كتبت فاطمة علي :ذكر رئيس المجلس الأعلى للصحة رئيس الفريق الوطني للتصدي لفيروس كورونا «كوفيد 19» الفريق طبيب الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة أن الرعاية الصحية عن بعد هي طريقة مهمة لتقديم الرعاية الصحية التي تتجه البحرين نحوها بثبات على مدى السنوات القليلة الماضية، موضحا أنها أصبحت أداة أساسية لرعاية المرضى أثناء جائحة COVID-19. وقال إن خدمة «التطبيب عن بعد» مكّنت من استمرار الرعاية للعديد من المرضى وخففت الضغط والأضرار الموازية التي كان يمكن أن يلحقها الوباء بصحة الأشخاص الذين يعيشون في البحرين، مشيرا إلى ما تم رصده خلال الأشهر الماضية من مرونة مؤسسات الرعاية الصحية في المملكة والتي أظهرت قدرة رائعة على التصرف تحت الضغط، وأن يكونوا مبتكرين وأن يلتزموا بتقديم رعاية متميزة للمرضى.جاء ذلك خلال رعايته لندوة «أخلاقيات مهنة الطب في موسمها الثامن» التي نظمها مستشفى الملك حمد الجامعي صباح أمس عبر الاتصال المرئي تحت عنوان «التطبيب عن بعد» والتي شهدت مشاركة 600 استشاري وخبير ومختص وممارس صحي من القطاعين الحكومي والخاص، حيث ألقى خلالها 10 متحدثين الضوء عبر 3 جلسات نقاشية على آخر المستجدات في التطبيب عن بعد المتبع حاليا في الخدمات الصحية الحكومية.وأكد رئيس الأعلى للصحة خلال كلمته الافتتاحية أن مملكة البحرين ستواصل جهودها نحو أنظمة الرعاية الصحية الرقمية من خلال السجل الطبي الوطني ونظام التأمين الصحي الوطني تحت كل الظروف، مشددا على التزام الحكومة بالتغطية الصحية الشاملة وفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية، ونواصل التزامنا نحو أهداف التنمية المستدامة.واختتم كلمته بتقديم الشكر لجميع العاملين في مجال الرعاية الصحية والإداريين الذين يساهمون يوميًا في الرعاية المقدمة للأشخاص الذين يعيشون في البحرين، كذلك الشكر موصول لمستشفى الملك حمد الجامعي على اختياره للموضوعات التي تمت مناقشتها والتي تسلط الضوء بشكل مباشر على المخاوف الأخلاقية حول الرعاية الصحية عن بعد، وأنا أتمنى لكم جميعا ندوة ناجحة جدا.انطلق برنامج الندوة في فترته الصباحية بعرض ورقة علمية للدكتور جمال صالح استشاري العظام ورئيس رابطة جراحي العظام في البحرين الذي قدم عرضا لتاريخ التطبيب من بعد وكيف انتقل منذ أن كان فكرة خيالية في مطلع القرن العشرين إلى واقع طبي في كثير من الدول لتقديم الخدمات الصحية والعلاجية عن بعد ولا سيما للأشخاص الذين يشق عليهم الوصول إلى الطبيب وأصبح اليوم في ظل الجائحة أمرا ضروريا للاستمرار في تقديم الخدمات الصحية وإن كان لا يغني عن رؤية المريض مباشرةً للتقييم في حالات عديدة، وخصوصاً إذا كانت الزيارة في بعض التخصصات وللمرة الأولى.من جانبها قدمت رئيسة قسم التراخيص بالهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية ممثلة جمعية الأطباء البحرينية الدكتورة لينا القاسم عرضا حول فوائد استخدام التطبيب عن بعد مثل تجاوز الحدود الجغرافية وتطوير الخدمات الصحية وإمكانية استخدام أدوات الكترونية وتقنية لمتابعة المرضى عن بعد مثل متابعة فحوصاتهم المنزلية إلكترونياً، موضحة أن هناك بعض الثغرات التي قد تؤثر سلباً عند تطبيق مثل هذه الخدمات، فينبغي الحرص على تدعيم التطبيقات الطبية بما يحفظ سلامة الملفات الطبية وحفظ سرية وخصوصية البيانات الصحية المحفوظة. ومن المهم أن تكون هناك ضوابط واشتراطات واضحة مثل ضرورة أن يكون مقدم الخدمة مرخصاً للعمل في مملكة البحرين ويوجه الخدمات في مجال اختصاصه بحسب ترخيصه الطبي. وتطرقت القاسم إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التطبيب عن بعد وبيان أنه لا يجوز أن ينشر الطبيب صورا لأجسام المرضى من دون موافقتهم، ويقتصر ذلك على المجلات الطبية المعتمدة وليست الوسائل المستخدمة للتواصل الاجتماعي بيئة آمنة أو لائقة لنشر هذه الصور، ويفضل أن يقتصر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على التوعية العامة من دون ذكر أي بيانات خاصة بالمرضى على الإطلاق.بدوره قدم الدكتور فيشنو رانجيت من كلية التمريض بالكلية الملكية للجراحين في ايرلندا-البحرين عرضاً عن دور طاقم التمريض في تقديم النصائح والخدمات العلاجية عن بعد, إذ إن لهم دورا محوريا في تقييم المرضى والتنسيق لهم للحصول على الخدمات العلاجية، مشيرا إلى أن هناك الكثير من التطورات في التقنيات الحديثة التي تخول طاقم التمريض أن يكونوا على اتصال أكثر قرباً ونجاحا عن بعد وتتبع حالتهم الصحية والحيوية مثل تتبع الضغط والنبض وقراءات السكر وغيرها عبر وسائط رقمية متعددة تتوافر بشكل سهل في المنزل وعبر الهواتف الذكية.واستعرضت استشاري الغدد الصماء والسكري بمستشفى الملك حمد الجامعي الدكتورة دلال الرميحي طرق التواصل الفعال مع المرضى عن طريق الهاتف لضمان نجاح المكالمة والحصول على المعلومات الطبية المطلوبة مع الحفاظ على حميمية العلاقة بين الطبيب والمريض التي قد يفتقدها المرضى عند استخدام التطبيب عن بعد، مشددة على أهمية أن يدرك الطبيب المتصل ما إذا كانت حالة المريض تستدعي الحضور الشخصي للتقييم سواء في العيادة أو قسم الطوارئ لتحاشي مضاعفات الأمراض أو الخطأ في تقدير حالة المريض وتشخيصه بالصورة الصحيحة، كما عرضت التجربة الناجحة والرائدة لمستشفى الملك حمد الجامعي في تقديم خدمات التطبيب عن بعد والخطوات التي يعمل عليها الطاقم الطبي والإداري لتقييم كفاءة الخدمة وتطوير جودتها باستمرار.من جانبها قدمت أروى أبوزيد (مفتش صيدلاني بالهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية) عرضاً حول الضوابط والإجراءات المطلوبة من قبل الهيئة عند تقديم وصفات أدوية للمرضى عن بعد, حيث إن الضوابط تم وضعها للتأكد من أمان تقديم الأدوية الصحيحة للمريض الصحيح وتقليل احتمالية الأخطاء الطبية مع وضع شروط فيما يختص بالأدوية التي تتعلق بتخصصات محددة مثل العقاقير التي قد ينتج عنها إدمان والأدوية الخاضعة للرقابة, حيث إن هذه الأدوية لا يمكن وصفها إلا من أطباء محددين وفي وصفات محددة ورقياً ولا تقدم عن بعد أو إلكترونياً.كما قدم الدكتور محمد هلال محاضرة حول أهمية تطوير السجلات الصحية للمرضى وتعزيزها بخواص السلامة اللازمة لحفظ خصوصية الملفات الصحية وحمايتها من «القرصنة»، كما يتوجب تطوير الوسائل التقنية التي من شأنها تسهيل التواصل الفعال مع المرضى أثناء التطبيب عن بعد والمواعيد الطبية التي يتم إجراؤها عن طريق الهاتف أو محادثات الفيديو وحدد الضوابط التي يمكنها أن تجعل هذه الزيارات أقرب إلى الواقع، منوها إلى أن الجائحة اختصرت الكثير من العوائق وسرعت عجلة تطوير تقديم الخدمات الصحية رقمياً.وقدم القانوني عيسى المرادي محاضرة حول الضوابط القانونية التي ينبغي للطاقم الطبي مراعاتها عند تقديم خدمات التطبيب عن بعد لحفظ الحقوق القانونية للمريض وللطبيب والمؤسسة الصحية، مشيرا إلى أن المريض من حقه المطالبة بالزيارة الشخصية بدلا من التطبيب عن بعد كما يحق للطبيب أن يوجه المريض بالقدوم إلى العيادة أو المستشفى للفحص والتقييم والعلاج، مشددا على أن تضمن المؤسسة الصحية كفاءة الخدمة وحفظها من الاختراق على سبيل المثال، إضافة إلى حرص الأطباء ومقدمي الخدمة على الاتصال مع المريض الصحيح وعدم الإفصاح عن المعلومات الخاصة بالمريض إلا للمسموح لهم قانونياً، منوها إلى أن بعض الدول تطلب أن يحصل الأطباء على ترخيص خاص لممارسة خدمات التطبيب عن بعد على سبيل المثال.وقدم البروفيسور محمد هاني من جامعة الخليج العربي عرضاً عن التطورات التعليمية في تقديم التعليم الطبي الافتراضي والعوائق التي تعدتها بنجاح متميز جامعة الخليج العربي في استدامة تقديم التعليم الطبي عن بعد لطلبة كلية الطب والعلوم الطبية, حيث استعرض البرامج المطبقة حاليا في الجامعة والآليات التي اتبعتها الهيئة الأكاديمية في توصيل المعلومات للطلبة وطرق تقييمهم وأيضاً تقديم الامتحانات النهائية التي تضمن التأكد من جودة مخرجات التعليم وكفاءة الطلبة من حيث الحصول على التقانة اللازمة للتخرج للمجتمع كأطباء وفي نفس الوقت الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي تضمن سلامتهم من فيروس كورونا.وفي الختام استعرض طبيبان حديثا التخرج هما الدكتورة فاطمة الفايز من جامعة الخليج العربي والدكتور نالين ماثور من الكلية الملكية للجراحين في ايرلندا-البحرين تجربتهما مع التعليم عن بعد والتقييم عن بعد في ظل الجائحة، مثمنين الجهود الكبيرة التي قامت بها الجامعات والجهات الأكاديمية في الحفاظ على سلامتهم كطلبة وكذلك الاستمرار في تعليمهم بدون انقطاع. ومن النواحي الإيجابية للتعلم عن بعد في وجهة نظرهما أكدا أنه يزيد تفاعل الطلبة مع المعلمين ويزيد من قدرتهم على رؤية المادة العلمية المعروضة، كما يخولهم لتعلم ضرورة إدارة وقتهم بشكل صحيح بالمرونة يحددها الطالب نفسه. أما بالنسبة إلى السلبيات فقد عبروا أنهم افتقدوا جوّ الحياة في الصرح الجامعي والدعم النفسي الذي يجدونه من الاختلاط بالطلبة الآخرين ومن جو التركيز الذي كانوا يجدونه في أروقة المكتبات الطبية بالجامعة.
مشاركة :