نيويورك - أعلنت صحيفة “نيويورك تايمز” أن عدد المشتركين في نسختها الرقمية سجل ارتفاعا قويا، فاق للمرة الأولى ما حققته نسختها الورقية مما مكّنها من مواجهة التراجع الكبير في إيراداتها الإعلانية في الربع الثاني من السنة الجارية. ويشير هذا الارتفاع إلى نجاح رئيس التحرير مارك تومسون في مشروعه الرقمي الذي بدأه منذ الأشهر الأولى لتسلمه رئاسة التحرير في نوفمبر 2012، ووعد بنجاح هذا الاستثمار والوصول إلى عشرة ملايين مشترك رقمي، وقد سبق له أن نجح في نقل “بي.بي.سي” إلى المنصات الرقمية عندما كان مديرها العام. وارتفعت مداخيل الاشتراكات عبر شبكة الإنترنت بنسبة 8.4 في المئة وباتت بالتالي تمثّل 70 في المئة من الإيرادات الإجمالية للصحيفة. وسعت مجموعة “نيويورك تايمز” إلى جعل الاشتراكات في نسختها الرقمية مصدر مداخيلها ونموّها الأوّل، نظرا إلى أن الإعلان لم يعد سوى عنصر مكمّل. وقال رئيس المجموعة ومديرها العام مارك تومسون “للمرة الأولى في تاريخنا، تجاوزت المداخيل المتأتية من النسخة الرقمية تلك المتأتية من النسخ الورقية، وهذه محطة مفصلية في تحوّل نيويورك تايمز”. وبلغ عدد الاشتراكات الجديدة في ما بين أبريل ويونيو الماضيين 669 ألفا، مما رفع إجمالي عدد المشتركين في النسخة الرقمية إلى 5.7 ملايين، وإلى 6.5 ملايين عدد المشتركين ككلّ، في النسختين الرقمية والورقية. وتتوافق هذه الأرقام مع الهدف الذي حددته المجموعة وهو رفع عدد المشتركين إلى عشرة ملايين. إلّا أن هذه الزيادة لم تكن كافية لتعويض تراجع الإيرادات الإعلانية، وكان قد بدأ قبل جائحة كوفيد – 19 وتفاقم بصورة كبيرة نتيجة الأزمة الاقتصادية المرتبطة بها. وقد بلغ هذا التراجع 44 في المئة خلال الربع الثاني من السنة، مما أدى إلى انخفاض حجم الأعمال بنسبة 7.5 في المئة، فبلغ 404 ملايين دولار. وتراجعت الأرباح الصافية بنسبة 6 في المئة لتصل إلى 7.23 مليون دولار في الفصل نفسه، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. ومع ذلك، أبدى تومسون ارتياحه لارتفاع عدد الاشتراكات. وقال في هذا الصدد “لقد أثبتنا أنه من الممكن (…) أن يؤدي الاستثمار في صحافة عالية الجودة إلى التزام عميق من القرّاء، وهذا بدوره يحفّز نمو المداخيل والقدرة الاستثمارية”. وأضاف “لذلك تكبر أسرتنا التحريرية فيما تصغر” في مؤسسات أخرى. وكانت “نيويورك تايمز” أعلنت في يوليو الفائت أن ميريديت كوبيت ليفيين (49 عاما) ستخلف في سبتمبر المقبل تومسون الذي يشغل منصبه منذ العام 2012. وسبق لليفيين أن عملت في مجلتي “ذي أتلانتيك” و”فوربس”، وانضمت إلى “نيويورك تايمز”، وكانت لها مساهمة كبيرة في التحوّل إلى العصر الرقمي، وفي وضع نموذج الدفع مقابل قراءة موقع الصحيفة، والذي حقق نجاحا. وقال تومسون “سأسلّم ميريديت مقاليد الإدارة في 8 سبتمبر، ولي كامل الثقة بأن الصحيفة ستواصل رسم طريق دفع القراء مقابل حصولهم على أخبار صحيحة ومدقق فيه، وبأن ثمة مستقبلا مستداما للصحافة الميدانية”. ويقول مركز “كولومبيا جورناليزم ريفيو” الأميركي المتخصص في تحليل وسائل الإعلام إن بإمكان الصحافة المحلية أن تنحو منحى نيويورك تايمز وتنجح في الرهان الرقمي، رغم أنها لا تعتقد أن بإمكانها منافسة نيويورك تايمز، غير أن الصحيفة الأميركية العريقة تضع نفسها دائما في منافسة مع وسائل الإعلام المحلية. ويقول المحللون إن الأخبار المحلية تقدم خدمة مختلفة إلى حد كبير عن المنافذ الوطنية مثل نيويورك تايمز. ووجدت دراسة أجراها عام 2019 معهد رويترز لدراسات الصحافة في أكسفورد أن الغالبية العظمى من المشتركين في الأخبار في ثمان وثلاثين دولة “لديهم اشتراك واحد على الإنترنت بخدمة الأخبار”.ويعني هذا أن المشتركين سيختارون الخدمة الإخبارية الأكثر جودة وثقة بالنسبة إليهم.
مشاركة :