كابول - أكد كبير المفاوضين باسم كابول عبدالله عبدالله الأحد أن الحكومة الأفغانية وطالبان “على وشك” عقد محادثات السلام بعدما وافق الآلاف من الأعيان الأفغان على الإفراج عن نحو 400 سجين من عناصر الحركة المثيرين للجدل، فيما يقول مسؤولون إن هجمات طالبان التي وقعت في الأشهر القليلة الماضية أضعفت الثقة اللازمة لإجراء محادثات ناجحة. وستمثل بداية المحادثات المرتقبة خطوة تاريخية، حيث رفضت طالبان مرارا على مدار الـ19 عاما الماضية الدخول في أي محادثات مع الحكومة التي وصفتها بـ”الدمية”. وشكّل مصير السجناء عقبة أساسية في طريق إطلاق محادثات السلام بين الطرفين، اللذين أكدا التزامهما باستكمال عملية تبادل السجناء قبل بدء المفاوضات. واتُّخذ القرار في ختام “اللويا جيرغا” أو “المجلس الكبير” الذي استمر ثلاثة أيام، وهو اجتماع أفغاني تقليدي يضم زعماء القبائل وغيرهم من الشخصيات المؤثرة يعقد أحيانا لاتّخاذ قرارات بشأن المسائل المثيرة للجدل. وأثارت المداولات بشأن إطلاق سراح آخر دفعة من سجناء طالبان، المتهمين بتنفيذ بعض من أكثر الهجمات دموية في أنحاء البلاد، غضب المدنيين وجماعات حقوق الإنسان الذين شككوا في المغزى من عملية السلام. وأعلنت العضو في المجلس عاطفة طيب أنه “لإزالة العقبات التي تمنع بدء محادثات السلام ووقف القتل ولمصلحة الناس، وافق اللويا جيرغا على الإفراج عن 400 سجين تطالب بهم طالبان”. وتضم اللائحة الرسمية عددا كبيرا من السجناء الذين أدينوا بجرائم خطيرة، تورّط الكثير منهم في اعتداءات أسفرت عن مقتل العشرات من الأفغان والأجانب وتشمل 150 محكوما بالإعدام. وحض المجلس الحكومة على تقديم تطمينات للأفغان بأن السجناء الذين سيتم إطلاق سراحهم سيخضعون للرقابة ولن يسمح لهم بالعودة إلى القتال، مضيفا أنه سيتم إعادة المقاتلين الأجانب المفرج عنهم إلى بلدانهم. وأفرجت الحكومة الأفغانية عن نحو 5000 سجين من طالبان، لكن السلطات ترددت في إطلاق سراح آخر دفعة من السجناء الذين تطالب بهم الحركة. وضغط وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من أجل إطلاق سراحهم رغم اعترافه بأن القرار “لن يحظى بشعبية”. ومن ضمن السجناء 44 عنصرا بالتحديد يثيرون قلق الولايات المتحدة وغيرها من الدول جرّاء دورهم في هجمات كبيرة. و دعا الرئيس الأفغاني أشرف غني طالبان إلى تنفيذ وقف شامل لإطلاق النار مع التحرك نحو المحادثات، فيما لم يتضح ما إذا كانت الحركة المتمردة ستلتزم بخفض العنف. وستجرى مباحثات بين طالبان ولجنة مفوضة من الحكومة أولا في العاصمة القطرية الدوحة. وستكون الجولة الأولى إدارية بصورة كبيرة على الأرجح، وتقود إلى جولات أخرى لإبرام اتفاق سلام شامل. وأدرجت المحادثات الأفغانية الداخلية في نص الاتفاق الذي أبرمته واشنطن مع طالبان في فبراير، والذي تعهّدت الولايات المتحدة بموجبه سحب قواتها من أفغانستان بحلول منتصف العام 2021 مقابل الحصول على ضمانات أمنية. وقال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر السبت إن الولايات المتحدة ستخفض عديد قواتها في البلاد إلى أقل من 5000 بحلول نهاية نوفمبر، لكنها أضافت أن ذلك “مشروط”. وأكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرارا، قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة في نوفمبر، على رغبته في إنهاء أطول حرب في تاريخ بلاده والتي بدأت قبل 20 عاما عندما أطاحت واشنطن بطالبان عقب هجمات 11 سبتمبر. وأفاد تقرير للأمم المتحدة العام الماضي بأن أكثر من عشرة آلاف مدني سقطوا بين قتيل ومصاب في الصراع الدائر في أفغانستان في عام 2019 فقط، مما يرفع العدد الإجمالي للضحايا في العقد الماضي إلى أكثر من مئة ألف شخص.
مشاركة :