تجددت الاحتجاجات العنيفة وسط العاصمة اللبنانية بيروت وسط سخط شعبي على أداء الطبقة الحاكمة بعد انفجار مرفأ بيروت الذي خلف خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، فيما توالت الاستقالات من الحكومة والبرلمان اللبنانيين، وطالب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي باستقالة الحكومة وإجراء تحقيق دولي وإجراء انتخابات نيابية مبكرة. وتظاهر مئات اللبنايين وسط بيروت وفي محيط مبنى البرلمان مع دعوات إلى انتفاضة لا تتوقف للإطاحة بزعمائهم السياسيين وسط غضب عام جراء الانفجار المدمر الذي وقع في مرفأ بيروت. وشهد محيط مجلس النواب توتراً بين مجموعة من المتظاهرين وقوى مكافحة الشغب، حيث حاول عددٌ من المحتجين اختراق الحاجز الأمني والوصول إلى ساحة النجمة والمجلس. وعمد عدد من المحتجين إلى رشق العناصر الأمنية بالحجارة، وقد ردّت بدورها بإطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين، كما اندلعت حرائق صغيرة في عدد من شوارع وسط العاصمة. وأظهرت لقطات بثتها قنوات تلفزيون لبنانية اندلاع حريق عند مدخل ساحة البرلمان، في حين كان مئات المحتجين الغاضبين يحاولون اقتحام المنطقة المحاطة بسياج. كما أظهرت اللقطات المباشرة أيضاً قيام الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين. واقتحم المتظاهرون مكاتب وزارة الإسكان والنقل. واقتحم متظاهرون مبنيي وزارتي الأشغال والمهجرين. وذكرت معلومات أن إشكالاً وقع بين مرافقي النائب شامل روكز والمتظاهرين في ساحة الشهداء، الأمر الذي دفع بالأخير لمغادرة المكان بعد أن تمّ طرده من قبل المحتجين. واستدعت هذه الخطوة استنكاراً من قبل حشدٍ من العسكريين المتقاعدين الذين اعترضوا على ما قام به المتظاهرون مع روكز، الأمر الذي أفضى إلى وقوع إشكال بين الطرفين. وكانت الدعوات للعودة إلى الشارع للتظاهر ضد السلطة الحاكمة توالت أمس، غداة تظاهرات ضخمة ومواجهات عنيفة بين القوى الأمنية ومحتجين اقتحموا وزارات عدة، مطالبين بـ«الانتقام والمحاسبة» بعد انفجار مرفأ بيروت، الذي حول العاصمة إلى مدينة منكوبة. وتناقل ناشطون أمس، على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات حملت شعارات «علقوا المشانق لأن غضبنا لا ينتهي بيوم واحد» و«لا تستسلموا». وفي السياق، قالت قيادة الجيش اللبناني، أمس، إنها ستتعامل بالطرق المناسبة مع متجاوزي الأطر السلمية للتظاهرات. ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان عن تغريدة لقيادة الجيش عبر «تويتر» تحذيرها لبعض المتظاهرين «الذين تجاوزوا الأطر السلمية للتظاهرات، وعمدوا إلى القيام بأعمال شغب وتكسير وحرق وتعدٍّ على الممتلكات العامة والخاصة». وأكدت قيادة الجيش أنها ستتعامل مع هؤلاء بالطرق المناسبة، كما جددت دعوتها للعودة إلى سلمية التظاهر. إلى ذلك، أعلنت وزيرة الإعلام اللبنانية منال عبد الصمد استقالتها من الحكومة. وقالت عبد الصمد: «أعتذر من اللبنانيين الذين لم أتمكن من تلبية طموحاتهم، التغيير بقي بعيد المنال وبما أن الواقع لم يطابق الطموح وبعد هول كارثة بيروت أتقدّم باستقالتي من الحكومة». كما أعلن وزير البيئة والتنمية الإدارية اللبناني، دميانوس قطار، أمس، استقالته من الحكومة اللبنانية. وقالت وسائل إعلام محلية، إن قطار تقدم باستقالته وسط ضغوط عليه للتراجع عنها. وفي أول تعليق له، قال قطار لرئيس الحكومة حسان دياب «رفاق ولادي ماتوا في انفجار المرفأ، ما بقدر استمر بتحمل هالمسؤولية». وفي السياق، قدم النواب ديما جمالي وميشيل معوض ونعمة أفرام استقالتهم من البرلمان اللبناني، فيما أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أنه يبذل جهوداً حثيثة من أجل جمع ما يكفي من الاستقالات من أعضاء مجلس النواب، للوصول إلى انتخابات نيابية مبكرة. في غضون ذلك، طالب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، باستقالة الحكومة اللبنانية وإجراء تحقيق دولي وإجراء انتخابات نيابية مبكرة على خلفية الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت. وأكد البطريرك الراعي، خلال عظة قداس الأحد أمس، أن هذا الانفجار يعد جريمة ضد الإنسانية، مشيراً إلى ضرورة الاستعانة بتحقيق دولي لكشف الحقيقة الكاملة. وأضاف: «لا تكفي استقالة نائب من هنا ووزير من هناك، بل يجب استقالة الحكومة برمتها، إذ باتت عاجزةً عن النهوض بالبلاد، كذلك إجراء انتخابات نيابية مبكرة، بدلاً من مجلس بات عاطلاً عن عمله». وأثنى الراعي على عمل المؤسسات والجمعيات الأهلية والشباب اللبناني من مختلف المناطق في التطوع لمساعدة العائلات المنكوبة والجرحى، كما ثمن موقف جميع الدول التي تضامنت مع لبنان، وقدمت مساعدات إنسانية وإغاثية بعد هذه الكارثة. واعتبر الراعي أن لقاء الرئيس الفرنسي الناس المتضررة في الشوارع، دعوة للسلطة لكي تصغي لصوت الشعب ولنداءات المجتمع الدولي المتكررة في مكافحة الفساد وتوحيد السلاح وإشراك الأجيال الجديدة في حكم لبنان. وأشار الراعي إلى أن المظاهرات التي يشهدها لبنان بعد انفجار المرفأ، تؤكد «نفاد صبر الشعب المقهور والمذلول». الجيش اللبناني يفقد الأمل في العثور على ناجين أعلن الجيش اللبناني، أمس، أن الأمل بات ضئيلاً في إمكانية العثور على ناجين في موقع انفجار بيروت، حيث تبحث فرق إنقاذ لبنانية وأجنبية عن عالقين تحت أنقاض المرفأ المدمر. وقال قائد فوج الهندسة، روجيه خوري، في مؤتمر صحفي «من الممكن أن نقول إننا انتهينا من المرحلة الأولى، وهي مرحلة إمكانية العثور على أحياء». وأضاف «كتقنيين نعمل على الأرض، باستطاعتنا القول، إن الأمل ضعيف في إمكانية العثور على أحياء، ولذلك قررت فرق عدة أن تسحب عناصرها بعدما اعتبرت أن عملها انتهى»، لتركز حالياً على رفع الأنقاض والبحث عن أشلاء الضحايا. وأشار خوري إلى أن «المعدات والمساعدات التي وصلتنا للمساهمة في عمليات الإنقاذ كبيرة». وأسفر الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت الثلاثاء عن مقتل 158 شخصاً على الأقل وإصابة 6 آلاف بجروح، كما أسفر عن عشرات المفقودين ومئات آلاف المشردين. وأحدث الانفجار الهائل حفرة بعمق 43 متراً، وفق ما أفاد مصدر أمني نقلاً عن تقديرات لخبراء فرنسيين في الحرائق أرسلوا إلى المكان. جنبلاط: إسقاط الحكومة انتصار على العصابة قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، أمس، إنه يجب إسقاط الحكومة ومحاكمتها، معتبراً أن ذلك «سيمثل انتصاراً كبيراً على العصابة». وأكد جنبلاط، في تصريحات لقناة «الحرة»، أن إسقاط الحكومة يجب أن يتم من دخل مجلس النواب. وطالب جنبلاط بلجنة تحقيق دولية بشأن انفجار مرفأ بيروت، وقال «لا أنصح الحكومة، بل أطالب بتعليق المشانق لوزرائها». وأوضح أن البلاد تحتاج إلى «قانون لا طائفي».
مشاركة :