اكتشاف جينات مشتركة للإبداع وانفصام الشخصية

  • 7/19/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بينت نتائج دراسة إيسلندية جديدة، أن الجينات المسؤولة عن العبقرية والإبداع تتطابق كثيراً مع أجزاء الحمض النووي المرتبطة بانفصام الشخصية ومرض الهوس الاكتئابي. وقال العلماء الإيسلنديون إن العوامل الوراثية التي تزيد خطر الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب، وانفصام الشخصية، توجد في المبدعين أكثر منها بين أصحاب المهن الأخرى. بحسب الدراسة فإن احتمالات وجود الجينات التي تسبب هذه الأمراض العقلية في الرسامين والموسيقيين والكتاب والراقصين، تزيد بنسبة 25 في المئة على احتمالات وجودها لدى أصحاب مهن أخرى، أقل إبداعاً مثل المزارعين والعمال اليدويين والباعة. وقالت كاري ستيفنسون مديرة مختبر شركة ديكود الأيسلندية للأبحاث الوراثية (deCODE genetics) إن نتائج الدراسة التي أجرتها الشركة ونُشرت في مجلة نيتشر نيوروساينس العلمية، تشير إلى وجود بيولوجيا مشتركة بين بعض الاضطرابات العقلية والإبداع. ودعت ستيفنسون المبدعين إلى أن يفكروا بطريقة مختلفة، وقالت: حين يكون المرء مختلفاً نميل إلى وصفه بالغرابة وحتى الجنون. وأوضخت قائلة: استخدمنا في المختبر أحدث المعدات الوراثية في دراسة كيفية عمل الدماغ، يجب أن لا تثير النتائج التي حصلنا عليها الدهشة والتعجب، لأن المبدعين يفكرون بصورة مغايرة عن الآخرين، ولقد بينا في دراسات سابقة وجود خيارات في الحمض النووي لهم مرتبطة بمرض انفصام الشخصية. واستند الباحثون في التوصل إلى وجود علاقة بين الإبداع والأمراض العقلية إلى بيانات وراثية وطبية عن 86 ألف إيسلندي لتحديد العوامل الوراثية، والتي تضاعف خطر الإصابة بانفصام الشخصية، وتزيد خطر الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب بنسبة تزيد على الثلث. وعندما درسوا هذه الجينات في أعضاء الجمعيات الفنية والأدبية وجدوا أن انتشارها بينهم يزيد بنسبة 17 في المئة على انتشارها بين غير الأعضاء. ثم قام الباحثون بتدقيق نتائج دراستهم في ضوء قواعد بيانية كبيرة في هولندا والسويد. ومن أصل 35 ألف شخص وجد الباحثون أن احتمالات وجود العوامل الوراثية للأمراض العقلية تزيد بنسبة 25 في المئة تقريباً لدى المبدعين منهم. وتعتقد ستيفنسون أن هناك عشرات الجينات التي تزيد خطر الإصابة بانفصام الشخصية والاضطراب ثنائي القطب، وهي في الأغلب لا تسبب ضرراً كبيراً، ولكن هذه الجينات بالاقتران مع خبرات حياتية ومؤثرات أخرى يمكن أن تتكلل لدى 1 في المئة من السكان بمشاكل منها الإصابة بمرض عقلي. وقالت: إن الأشخاص حين يبدعون شيئاً يجدون أنفسهم في أحيان كثيرة بين الجنون والعقل، وإن نتائج الدراسة تسند الفكرة القديمة عن العبقري المجنون. وأضافت: أن الإبداع صفة أعطتنا موزارت وباخ وفان غوغ وهي صفة مهمة جداً لمجتمعنا، ولكنها تأتي مصحوبة بخطر على الفرد ويدفع ثمنها 1 في المئة من السكان. واعترفت ستيفنسون بضعف العلاقة بين العوامل الوراثية التي تزيد خطر الإصابة بأمراض عقلية والإبداع، ولكنها ترى أن التداخل بين بيولوجيا المرض العقلي والإبداع مثير للاهتمام حتى إذا كان تداخلاً صغيراً فهو يعني أن الكثير من الأشياء الحلوة التي نحصل عليها في الحياة من خلال الإبداع تأتي بثمن، وحين يتعلق الأمر بتكويننا البيولوجي فإن علينا أن نفهم أن كل شيء إيجابي من ناحية وسلبي من ناحية. ولكن البروفيسور البرت روثنبرغر أستاذ التحليل النفسي في جامعة هارفرد لم يقتنع بنتائج الدراسة، وقال: إن وجود علاقة بين الإبداع والجنون فكرة رومانسية من القرن التاسع عشر تذهب إلى أن الفنان هو المكافح، المتمرد على المجتمع، والذي يتصارع مع شياطين في داخله. وأضاف أن الفنان فان غوغ صادف كونه مصاباً بمرض عقلي ومبدعاً، ولكن العكس أشد إثارة للاهتمام، فالمبدعون ليسوا عموماً مرضى عقلياً، ولكنهم يستخدمون عمليات فكرية مبدعة ومختلفة بطبيعة الحال. وفي هذه الدراسة تمكنت ستيفنسون وفريقها العلمي خلال السنوات العشر المنصرمة من اكتشاف مسائل علمية فريدة، فمثلاً في عام 2006 اكتشفوا الجين المسؤول عن الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري، وفي عام 2009 اكتشفوا جزء الحمض النووي المسؤول عن بداية سن اليأس عند النساء، وكذلك الجزء المسؤول عن انفصام الشخصية والعبقرية، وفي عام 2013 أجزاء الشفرة الجينية المسؤولة عن بداية الصداع النصفي الشقيقة. ويعتقد الخبراء أن انفصام الشخصية هو نتيجة اضطرابات وراثية يعاني منها 1% من سكان الأرض، وأنه إذا أصيب أحد التوأمين بالفصام فاحتمال إصابة الثاني تصل إلى 65%. وشملت هذه الدراسة 11355 مصاباً بانفصام الشخصية و16416 شخصاً سليماً، وبينت النتائج وجود خلل في الجينات المشتركة في نقاط الاتصال العصبي بالدماغ لدى المصابين بالفصام. وتبين هذه المعطيات أن هذا الخلل هو المسبب للاضطرابات النفسية والفصام وغيرها من الأمراض النفسية. وفق حسابات علماء الوراثة، فإن وجود تغيرات عبقرية في الحمض النووي تزيد من فرص الإصابة بمرض الهوس الاكتئابي بنسبة 30%، وفرص الإصابة بالفصام بنسبة 200%. وقد لوحظت نفس هذه النتائج لدى الرسامين والممثلين الذين درس العلماء حالتهم على انفراد. وتشير هذه النتائج إلى ان العبقرية والابداع والاضطرابات النفسية مرتبطة مع بعضها جينيا.

مشاركة :