تعبِّر مسارعة دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إغاثة لبنان، بعد ساعات قليلة من كارثة انفجار مرفأ بيروت، عن أحد ثوابت سياستها منذ قيامها، وهي الوقوف إلى جانب أي دولة شقيقة في وقت الشدَّة، ولاسيما من الدول العربية، وتقديم كل أشكال المساعدة الممكنة، انطلاقاً من قيم الأخوة الإنسانية والعربية. وتنظر دولة الإمارات بكثير من التقدير إلى لبنان بتاريخه الممتدّ، وثرائه الإنساني، وعطائه الثقافي، وعمقه الحضاري، وترى في ذلك كله إضافة كبرى إلى قوة العالم العربي وتأثيره على الرغم من الصعوبات التي يواجهها هذا البلد العربي الشقيق في الفترة الأخيرة. وليست اليد الإماراتية التي تمتد بالخير إلى الأشقاء في لبنان بالأمر الطارئ، إذ يحفل تاريخ العلاقات بين البلدين بالمواقف المشابهة منذ قيام دولة الإمارات. ففي عام 1974 قدَّم المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منحة بقيمة 510 ملايين ليرة لبنانية، لتمويل «مشروع الليطاني» التنموي الذي أحيا مناطق واسعة في لبنان، وهو ما يساوي ربع مليار دولار أميركي حسب سعر الليرة آنذاك. وفي العام نفسه تلقى لبنان من دولة الإمارات منحاً تالية وقروضاً ميسَّرة تقارب قيمتها 300 مليون دولار. ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف مساعدات الدولة يوماً، ويمكن الإشارة إلى مبادرات ذات تأثير كبير، مثل نزع الألغام في الجنوب والبقاع الغربي عام 2001، وإزالة الألغام والقنابل العنقودية عقب حرب عام 2006، ومنح مساعدات مالية في كثير من المواقف. لقد حطَّت، يوم الأربعاء 5 أغسطس 2020، الطائرة الإماراتية التي تحمل المساعدات إلى الأشقاء في لبنان، بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله. وقد أوصلت الطائرة نحو 30 طناً من الإمدادات الطبية، شُحنت من المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي، وهي من أولى شحنات المساعدات التي وصلت إلى لبنان الشقيق، سعياً إلى التخفيف من آلام اللبنانيين، وإنقاذ أرواح المصابين الذين تجاوزت أعدادهم قدرة المستشفيات اللبنانية على استيعابهم، ولاسيما مع ظروف تفشي فيروس «كوفيد-19»، وخروج عدد من المستشفيات من الخدمة بسبب حادث الانفجار. وتجرى الاستعدادات الآن لإرسال شحنات تالية من المساعدات في أقرب وقت، حيث وجَّه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة إلى المتأثرين بحادث الانفجار، تتضمن أدوية ومعدات طبية، ومكملات غذائية للأطفال، وإمدادات ضرورية أخرى. وتعمل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي الآن بكل طاقتها لتوفير المساعدات المطلوبة وإرسالها جواً. وكذلك أطلقت الجمعيات الخيرية في دولة الإمارات، مثل «هيئة الأعمال الخيرية»، مبادرات للتبرع للبنان حظيت بإقبال كبير، وبادر رجال أعمال إماراتيون إلى إرسال مساعدات ضخمة، وتوفير المستلزمات الطبية الضرورية لإجراء العمليات الجراحية، وتقديم معونات إلى عدد من المستشفيات اللبنانية. وتعكس هذه الجهود، التي يشارك فيها المجتمع الإماراتي والمواطنون الإماراتيون، طبيعة العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين، وما يحمله الإماراتيون للبنان وشعبه من محبة وتعاطف. إن هذا التحرك الإماراتي السريع يمثل خطوة أولى ستتلوها خطوات في تقديم المساعدات الإنسانية، وتوفير الاحتياجات العاجلة في مجالات أخرى إلى جانب المجال الطبي، الذي يحظى بالأولوية في الوقت الحالي، وهو ما أوضحته معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي، بقولها: «إن دولة الإمارات تسعى إلى توفير مختلف أوجه الدعم الممكنة في مثل تلك المواقف، تأكيداً للتضامن مع جميع الدول الشقيقة والصديقة في الأزمات التي تتطلب تضافر الجهود كافة للتخفيف من آثارها، وسيتم تقييم الوضع لدراسة ما يمكن تقديمه». وسوف تبقى دولة الإمارات، كما كانت دائماً، سنداً وعوناً لأشقائها. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
مشاركة :