالات والمشكلات منذ فترة طويلة، وهذا هو السبب في أن نساء كثيرات يخرجن إلى النور الآن، وتقول إن “العديد من النساء تحدثن عن هذه القضايا طوال سنوات وحاولن لفت الأنظار إليها”. وكانت معظم الحالات تنقصها الأدلة، مما يجعل من الصعب التأكد من رواية كل من الطرفين عما حدث، وتؤكد بانسي أنه يجب على الشركات والمنظمات أن تتخذ الإجراءات اللازمة حيال هذه الأوضاع، وتقول إنه “لا يوجد مجال في فضاء الألعاب الإلكترونية للتحرش الجنسي، وفي حالة ظهور مؤشر على وجود سلوك خاطئ، فيتعين إجراء تحقيق على الفور”. ويلاحظ أن بعض اللاعبين الذين يواجهون الاتهامات من الأسماء الشهيرة في هذا المجال، فمثلا وجه العديد من النساء الاتهامات بالتحرش الجنسي إلى جرانت هاريس، المعلق واللاعب البارز في لعبة الفيديو الشهيرة “دوتا2-”، وقدم اعتذارا عن سلوكه في تغريده على حسابه بتويتر، وأعلن أنه سيعتزل مجال ألعاب الفيديو. غير أن الأضواء لا تسلط تماما على المشكلة التي قد تكون لها أبعاد خفية في التجارب اليومية لممارسة ألعاب الفيديو، كما تواجه النساء اللاتي يلعبن في أوقات الفراغ أيضا التحيز الذكوري ضدهن، وعلى سبيل المثال خلال الألعاب التي يشارك فيها أكثر من فرد، حيث يتم تشكيل الفرق بشكل عشوائي ويتحدث الأعضاء مع بعضهم البعض، وتشكو النساء +من التعليقات المتسمة بالتحيز ضد المرأة والإهانات التي أصبحت شائعة. ومع ذلك يحقق مطورو الألعاب تقدما في مجال مكافحة التحرش، وفي هذا الصدد تقول بانسي “أصبحت الكثير من الشركات تدرك أبعاد المشكلة وتتحرك في الاتجاه الصحيح، وبدأت في اتخاذ إجراءات تعتمد على التقنيات الحديثة مثل السماح بالتواصل غير اللفظي بين اللاعبين، وذلك لتسهيل مشاركة النساء في الألعاب”، وتضيف أن ورش العمل والدورات التدريبية ستساعد المطورين على التعامل مع هذه القضية. وتواجه أيضا “تويتش” وهي أكبر منصة للبث المباشر في سوق ألعاب الفيديو انتقادات متزايدة، ومؤخرا غردت “تويتش” -وهي شركة تابعة لأمازون- على تويتر قائلة إنها بدأت تحقيقا داخليا حول عدد من الشكاوى، ولكنها لم تكشف عن طبيعتها أو أسماء الأفراد الخاضعين للتحقيق. وفي بيان عام قال إيميت شير المدير الإداري إن الشركة بحاجة إلى تحسين أدائها، وأضاف “في الوقت الذي أصبحت فيه هذه القضية تثير اهتماما واسعا في مجال صناعة الألعاب الإلكترونية، فإننا نقر بأن كثيرا من المشاركة على “تويتش” وكذلك الأفراد الذين يصفون خدماتنا بأنها بمثابة بيت لهم، لم يكونوا على المستوى الذي نطمح إليه، وستعمل الشركة مستقبلا على التركيز بدرجة أكبر على هذه النقطة”. كما انعكست المشكلة على عدم المساواة في الأجور بين اللاعبين واللاعبات في مجال ألعاب الفيديو. وأجرى موقع “كازينو” المتخصص في صناعة ألعاب الفيديو تحليلا لعدد 500 من اللاعبين الأعلى حصولا على الإيرادات من ممارسة الألعاب، وعلى 25 من اللاعبين واللاعبات الأكثر حصدا لأعداد المتابعين على منصة “تويتش”، وأيضا ردود أفعال 388 من اللاعبات، وذلك بهدف فهم الفجوة الواسعة بين الجنسين في ألعاب الفيديو. وأشار التحليل إلى أن اللاعبات “لا يحصلن في المتوسط على قدر من الدخل مساو للاعبين، وحصلت امرأة واحدة على مرتبة عالية من بين 500 من أكبر الحاصلين على دخول، من المشاركة في بطولات الألعاب الإلكترونية”. وترى بانسي أن مجال الألعاب الإلكترونية يتعين عليه أن يبذل مزيدا من الجهد لكفالة المعاملة المتساوية للنساء، وتقول “إنه لأمر أساسي أن يحصل كل فرد على نفس الفرص، بغض النظر عن النوع أو الأصل أو الحالة البدنية، ولكن يجب علينا أن نواجه التمييز بقوة، سواء في التواصل عن طريق الحوار بالرسائل النصية أو الصوتية أو في الواقع”. وتؤكد أنه من الضروري أن يقوم جميع اللاعبين، حتى أولئك الذين لم يتأثروا بالمشكلة، بالمزيد من العمل لدعم حقوق المرأة في مجال ألعاب الفيديو. وأكد تقرير حديث لهيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي”، أن هناك جانبا مظلما في موضوع تزايد عدد اللاعبات الإناث يتمثل في أن الكثيرات منهن يتعرضن للتحرش عبر الإنترنت. وقالت اللاعبة فاليري أونغ، 19 عاما، التي تعيش في سنغافورة تعرضت للتحرش عبر الإنترنت “ما أن تصبحي شخصية معروفة ويبدأ الناس في الاهتمام بك، حتى يكرهك الكثيرون ويعملون على اصطياد أخطائك. يمكن لأجواء لعب الفيديو أن تكون سامة للغاية”. ونصح الخبراء الفتيات والنساء باستخدام اسم مستعار لا يتضمن الاسم الحقيقي أو أي معلومة حقيقية عند إنشاء الحساب.
مشاركة :