ما مصير العلاقات مع أردوغان إذا أصبح بايدن رئيسا | دايفيد ليبسكا | صحيفة العرب

  • 8/5/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

وجهت الدوائر المقربة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنظارها لمراقبة تطورات الحملة الانتخابية المبكرة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومنافسه جو بايدن. ورغم أن آخر استطلاعات الرأي تظهر تقدم بايدن أمام خصمه الجمهوري، فإن مراقبين يؤكدون أنه من الأنسب لمستقبل أردوغان ولاية ثانية يفوز بها ترامب الذي تحسّنت علاقته مؤخرا بشكل جيد مع أنقرة. ويكشف هؤلاء أن بايدن الذي كان معجبا بأردوغان عندما كان نائبا لأوباما لن يكون مستعدا للتغاضي عن تمادي تركيا خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا تتناقض مع سياسات الناتو والولايات المتحدة. أنقرة - حث تقرير صدر عن مجلس الأعمال التركي -الأميركي هذا الأسبوع المسؤولين الأتراك على معالجة الفراغ الناجم عن تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين لتحسين التجارة مع الولايات المتحدة وتعزيز العلاقات التي تجمعها مع تركيا. لكن، وعلى الرغم من مجموعة الخلافات الكبرى بين الدولتين، مثل قضية تسليم الداعية التركي فتح الله غولن وقضية تهرب بنك خلق الحكومي من العقوبات الأميركية المفروضة على إيران عبر تبييض أموال الحرس الثوري وشراء تركيا لأنظمة الدفاع الصاروخي الروسية أس-400 وهجومها العسكري المثير للجدل ضد الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة، تبقى العلاقات بين حليفي الناتو إيجابية. علاقات جديدة منذ أن أطلقت تركيا سراح القس الأميركي أندرو برونسون في 2018، تحسّنت العلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، إلى درجة أصبح فيها ترامب يخضع لرغبات أردوغان، وهو ما أكّده مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون في كتابه “في الغرفة حيث حدث ذلك”. ويتواصل الزعيمان عبر الهاتف كل بضعة أسابيع، وتمتد صداقتهما إلى أقاربهما. حيث فصّل بولتون كيفية تواصل البيت الأبيض بالقصر الأبيض (آق سراي) في كثير من الأحيان عبر صهري الرئيسين، مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر، ووزير المالية والخزانة التركي بيرات البيرق. كما قال السفير الأميركي السابق لدى تركيا، إريك إيدلمان، مؤخّرا إن هذه العلاقات الأسرية القوية تمنح أردوغان شعورا بأنه يحمل ورقة تخوّل له تفادي العقوبات المحتملة. ويبدو محقّا في تصوّره حتى الآن. فقد دعا الكونغرس ترامب إلى معاقبة تركيا على شرائها أنظمة أس-400 الروسية وتدخلها في ليبيا، وهو إجراء يفرضه القانون الأميركي. لكن الرئيس الأميركي لم يستجب بعد. وقالت المحللة ميرف تاهيروغلو، رئيسة برنامج تركيا في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، لموقع أحوال تركية “أصبحت العلاقة الشخصية بين هذين الرجلين تتخطّى كل مستويات البيروقراطية عندما يتعلق الأمر بصنع السياسة الخارجية”. ونتيجة لذلك، اختلفت الهيئات الحكومية الأميركية العليا، بما في ذلك وزارتا الخارجية والدفاع، علنا ​​مع الرئيس بشأن قضايا السياسة الحاسمة، مثل التواجد الأميركي في الأراضي السورية. لكن الانتخابات المقررة في نوفمبر قد تضع نهاية للخلافات والروابط مع أردوغان. وتابعت تاهيروغلو إن العلاقات ستكون بالتأكيد مختلفة إذا غادر ترامب البيت الأبيض. وأبرزت استطلاعات الرأي الأخيرة تقدم مرشح الحزب الديمقراطي، جوزيف بايدن، على ترامب. ومع اقتراب موعد الانتخابات، يدرس المحللون كيف يمكن أن يعيد بايدن تشكيل سياسات الولايات المتحدة إذا فاز. ومن جهة أخرى، تؤكد التطوّرات الأخيرة على مركزية تركيا وأهمية العلاقات معها، وخاصة بالنسبة إلى القوى الغربية. وكتب أستاذ التاريخ في جامعة سابانجي بإسطنبول، آدم ماكونيل، لوكالة أنباء الأناضول الحكومية أن اتجاه السياسة الخارجية الذي اتبعته إدارة أوباما سيكتسب نفوذا على عملية صنع القرار الأميركية مرة أخرى. ويرى هذا الاحتمال مثيرا للقلق بالنسبة إلى الأتراك. فقد شهدت العلاقة بين البلدين توترات خلال ولاية أوباما، عندما كان بايدن نائبه، قبل أن يتراجع ترامب عن مواقف سلفه. كما كانت إدارة أوباما هي التي طبقت العقوبات على إيران والتي انتهكها بنك خلق بدعم من أردوغان عبر أكبر مخطط للتهرب من العقوبات في التاريخ. وبالإضافة إلى رفض ترامب لفكرة فرض العقوبات، حمّل أوباما مسؤولية شراء تركيا لأنظمة أس-400. وبدا بايدن كنائب للرئيس أوباما، داعما لتركيا في البداية. فبعد قضاء بعض الوقت مع الزعيم التركي بواشنطن في مايو 2013، قال إنه أعجب به لفترة طويلة. لكن، وفي أكتوبر 2014، أشار بايدن في خطاب إلى أن تركيا هي من ساعدت في إنشاء الدولة الإسلامية. وبعد أشهر قليلة، اختار أوباما التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية الجامعة للعرب والأكراد للتحرّك ضد داعش. وحسب تاهيروغلو “دخلت الولايات المتحدة في شراكة مع الأكراد السوريين لأن تركيا فشلت في لعب دورها أكثر من مرة ولم تقدّم يد العون في المعركة العالمية ضد داعش. وقد سمحت سياساتها بمضاعفة تهديد الدولة الإسلامية والجماعات الإرهابية الأخرى”. في 2019، استرضى ترامب أردوغان وتعهد بقطع العلاقات مع قوات سوريا الديمقراطية. ومن المرجح أن يكون بايدن أقل استعدادا للانحياز إلى أردوغان في القضايا التي تتناقض مع سياسات الناتو والولايات المتحدة، مثل تدخل تركيا في ليبيا، وشرائها لأنظمة أس-400، وانتهاكاتها البحرية ضد اليونان وتنقيبها عن الغاز الطبيعي في شرق المتوسّط. وقالت تاهيروغلو “نظرا إلى سجلّ بايدن الحافل، سيكون أكثر تعاطفا مع اليونان في شرق البحر المتوسط”، مضيفة أن نائب الرئيس السابق سيكون أكثر دعما للأكراد السوريين أيضا. كما سيكون أقل اهتماما باسترضاء تركيا بسبب قرار أردوغان بشراء نظام أس-400 على الرغم من التحذيرات الأميركية. وتابعت “أعتقد أن بايدن سيكون أكثر اهتماما بتطبيق القانون الأميركي، على عكس الرئيس الحالي”. ملفات شائكة أثناء زيارته لتركيا في مطلع سنة 2016، انتقد بايدن الحكومة التركية بسبب هجومها العسكري المستمر ضد المسلحين الأكراد في جنوب شرق البلاد. كما شجب انتهاكاتها لحرية الصحافة والتقى بزوجة الصحافي المسجون كان دوندار وابنه. بذلك، يبدو بايدن أكثر استعدادا للضغط على تركيا بسبب ميولاتها غير الليبرالية والديمقراطية، مثل اعتقالها لعثمان كافالا والمرشح الرئاسي السابق صلاح الدين دميرطاش، واعتمادها لقانون وسائل التواصل الاجتماعي المشدّد، وخطط الحكومة للانسحاب من اتفاقية إسطنبول وقانون منع العنف ضد المرأة وحماية الأسرة. تنتظر تاهيروغلو نهجا مختلفا من الرئيس بايدن، ففي نظر إدارة ترامب، “يعدّ هذا سلوكا طبيعيا”. لكن بايدن سيهتم بطبيعة السلطة الممارسة على حليف للولايات المتحدة. وتأمل أن يكون، مثل أوباما، أكثر صراحة عندما يتعلق الأمر بتجاوزات أردوغان ضد الحقوق والقيم الأساسية. وخلال مقابلة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز في ديسمبر الماضي، وصف بايدن أردوغان بأنه استبدادي وعبّر عن دعمه للناخبين الأكراد الذين تستهدفهم حكومة حزب العدالة والتنمية. وقال إنه يجب على الولايات المتحدة أن تتخذ نهجا أكثر تشدّدا تجاه أردوغان من خلال دعم قادة أحزاب المعارضة. وأشار بايدن “يمكننا دعم عناصر القيادة التركية التي لا تزال موجودة لتشجيعها على مواجهة أردوغان وهزيمته”. ومن المخاوف الرئيسية بشأن أي موقف أميركي أكثر تشدّدا تجاه تركيا هو تصوير المسؤولين الأتراك لأي عقوبة أميركية أو أوروبية أو أي دعم غربي للناشطين المؤيدين للديمقراطية داخل تركيا، كجزء من مؤامرة للإطاحة بالحكومة التركية. ففي 2018، قال أردوغان إن المستثمر الأميركي الهنغاري ورجل الأعمال جورج سوروس كان وراء محاولة كافالا المزعومة للإطاحة بالحكومة التركية. كما وجه المسؤولون الأتراك اتهامات مماثلة ضد وكالة المخابرات المركزية والخبراء في شؤون تركيا المتمركزين في الولايات المتحدة مثل هنري باركي. وتساءلت تاهيروغلو “كيف تتعامل مع زعيم مثل أردوغان الذي، إذا قررت الرد عليه، يمكنه أن يصوّر لجمهوره المحلي أي شيء تفعله كنتيجة لكره أميركا لتركيا؟”، وترى في مواصلة تطبيق القوانين واللوائح الدولية المسار الوحيد المعقول للمضي قدما في ظل هذه الأوضاع. وقالت “لن نحقق أي فوز باسترضاء زعيم مثل أردوغان. كل ما يمكن أن يفعله شركاء الولايات المتحدة وتركيا الأوروبيون هنا هو الثبات على موقفهم، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكنهم من خلالها أن يظهروا للشعب التركي أن ما يحاولون القيام به هو المساعدة على حمايتهم”.

مشاركة :