أطلق البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم الأربعاء، نداءً من أجل لبنان، وصَلّى من أجل ضحايا إنفجاراته وعائلاتهم.نشرت الصفحة الرسمية للفاتيكان، منذ قليل، بيانا جاء نصه كالآتي: وجّه قداسة البابا فرنسيس نداءً قال فيه: أمس في بيروت في منطقة المرفأ سَبَّبَت إنفجارات قويّة عشرات القتلى وآلاف الجرحى ودمار كبير. نُصلّي من أجل الضحايا وعائلاتهم، ونُصلّي من أجل لبنان لكي يَتمكّن بالتزام جميع مكوناته الاجتماعيّة والسياسية والدينية من مواجهة هذه المرحلة المأساويّة والأليمة بمساعدة الجماعة الدوليّة من تخطي الأزمة الخطيرة التي يعيشها.أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء في 5 أغسطس تعليمه الأسبوعي، وتحدث إلى المؤمنين عبر الشبكة من مكتبة القصر الرسولي بدلًا من اللقاء التقليدي معهم في ساحة القديس بطرس، ويأتي هذا التغيير في إطار إجراءات وقائية أمام انتشار فيروس الكورونا، وإستهل الأب الأقدس تعليمه بالقول لا زال الوباء يتسبّب في جراح عميقة، ويكشف عن نقاط ضعفنا. كثيرون هم الذين ماتوا، وكذلك المرضى، في جميع القارات. يعيش العديد من الأشخاص والعديد من العائلات في مرحلة شكٍّ وغموض، بسبب المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، التي تؤثر بشكل خاص على الأشدّ فقرًا.لذلك تابع البابا فرنسيس يقول ينبغي علينا أن نُحدّق نظرنا على يسوع وسط هذا الوباء وأن نُعانق بهذا الإيمان رجاء ملكوت الله الذي يحمله يسوع لنا. ملكوت شفاء وخلاص حاضر منذ الآن في وسطنا. ملكوت عدالة وسلام يظهر من خلال أعمال المحبّة التي بدورها تُنمّي الرجاء وتُعزّز الإيمان. إن الإيمان والرجاء والمحبة في التقليد المسيحي هم أكثر من مشاعر ومواقف. إنها فضائل أفاضها فينا الروح القدس: مواهب تشفينا وتجعلنا أشخاص يشفون الآخرين، مواهب تفتحنا على آفاق جديدة حتى عندما نُبحر في مياه زمننا الصعبة.أضاف البابا فرنسيس يدعونا لقاء جديد مع إنجيل الإيمان والرجاء والمحبة لكي نتحلّى بروح مبدِع ومتجدّد، وبالتالي سنصبح بهذا الشكل قادرين على تحويل جذور أمراضنا الجسديّة والروحيّة والاجتماعيّة، وسنتمكن من أن نُشفي في العمق الهيكليات الظالمة والممارسات المدمّرة التي تَفصلنا عن بعضنا البعض وتهدّد الحياة البشريّة وأرضنا.تابع بابا الفاتيكان: تُقدّم خدمة يسوع أمثلة شفاء عديدة. عندما شفى المصابين بالحُمّى وبالبرص وبالشلل، وعندما أعاد البصر أو النطق أو السمع للأشخاص، في الواقع هو لا يشفي المرض الجسديّ وحسب وإنما الإنسان بكاملة، وبهذا الشكل يعيده أيضًا إلى الجماعة حرًّا من عزلته. لنفكّر برواية شفاء مُقعد كفرناحوم التي سَمعناها في بداية المقابلة العامة. بينما كان يسوع يلقي كلمة الله في مدخل البيت، حمل إليه أربعة رجال صديقهم المُقعد، فلَم يَستَطيعوا الوُصولَ بِه إِليه لِكَثرَةِ الزِّحام. فَنَبشوا عنِ السَّقفِ فَوقَ المَكانِ الَّذي هو فيه، ونَقَبوه ثُمَّ دَلَّوا الفِراشَ الَّذي كانَ عليه المُقعَد. "فلَمَّا رأَى يسوعُ إِيمانَهم، قالَ لِلمُقعَد: "يا بُنَيَّ، غُفِرَت لكََ خَطاياك" وكعلامة مرئيّة أضاف: "قُمْ فَاحمِلْ فِراشَكَ وَاذهَبْ إِلى بيتِكَ". أضاف البابا فرنسيس ما أعجب مثال الشفاء هذا! إن عمل يسوع هو جوابًا مباشرًا على إيمان أولئك الأشخاص وعلى الرجاء الذي وضعوه فيه وعلى المحبّة التي أظهروا أنهم يتحلّون بها تجاه بعضهم البعض. وبالتالي فيسوع يشفي ولكنّه لا يشفي الشلل وحسب بل هو يغفر الخطايا ويجدِّد حياة المُقعد وأصدقائه. شفاء جسدي وروحي، ثمرة لقاء شخصي واجتماعي. لنتخيّل كيف نَمَت هذه الصداقة وكيف نما إيمان جميع الحاضرين في ذلك البيت بفضل تصرّف يسوع. إنه اللقاء الشافي بيسوع!ولذلك تابع الحبر الأعظم يقول نسأل أنفسنا: بأي أسلوب يمكننا أن نساعد عالمنا اليوم لكي يُشفى؟ كتلاميذ للرب يسوع طبيب الأنفس والأجساد، نحن مدعوون لكي نتابع عمله، عمل الشفاء والخلاص بمعنى جسدي واجتماعي وروحي. لكن بالرغم من أن الكنيسة تدبّر نعمة المسيح الشافية من خلال الأسرار وتؤمِّن خدمات صحيّة في مناطق نائية من العالم لكنّها ليست خبيرة في الوقاية أو في علاج الوباء، كما أنّها لا تعطي تعليمات اجتماعية وسياسية خاصة. إنها مهمة القادة السياسيين والاجتماعية. ومع ذلك، طوّرت الكنيسة عبر القرون، وفي ضوء الإنجيل بعض المبادئ الاجتماعية الأساسية، مبادئ يمكنها أن تساعدنا على المضي قدمًا، لكي نُعدَّ المستقبل الذي نحتاج إليه. سأذكر الأساسية منها والمرتبطة بشكل وثيق ببعضها البعض: مبدأ كرامة الشخص البشري، مبدأ الخير العام، مبدأ الخيار التفضيلي للفقراء، مبدأ التوجيه العالمي للخيور، مبدأ التضامن والتعاضد، ومبدأ العناية بالبيت المشترك. هذه المبادئ تساعد القادة والمسؤولين في المجتمع لكي يسيروا قدمًا بنمو، وكما هي الحالة مع الوباء، بشفاء النسيج الشخصي والاجتماعي. إن هذه المبادئ جميعها تعبر بطرق مختلفة عن فضائل الإيمان والرجاء والمحبة.وختم البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، تعليمه الأسبوعي بالقول أدعوكم خلال الأسابيع المقبلة لكي نواجه معًا المسائل الملحّة التي سلّط عليها الوباء الضوء ولاسيما الأمراض الاجتماعية. وسنقوم بذلك في ضوء الإنجيل والفضائل اللاهوتية ومبادئ العقيدة الاجتماعية للكنيسة. سوف نستكشف معًا كيف يمكن لتقليدنا الاجتماعي الكاثوليكي أن يساعد العائلة البشرية على شفاء هذا العالم الذي يعاني من أمراض خطيرة. رغبتي أن نفكر ونعمل عمل معًا، كأتباع ليسوع الذي يشفي، من أجل بناء عالم أفضل، مفعم بالرجاء للأجيال القادمة.
مشاركة :