«ستاندباي»... تنبذ الخوف وتُرسِّخ الشجاعة | مسرح

  • 7/20/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تلاقي مسرحية «ستاندباي» التي تُعرَض حالياً إقبالاً كبير من الجمهور الذي يغتنم إجازة العيد ليتابع - بحفاوة بالغة - السباق المسرحي المتواصل هذه الأيام. تطرح المسرحية، التي تُعرض على خشبة مسرح «مركز التنمية» حزمةً من المواضيع التي لا تتعلق بالأطفال فقط، بل تخاطب الشباب في مقتبل العمر والأسرة أيضاً، إذ تندرج تحت اسم «مسرح العائلة». «الراي» حضرت العرض، وشاهدت حركة الأحداث على خشبة المسرح، من دون أن تغيب عما كان يدور داخل الكواليس ! المسرحية أطلقت عدداً من الرسائل التربوية التي تتسلل إلى وجدان الأطفال والناشئة أثناء العرض في أسلوب فني يبتعد عن طريقة الخطابة والوعظ المباشر، فأبرزت ظاهرة التوتر التي يعانيها الإنسان أحيانا تحت ضغوط الواقع، وتأثير هذه الظاهرة في حياته بشكل عام، وفيما تلفت المسرحية الأنظار إلى أن الجبن والخوف صفتان يجلبهما الإنسان إلى ذاته بسبب قلة ثقته بنفسه، توضِّح أبعاد وأهمية معاني القوة والعزيمة والإصرار والمثابرة، التي يجب أن يتسلح بها المرء كي يرتفع عالياً، بجانب قضايا أخرى تتوالى ضمن سياق الأحداث. اعتمد العرض على إبراز لوحات مسرحية تجسد الرسائل المراد توصيلها، كما تميز بظهور الكثير من عناصر الإبهار والفرجه البصرية، إذ لعبت الإضاءة دوراً مهماً، وكان لها تأثيرها في جعل العرض مؤثراً، إلى جانب الموسيقى التعبيرية التي تجاوب لها الجمهور في الصالة، كما جاء الديكور - الذي رسمته مجدولين الربيعان بمهارة ملحوظة - معبراً عن الأحداث ومتسقاً معها، مشاركاً في تجسيد المعاني التي تطرحها المسرحية، ومعززاً من المتعة البصرية للمشاهدين، ولوحظ أن الانتقال من ديكور إلى آخر (وفقاً لتتابع المشاهد) يتم بسلاسة وسهولة، مما يدل على الحرفة العالية في التصميم، الأمر الذي حال دون أن يشعر الجمهور بانقطاع الأحداث. في البداية ظهر الممثلون للجمهور بأسمائهم المعروفة، وكانوا يفكرون مع الجمهور ماذا سوف يقدمون للحضور، ويتواصل النقاش حول ذلك، بينهم وبين الجمهور أيضا، إلى أن يقرر حمد العماني وبقية الممثلين أن تكون مسرحيتهم هذا العيد بعنوان «ستاندباي»، الأمر الذي برع فيه المخرج عبدالعزيز صفر الذي نجح في تنفيذ العرض بتقنية «مسرحية داخل مسرحية»، مما يثير خيال الأطفال والناشئة. الفنانة إلهام الفضالة، التي عادت بعد عام من الغياب عن المسرح، كانت رزينة في دور صاحبة الصالون النسائي، وجسدت شخصية صارمة لا ترضى بالتهاون في مواجهة الأحداث، وتصحيح أي خطأ، وتميزت الفضالة بروحها العالية وأدائها العفوي المعتاد وحضورها المسرحي الذي اعتاده الجمهور. أما «نزار» الخواف الذي يستصعب كل شيء في حياته (الفنان حمد العماني)، فقد أتقن تجسيد الشخصية في إطار كوميدي محبب، وأضفى عليه طرافةً، خصوصاً عندما تكشف الأحداث كيف يتحول إلى «شهم» في نظر أهله والقرية كلها. بدورها ظهرت الفنانة بثينة الرئيسي في شخصية «توتة» زوجة نزار العصبية، التي طالما غضبت من طباعه السلبية وخوفه وأعذاره المستمرة، وقد أدت الدور بحس كوميدي واضح، أثبتت من خلاله أنها تملك قدرات فكاهية عفوية في الحوار والحركة على السواء، وتمكنت من إبراز معاناتها في موجهة سلبيات زوجها بإتقان. المطرب عبدالسلام محمد، الذي قام بدور الراوي في المسرحية، نجح في تأدية الشخصية، مثبتاً أنه يملك موهبة التمثيل بقدر موهبته في الغناء. كانت الطفلة رتاج العلي «ملح» المسرحية، على رغم أنها جسدت دور بائعة الحلويات في العرض المسرحي، فأظهرت موهبةً وحضوراً أدهشا الجمهور الذي لاحظ ما تتمتع به من لياقة مسرحية، وانسجام مع كل فريق العمل. بقية الممثلين في «ستاندباي» لم يكونوا أقل إتقاناً من زملائهم السابق ذكرهم، بل جسدوا أدوارهم بحرفية عالية، ومنهم ميثم بدر، وهو صديق نزار الذي يحاول مساعدته في التغلب على الخوف، والفنانة غدير السبتي التي ظهرت في دور الفتاة الظريفة العفوية التي تعمل في صالون إلهام الفضالة، وترفض الكسل والجبن، إلى جانب عبدالعزيز بهبهاني شقيق إلهام الفضالة، وهو الفارس الشجاع الذي يمتاز بشجاعته، ويكون الند لشخصية نزار، كما لفت الممثل الشاب ناصر الدوسري - الذي أدى دور بائع في المدينة - الأنظار بأدائه وخفته المسرحية. نجاح عناصر العرض وتضافرها في تحقيق المتعة للجمهور يعود في المقام الأول إلى مخرج المسرحية عبدالعزيز صفر الذي أحدث توازناً في حركة الممثلين على الخشبة، متحكماً في إيقاع الأحداث ونسج الحبكة، كما كان واعياً بشأن توظيف جميع مكونات فن المسرح من موسيقى وديكور، مما ضاعف من متعة الفرجة وحقق الرسائل المبتغاة من العرض. في ما خلف الكواليس اكتشفت «الراي» أن أحد أهم العناصر التي تقف وراء نجاح العرض هو رباط التعاون والانسجام والمودة الذي جمع بين الجميع على قلب «فنان واحد»، وهو ما تجسد في مشاهد المسرحية، ولاحظه الجمهور، بل واستمتع به كثيراً. يُذكر أن «ستاندباي» تُعرَض على خشبة مسرح مركز التنمية في منطقة الزهراء، وهي من تأليف فاطمة العامر، وإخراج عبدالعزيز صفر، والمخرج المنفذ أحمد كنكوني، بينما تولى إدارة الإنتاج حسين عبادي، والإشراف العام صادق بهبهاني، وصممت الديكور والأزياء مجدولين الربيعان، ويدير الخشبة فواز العيدان. تقاسم تجسيدَ الشخصيات الفنانون إلهام الفضالة وحمد العماني وبثينة الرئيسي وغدير السبتي وميثم بدر وعبدالسلام محمد وعبدالعزيز بهبهاني ورتاج العلي وناصر الدوسري، إلى جانب مجموعة من المشاركين.

مشاركة :