تكبد الحوثيون في اليمن أسوأ هزيمة لهم منذ بداية الازمة السياسية في اليمن، ومنذ أن بدأ التحالف، الذي تقوده السعودية، عملياته في البلاد في مارس الماضي. وبعد أشهر من القتال العنيف، استطاع التحالف والمقاومة الشعبية اليمنية تحرير أجزاء كبيرة من محافظة عدن، حيث استطاعت المقاومة الشعبية الجنوبية أن تتقدم من اتجاه المطار وطريق حي خور مكسر لتحرير منطقة كريتر من الحوثيين وأسر العديد من كبار زعمائهم وقوات حليفهم الرئيس السابق، علي عبد الله صالح. كل ذلك تحقق بفضل المعدات المدرعة الحديثة التي حصلوا عليها من المملكة العربية السعودية، ودول الخليج، وبفضل غارات التحالف الجوية، وبمساعدة القوات الخاصة للإمارات العربية المتحدة، واليمنيين الذين تدربوا في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية. واستمر زخم المقاومة في الاندفاع عبر منطقة ميناء المعلا إلى التواهي. وبدلا من مواجهتهم الموت في المكان استسلم العديد من المقاتلين الحوثيين. وبهذا أصبحت مدينة عدن تحت سيطرة المقاومة الجنوبية. ويعتبر فقدان عدن ضربة قوية للحوثيين والمتحالفين معهم، والذين استولوا على المدينة الاستراتيجية بعد حملة عسكرية طويلة ومدمرة. وتعد هذه المعركة أول علامة على أن التحالف استطاع تغيير مسار الحرب الأهلية في البلاد. وتقول المحللة بمجموعة الازمات الدولية، ابريل آلي، أن لدى التحالف الامكانيات لتغيير مسار الصراع، لا سيما في جنوب وغرب البلاد، حيث تعد المعارضة للحوثين هي الاقوى. وتمكنت بعض القوات الحوثية من الهروب أمام الاندفاع الأخير للمقاومة لتتجه شمال شرق البلاد، حيث تشير بعض التقارير الى أنها تنوي تنظيم صفوفها في محافظة أبين. ويقول محللون أن أحد العوامل الذي لعب دورا اساسيا في سقوط عدن في يد المقاومة هو استسلام اللواء المدرع 39 في القاعدة العسكرية بالمطار، الذي كان مواليا لصالح، ما سدد ضربة كبيرة للمقاتلين الحوثيين في عدن. هذا التحول في مسار الصراع على ساحة المعركة اليمنية يأتي في أعقاب تغيير كبير في الجغرافيا السياسية الإقليمية بعد أن وقعت القوى الغربية اتفاقا لتخفيف العقوبات على ايران في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي. وأثارت الصفقة مخاوف حلفاء الولايات المتحدة التقليديين في دول الخليج العربي، الذين يخشون من ان تنشط ايران مرة اخرى بعد الصفقة النووية لتوسع تدخلها في النزاعات في الشرق الأوسط، بما في ذلك اليمن، حيث تتهم هذه الدول الحوثيين بالولاء لطهران. وتعتقد السيدة آلي إن النتيجة المثالية للانتصارات في عدن هو استئناف المفاوضات السياسية بين الحوثيين وخصومهم المحليين على اتفاق لتقاسم السلطة. وشكل وصول معدات إضافية للمقاومة دفعة قوية في جهود تحرير عدن، حيث تمثلت تلك المساعدات في مجموعة كبيرة من المدرعات الحديثة، جاءت من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وتم استخدام هذه المركبات المحمية في التنقل على نطاق واسع في عمليات 14 يوليو في عدن. واستطاعت هذه المركبات المدرعة ضد قاذفات آر بي جي نقل الجنود على مقربة من المواقع القتالية، وتقديم دعم النيران لتلك المواقع من خلال الأسلحة الثقيلة على متنها. هذا التحسن في القدرات، جنبا إلى جنب مع الوضع الضعيف للحوثيين المتبقيين في عدن، ساعد بشكل كبير على ترجيح ميزان القوى لصالح المقاومة في الجنوب. وبناء على هذه التطورات الأخيرة، أصبحت المعركة نحو تحرير كامل عدن في مراحلها النهائية. وبعد انتصار المقاومة على الحوثيين في عدن، من المرجح أن يتم توجيه الجهود نحو جبهات القتال في لحج وتعز وأبين، حيث يواجه المتمردين الحوثيين أيضا مقاومة شديدة. وذكر مستشار سعودي لوسائل الاعلام أن خطة تحرير عدن تضمن خطة سرية لمدة 10 اسابيع تضمن ضربات جوية وبحرية وبرية باستخدام مقاتلين يمنيين مدربين في المملكة العربية السعودية. ويقول هذا المسؤول أن الهدف بعد عدن يتمثل في استعادة السيطرة على مدينة تعز اليمنية من الحوثيين. ومنذ ما يقرب من أربعة أشهر من الآن، يشن التحالف الذي تقوده السعودية ضربات على قوات الحوثيين من أجل اجبارهم على التراجع الى معاقلهم في الشمال والاستسلام. وتعرض آلاف اليمنيين للقتل ويواجه اليمن كارثة انسانية. وتقول الأمم المتحدة أن أكثر من 3200 شخص، نصفهم من المدنيين، لقوا حتفهم جراء الصراع ونتيجة لاستهداف الحوثيون المدنيين والمناطق المدنية، ونزح مليون آخر من المدنيين، وأصبح كثر من 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 25 مليون نسمة بحاجة الآن الى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية. ويواجه مليون شخص نقصا في المواد الغذائية، في حين أصبح من الصعب الحصول على المياه لما يصل الى 9.4 مليون شخص. وأعلنت الحكومة اليمينة في المنفى تحرير محافظة عدن في اليوم الأول من عيد الفطر الذي يصادف يوم 17 يوليو، وكتب رئيس الوزراء، خالد بحاح في حسابه على الفيس بوك موضحا اننا سوف نعمل على استعادة الحياة في عدن وجميع المدن المحررة، واعادة المياه والكهرباء. بالإضافة الى دعمها العسكري للتحالف بذلت دولة الامارات العربية المتحدة جهودا كبيرة منذ بداية الأزمة، لتقديم مساعدة انسانية للشعب اليمني، بلغت قيمتها حتى الآن مليون 430 درهم، حيث تم انفاق قدر لا بأس به من تلك الأموال خلال شهر رمضان المبارك وعطلة عيد الفطر. وتم ارسال حوالى 8 ألف طن من المواد الغذائية، والوقود والأدوية إلى اليمن عن طريق السفن، والعشرات من الرحلات الجوية ومجموعة من الشاحنات، مع مزيد من المساعدات في الطريق. وأرسلت جمعية الهلال الأحمر أكثر من 830 طن من المساعدات والإمدادات للمتضررين من القتال في أجزاء كبيرة من اليمن، في حين تم تنظيم رحلات تحمل مساعدات طبية وغذائية من مؤسسة خليفة للأعمال الخيرية والإنسانية. أعقب ذلك ارسال شحنة من هذه المؤسسة تشتمل على 400 طنا من المواد الغذائية و300 برميل من الديزل إلى جزيرة سوقطرة اليمنية. بالإضافة إلى ذلك يتم ارسال المدنيين الذين اصيبوا في هجمات الحوثيين إلى مستشفيات دولة الإمارات العربية المتحدة لتلقي العلاج. وأصبحت مدينة دبي العالمية للخدمات الإنسانية، بالقرب من ميناء جبل علي، مركزا نشطا للمساعدات إلى اليمن، حيث تتوجه الشحنات من جبل علي لجيبوتي قبل ان يتم ارسالها الى اليمن، في رحلة تستغرق 10 أيام، وتتكون الشحنات من حصائر النوم والبطانيات وأواني المطبخ والأغطية البلاستيكية. بالإضافة إلى ذلك، فإن وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، التي تعمل من الشارقة، تنظم رحلات مساعدات عاجلة إلى العاصمة اليمنية صنعاء متى ما كان ذلك ممكنا. وفي آخر إحصاء، تم تسليم 150 طن متري من الإغاثة، والذي يمثل جزءا من جهود الإغاثة لمساعدة 250 ألف شخص في اليمن.
مشاركة :