حين يعزف على آلة العود تبدع أنامله سحراً خاصاً يجذب مستمعيه، فهو يستلهم التراث بطريقة مبتكرة ويخلط بين الحداثة والماضي، إذ ظهرت غالبية معزوفاته وهي تزاوج بين القانون والعود أو بين الساكسوفون والعود فأنتج قوالب أوروبية بإيقاعات عراقية، وهي مهمة لا يجيدها كثيرون من نظرائه. أحمد المختار الموسيقي والعازف العراقي الذي فازت اسطوانته «أصابع بابلية» ضمن مسابقة «TOP TEN» التي يجريها «راديو كلاسيك أف إم» في بريطانيا سنوياً من بين 150 ألف عمل شارك في المسابقة من دول الشرق الأوسط وآسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية والهند والصين. الأسطوانة الفائزة تضم 12 معزوفة كلها من مؤلفات المختار باستثناء أغنية تراثية عراقية واحدة، وهي من انتاج شركة ARC وصدرت في آذار (مارس) الماضي، ومن بين تلك المؤلفات معزوفة «أصابع بابلية» التي فكر فيها بعد زيارته لمهرجان بابل الدولي العام الماضي. يقول المختار لـ» الحياة» إنه عمل مع باحث بريطاني لمدة، وكان الباحث يشرح له اللقى الموسيقية القديمة فيتولى هو ترجمتها إلى نوتات حديثة. ويضيف: «البابليون كانوا يعزفون بالإبهام والسبابة فقط وكانوا يستخدمون العود للأناشيد الروحانية، ولذلك كان شرطاً على الكاهن أن يجيد العزف على العود ومن هنا استنتجت إن العود يختلف عن بقية أدوات الموسيقى، ففكرت في تأليف المقطوعة بعد زيارتي لمهرجان بابل حيث عشت أجواء المعابد القديمة واكتشفت روحانية العود. وهذه المقطوعة تعني لي الكثير لأنها ناتجة عن عمق روحي شعرت به آنذاك». تعلُّق العازف الشاب بالعود جاء بعد تجربته آلات موسيقية عدة إذ عزف على البيانو والساكسوفون وتركهما ليحتضن العود بعدما درس الموسيقى بشكل عميق، إذ بدأ دراسته الموسيقية في معهد الفنون الجميلة في بغداد، ومن ثم نال الإجازة في الجامعة السورية. وتعرّف على المدرستين المصرية واللبنانية قبل سفره إلى بريطانيا وتعمقه في دراسة الموسيقى هناك وحصوله على الماجستير في العزف المنفرد. يقول: «علاقتي بالموسيقى بدأت منذ كان عمري عشر سنوات، في ذلك الوقت كان الغجر يأتون من سورية إلى بغداد ويجوبون الأحياء وهم يعزفون على الربابة أو على الإيقاع، فاشتريت إيقاعاً وخباته على سطح المنزل لأن عائلتي كانت ترفض الأمر. وكنت أتدرب عليه كلما سنحت لي الفرصة. واتفقت مع جارنا الشاب على أن يعلمني العود وأعلمه الإيقاع وبالفعل تم ذلك». ويضيف: «قمت بتجارب عدة على الآلات الموسيقية لمعرفة المساحة بينها وكيفية سحب الآلة إلى مساحتي الخاصة، وتمكنت من ذلك». ولا يجد المختار صعوبة في المزج بين الموسيقى الغربية والشرقية في مؤلفاته الموسيقية، فالمزواجة بين هذين النوعين سمة مميزة بين معظم المقطوعات الموسيقية التي ألفها في السنوات الماضية. ويوضح في هذا الشأن: «إذا كان الفنان ملماً بالموسيقى الغربية والعربية ويبحث بتأنٍ ودقة عن نقاط التواصل سينجح في عملية المزج بينهما».
مشاركة :