يعتبر الفنان التشكيلي فهد الهاجري من المبدعين الكويتيين في فن النحت، وتتميز أعماله ببصمة خاصة تعكس فلسفته، عبر أساليب جديدة في تنفيذ الفكرة. وفي حواره مع "الجريدة" تطرق الهاجري إلى سبب قلة النحاتين في الكويت، مبيناً أن النحت من الفنون الرفيعة، والمرئية، وفي نفس الوقت أحد الفنون التشكيلية، لذلك ساهم في بناء حضارات كثيرة... وإلى التفاصيل: • هل أدت صعوبة النحت إلى قلة عدد النحاتين بالكويت من وجهة نظرك؟ هناك عوامل كثيرة أثرت في فن النحت بالكويت، أولها الجانب الديني، ففي أوائل ستينيات القرن الماضي، أطلق هذا الفن محليا على يد نخبة من النحاتين ومنهم عيسى صقر رحمه الله، وخزعل القفاص، وسامي محمد، وأنتجوا الكثير من المنحوتات التي تعتبر إرثاً للفن التشكيلي الكويتي، وكان هذا الفن بذلك الوقت في ذروته، بعد ذلك اصطدم الفن التشكيلي، وخصوصا النحت، ببعض التشدد خلال فترة السبعينيات، ودخل النحت كهفاً مظلماً إلى هذا اليوم بين التحريم والتجريم، وتأثرت الأجيال بذلك. وأذكر أيضا من أسباب قلة عدد النحاتين ندرة المواد الخام مثل الحجر، والخشب، والمعادن بسبب بيولوجية الدولة، إذ لا توجد لدينا جبال أو غابات، لنستخرج منها المواد الأولية للنحت، فيضطر النحات إلى استيرادها من الخارج، مما يسبب عائقا كبيرا لنا كفنانين، أما النقطة الثالثة والرئيسية والتي ترتبط بالأولى، فهي عدم تقبل النحت في مجتمعنا، فالبعض يعتبر المنحوتات أصناما، وإن كان هذا الفن يشتمل على مدارس كثيرة مثل باقي الفنون. وُلِد نحاتاً • ما الذي أغراك بالنحت ودفعك إليه؟ وبمن تأثرت من النحاتين؟ فن النحت من الفنون الرفيعة والمرئية، وفي نفس الوقت أحد أنواع الفنون التشكيلية، وايضا من أوائل الفنون التي عرفتها البشرية فقد كان القدماء ينقشون في الكهوف منذ قديم العصور منذ نحو 4500 سنة قبل الميلاد، وهو فن أقدم من التصوير، كما استخدم كلغة في الكتابة، ويمكننا أن نجد نماذج النحت في الحضارات القديمة باختلاف اشكاله، ومنها الحضارات الفرعونية والرومانية واليونانية، وقد ساهم النحت في بناء تلك الحضارات، وهو ما شدني نحو ذلك الفن العريق، فهو بالنسبة لي عالم آخر من عوالم الفنون التشكيلية، وهو يحتاج إلى بنية قوية، وفكر عميق جدا، حيث يقتضي تجسيد الأفكار في شكل مجسمات ثلاثية الأبعاد، كما أن فناني هذا المجال يستعملون طريقة اللمس والحركة لإظهار الشكل النهائي، كما يستخدمون الهندسة لقياس أبعاد المجسم، وعندما تعرض تلك الأعمال فإنها تشد المتلقي، وأضيف أنه كان لدي مشوار في مجال الرسم إلى عام 2005، غير أنني اكتشفت بعدها أنني ولدت نحاتا من خلال أول تجربة خضتها في هذا المجال، رغم أنني رسام جيد. القضايا الاجتماعية • ما موضوع منحوتاتك؟ وأي نشاط يغلب عليها؟ تتغير المواضيع لدي من خلال تأثري بالعديد من القضايا الاجتماعية، والنفسية، والبيئية، والسياسية، ويغلب على منحوتاتي الجانبان النفسي والبيئي. شجرة ميتة • تنحت الحجر والخشب والمعادن... مع أي منها تجد نفسك؟ ولماذا؟ أستخدم كثيراً من المواد، ومنها الخشب، والحجر، والطين، والمعادن، لكنني أميل إلى الخشب خاصة، بسبب توافره بكثرة في الأسواق، وأحيانا أطلب نوعاً من الأخشاب من أحد الأصدقاء المتخصصين في استيراد الأخشاب، وأيضا أستفيد من الأشجار الذي يتم إزالتها في بعض الأحيان، أو الأشجار الميتة، بالإضافة إلى ذلك، بحسب ما أرى، فإن لكل شجرة قصة منذ بدايتها بذرة إلى أن تصبح شجرة مثمرة، وتمر بمراحل متعددة. الحجم والتفاصيل • هل استفاد النحت من التقنيات الحديثة؟ ساهمت التقنيات الحديثة في تسريع العملية الفنية، فقد كانت المنحوتة من مادة الرخام قديما تأخذ وقتا طويلا تمتد إلى أشهر وفي بعض الأحيان سنوات حسب الحجم والتفاصيل وفي الوقت الحالي ساعدت التقنيات في سهولة الإنتاج وسرعته بشكل كبير. • هل يستطيع النحات أن يعيش من هذه المهنة؟ يستطيع أن يعيش منها في بعض الدول المتقدمة فنيا، ولكن ليس في الكويت بسبب قلة المهتمين، ونرجع هنا إلى نفس الأسباب التي ذكرتها آنفا. "مكعب الحياة" • ما الأعمال التي نحتّها وتراها صنعت لك بصمة خاصة؟ عمل بعنوان "مكعب الحياة" قمت بإهدائه إلى الأمين العام السابق للمجلس الوطني للثقافة والفنون م. علي اليوحة، وأيضا لدي عمل ميداني بعنوان "منحوتة السلام" موجود في المدينة المنورة، وعمل بعنوان "بنات الريح" موجود في الولايات المتحدة في لوس أنجلس. • ماذا عن مشاريعك الفنية في المستقبل؟ شاركت مؤخرا في الحملة الدولية التي ينظمها حاليا المنتدى العالمي للنحت (ISSA)، الذي ضم عددا من نحاتي العالم، تضامنا مع الإجراءات اللازمة لمواجهة فيروس كورونا، كما نظمت بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الملتقى الدولي الأول للنحت على الخشب، وكنت المنسق العام لهذا الملتقى، وشارك فيه عدد من الدول العربية والأجنبية، وأسعى لتنظيم المعرض الشخصي الثاني لي بعد تخطي أزمة كورونا.
مشاركة :