عندما تتصل بإحدى المؤسسات أو تقوم بمراجعتها فإن تعامل موظفيها معك يعكس ثقافة هذه المؤسسة، وكذلك إذا شاهدنا في واقع بيئة العمل وجود سلوك إداري يتسم باللامبالاة أو أن تكون الإجراءات غير واضحة والمعلومات متناقضة أو كثرة الصراعات بين الموظفين وتصاعد المنافسات غير المحمودة (Hypercompetition) أو أي سلوكيات وممارسات أخرى قد تخلق بيئة عمل غير مريحة فسوف يهمك أن تعرف من هو مدير هذه المؤسسة، وهنا يتطلب الأمر للتدخل الفوري لمعالجة هذه السلوكيات والتي تبدأ بالتشخيص لمعرفة الأسباب التي تؤدي إليها وإلى غيرها من الممارسات التي تسيء إلى سمعة المؤسسة وتضر بالكفاءة الانتاجية وجودة العمل بها، ولا شك أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق المستوى الأول في الهرم التنظيمي للمؤسسة والذي يلعب الدور الرئيس في بروز مثل هذه الممارسات مما ينعكس على سلوكيات وتصرفات الإداريين ثم المرؤوسين والأفراد العاملين في هذه المؤسسة.وانطلاقا من ذلك فإن الثقافة المؤسسية هي محصلة العديد من الأعراف والأساليب والممارسات المتبعة في المؤسسة كما أنها تعبر عن الإطار المرجعي والمنطلقات والأسس التي تشكل سلوك الأفراد داخل المؤسسة بشقيه الإيجابي والسلبي على حد سواء بحيث تكون قيم العمل السائدة واضحة ومفهومة لدى الجميع ويتم ترسيخها على الدوام عن طريق الإعلام، والاجتماعات، والندوات وفي جميع المناسبات.ولأن أحد أسباب نجاح المؤسسة يعتمد على الثقافة التنظيمية بها والتي توفر القدرة على التكيف مع المتغيرات الداخلية والخارجية للمؤسسة، وترفع من كفاءة الأفراد العاملين لديها وقدرتهم على الاستجابة لحاجات المراجعين والعملاء في الخدمات التي تقدمها المؤسسة وصولا إلى نيل رضاهم، ولأن نشاط العاملين وكفاءتهم في تقديم تلك الخدمات يزداد بازدياد مستوى الالتزام التنظيمي للعاملين في المؤسسة، فإنه من غير المجدي إعادة تنظيم أو تطوير أعمال أي مؤسسة إذا لم تتبنَ ثقافة مؤسسية فاعلة وإيجابية تتضمن مجموعة من الممارسات الداعمة للاتصال والتواصل المنفتح والمشجعة للإبداع والابتكار بالإضافة إلى توفير بيئة عمل ترسخ مفهوم التشاركية والتعاون وفريق العمل الواحد مع التركيز على القيم اللازمة الفردية والجماعية وفي مقدمتها احترام القانون والحيادية والنزاهة والرقابة الذاتية والالتزام بروح المسؤولية، وتوجيهها بما يتناسب مع جودة الأداء اعتماداً على الأهداف المنشودة، وبالتالي تحسين أداء المؤسسة ومساعدتها في الاستمرار في القيام بدورها وتأدية رسالتها الوطنية.أخيرًا، لا شك أن ثقافة المؤسسة هي جهد جماعي يتطلب قدرًا كبيرًا من التعاون والمشاركة من قبل كافة الأطراف في بيئة العمل حتى يسود مناخ إيجابي يهيئ لثقافة عمل تنسجم مع المبادئ والقيم، ولكن تبقى الإدارة هي المسؤول الأول عن كل ذلك، وعليها تقع مسؤولية تنظيم تلك الجهود في سبيل تحقيق هذا الهدف وهو المحافظة على ثقافة عمل تكون متوافقة مع رؤية المؤسسة ورسالتها مما يحقق أكبر قدر من المنفعة لها وللعاملين بها على حدٍ سواء ويساعدها في وضع إستراتيجيات عملها وخططها التشغيلية.توفيق محمد السباعي باحث متخصص في العلوم الإدارية والموارد البشرية
مشاركة :