وباء كورونا يختصر إحياء ذكرى نكبة هيروشيما | | صحيفة العرب

  • 8/7/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هيروشيما (اليابان) - أحيت اليابان الخميس الذكرى الـ75 لأول هجوم في العالم بقنبلة ذرية وسط أزمة تفشي فايروس كورونا المستجد الذي أجبر السلطات على اختصار مراسم تكريم الضحايا. وحضر ناجون وأقارب وعدد قليل من الشخصيات الأجنبية المراسم الرئيسية التي أقيمت في هيروشيما، للصلاة من أجل الذين قضوا أو أصيبوا في القصف وللدعوة للسلام في العالم. لكن لم تسمح السلطات بحضور عامة الشعب الذي تابع بث المراسم على الإنترنت. وارتدى غالبية المشاركين الذين حضروا شخصيا المراسم ملابس سوداء ووضعوا كمامات واقية. وصلّوا بصمت عند الساعة 8:15 صباحا تماما (23:15 بالتوقيت العالمي الأربعاء)، الساعة التي ألقيت فيها أول قنبلة نووية تستخدم في زمن الحرب على المدينة. وفي كلمة لاحقة حذر رئيس بلدية هيروشيما كازومي ماتسوي من النزعة القومية التي أدت إلى الحرب العالمية الثانية وحض العالم على التكاتف في مواجهة التهديدات العالمية مثل جائحة كورونا. وقال “علينا ألا نسمح أبدا لهذا الماضي الأليم بأن يكرّر نفسه. على المجتمع المدني أن يرفض القومية التي تركز على الذات، وأن يتكاتف ضد كل التهديدات”. من ناحيته تعهد رئيس الوزراء شينزو آبي، الذي تعرض لانتقادات لسعيه إلى تعديل بند رئيسي في الدستور يحرّم الحرب، “بذل أفضل جهودي للتوصل إلى عالم من دون أسلحة نووية، وتحقيق السلام إلى الأبد”. أمّا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي خاطب الجموع برسالة فيديو بسبب الوباء، فقد نبه إلى أن “الطريق الوحيد للقضاء تماما على المخاطر النووية هو بالقضاء تماما على الأسلحة النووية”. وأودت قنبلة هيروشيما بحياة نحو 140 ألف شخص، العديد منهم قضوا على الفور فيما لقي الآخرون حتفهم في الأسابيع والأشهر التي تلت الكارثة جراء التعرض للإشعاعات والإصابة بحروق بالغة الشدة وجروح أخرى. بعد ثلاثة أيام ألقت الولايات المتحدة قنبلة ذرية ثانية على مدينة ناغاساكي، أودت بحياة نحو 74 ألف شخص. وألغيت العديد من مراسم إحياء الذكرى بسبب الوباء العالمي الذي يحمل مخاوف مشابهة لدى الناجين من الهجوم ومن بينهم كيكو أوغورا (83 عاما) التي نجت من قنبلة هيروشيما. وقالت للصحافيين الشهر الماضي أنه مع تفشي الفايروس “أتذكر الخوف الذي شعرت به فورا عقب التفجير.. لا مفر لأحد”. وحضت بدورها الناس في أنحاء العالم على الإقرار بضرورة محاربة التحديات المشتركة مجتمعين قائلة “سواء كان ذلك فايروس كورونا المستجد أو الأسلحة النووية، فإن السبيل للتغلب عليها هو من خلال التكاتف بين البشر”. وتسلط الذكرى هذا العام الضوء على تضاؤل عدد الناجين من القنبلة الذين يطلق عليهم في اليابان اسم “هيباكوشا” والذين عانى العديد منهم جسديا ونفسيا في أعقاب الهجوم. ومعظم الناجين الذين ما زالوا على قيد الحياة كانوا رضعا أو أطفالا وقت الهجوم، وباتت مهمتهم المتمثلة بإبقاء ذاكرة التفجيرات حية والدعوة لحظر للأسلحة النووية، أكثر إلحاحا مع تقدمهم في السن. وأسس ناشطون وناجون سجلات أرشيف لكل شيء من شهادات مسجلة للهيباكوشا، إلى قصائدهم ورسومهم، لكن العديد يخشون من تلاشي الاهتمام بالقصف الذري مع تراجع أعداد الذين اختبروها. و”مجرد تخزين أكداس من السجلات.. لا معنى له” بحسب كازوهيشا إيتو الأمين العام لمشروع “لا مزيد من الهيباكوشا” المنظمة غير الحكومية التي تقوم بتجميع الوثائق والشهادات من الضحايا. وقال “ما نريده هو إثارة اهتمام الشباب بالموضوع وتبادل الآراء معهم، على مستوى العالم”. ولا يزال التقييم التاريخي للتفجيرين يثير بعض الجدل. فالولايات المتحدة لم تعتذر قط عن القصف الذي يعتبر الكثيرون أنه وضع حدا للحرب. وأعلنت اليابان استسلامها بعد أيام قليلة في الـ15 من أغسطس 1945، ويقول بعض المؤرخين إن إلقاء القنبلتين في نهاية الأمر أنقذ أرواحا إذ سمح بتفادي القيام باجتياح بري كان من شأنه على الأرجح التسبب بأعداد أكبر من القتلى. لكن في اليابان، يعتبر الهجومان جريمتي حرب، لأنهما استهدفا مدنيين بشكل عشوائي وتسببا بدمار غير مسبوق. وفي 2016 أصبح باراك أوباما أول رئيس أميركي في سدة الرئاسة يزور هيروشيما حيث لم يقدم اعتذارا لكنه عانق ناجين ودعا إلى عالم خال من الأسلحة النووية. وكانت هيروشيما وناغاساكي محطتين رئيسيتين في زيارة البابا فرنسيس الأولى إلى اليابان العام الماضي، والتي ندد خلالها بـ”رعب لا يوصف” أثاره الهجومان.

مشاركة :