القاهرة- بدأ رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح زيارة للقاهرة الأحد يجري خلالها سلسلة من اللقاءات مع مسؤولين كبار في مصر، أحد عناوينها الرئيسية التباحث بشأن آليات التعامل مع المقترح الأميركي الخاص بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في سرت والجفرة، ومواجهة طرح تمكين مؤسسة النفط الليبية التابعة لحكومة طرابلس من استئناف عملها. وتتحفظ القاهرة على الانخراط الأميركي المفاجئ من خلال هذه الصيغة دون دراسة كافية، والتي تصب في صالح تعزيز الوجود التركي في ليبيا، وتتحايل على الخط الأحمر الذي حدده الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للتدخل العسكري، وتمكن المرتزقة وميليشيات الإسلاميين من إعادة التموضع تحت غطاء أمني برعاية دولية. وكان عقيلة صالح دعا الشهر الماضي في تصريحات إعلامية إلى أن تكون مدينة سرت مقرا للسلطة التنفيذية، مؤكدا أنه “لا يمكن لهذه السلطة العمل في العاصمة قبل تأمينها، وأن هناك قبولا لهذا المطلب من قبل الليبيين”. هدف الجيش الليبي الحفاظ على وحدة واستقرار ليبيا، ومنع انتشار المرتزقة في ربوعها، وتقويض الغزو التركي، ما يجعل قوات الجيش مستعدة لأي تحرك جديد لتحقيق الهدف في أي منطقة قريبة أو بعيدة ويرفض الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، الحديث حول اقتراح يتضمن انسحابه لنحو 160 كيلومترا، شرق سرت، ولا يتعدى تمركزه منطقة أجدابيا، في محاولة للسيطرة على منطقة الهلال النفطي، واستئناف ضخ النفط كسابق عهده، ووضع عائداته في المصرف المركزي للإنفاق على المتطرفين والإرهابيين والعصابات المسلحة، وتمويل الأسلحة التركية. وعلمت “العرب” أن القاهرة لا تمانع في التعاطي مع أي مقترحات لحل الأزمة الليبية سياسيا، سواء كانت أميركية أو من أي جهة أخرى، شريطة مراعاة التوازنات الحقيقية على الأرض، وتوفير الضمانات اللازمة لعدم تهديد الأمن القومي المصري. كما ترفض التحايل على ثوابتها المعلنة، ولن توافق على إعادة تمركز قوات أمنية تابعة لوزارة داخلية حكومة طرابلس (حكومة الوفاق) التي يقودها فتحي باشاغا في سرت والجفرة، واشترطت أن تبتعد نحو مئة كيلومتر باتجاه مصراتة لمناقشة القضية. ويجهز باشاغا ميليشيات من بينها متطرفون من المرتزقة السوريين تمهيدا للدفع بهم نحو سرت والجفرة وفقا لرغبة واشنطن التي سعت وفودها الدبلوماسية لتدشين مقترحها، كتأكيد على أن لها اليد الطولى في ليبيا. عقيلة صالح دعا الشهر الماضي إلى أن تكون مدينة سرت مقرا للسلطة التنفيذية عقيلة صالح دعا الشهر الماضي إلى أن تكون مدينة سرت مقرا للسلطة التنفيذية وتعجبت مصادر مصرية تتابع التطورات عن كثب من التدخل الأميركي بهذه الصيغة التي تنم عن “جهل سياسي بما يدور في ليبيا”، وتعبر عن عمق التواطؤ مع تركيا، وامتلاك واشنطن لرؤية غير واضحة، غرضها إثبات التغطية على ارتباكاتها السابقة. وظهر تضارب في المواقف بين وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين الفترة الماضية، انعكس على طريقة التعامل مع الأزمة، ثم طرح المقترح الجديد، والذي لم تقم واشنطن بمشاورات كافية بشأنه مع الجهات المحلية والإقليمية والدولية التي تعلم الكثير من تفاصيل وخفايا الأزمة، ما يشي بأنه حيلة لشرعنة الميليشيات الليبية والمرتزقة، وتقنين وجودهم ضمن القوات الأمنية. وأضافت المصادر لـ”العرب” أن المقترح الأميركي جاء وكأن واشنطن هي اللاعب الوحيد في ليبيا، أو تملك مفاتيح الحل والعقد وحدها، متجاهلة أن هناك قوى عديدة تستطيع قلب الطاولة، فالتعقيدات التي تمر بها الأزمة تستوجب مشاورات كبيرة لضمان تنفيذ حلول من نوع المنطقة العازلة، لأن التداعيات المترتبة عليها قد تتطلب دعما كبيرا من المجتمع الدولي، ومع التباين الحاصل في رؤى القوى الكبرى من الصعوبة الالتفاف حول طرح أميركي يفتقد الحد الأدنى للتوازن. ونشطت الإدارة الأميركية خلال الأيام الماضية في محاولة لتهيئة الأجواء لإعادة تصدير النفط، وبالتالي إنفاقه على تركيا والمرتزقة، وهي طريقة غير مقبولة من جانب القبائل الليبية التي تتولى حماية الآبار في الهلال النفطي، وتملك بالتعاون مع الجيش الوطني الليبي قرار التصديرأو المنع. وفهمت بعض الدوائر السياسية أن استقبال الرئيس السيسي بالقاهرة لوفد كبير من شيوخ وأعيان القبائل في ليبيا، الشهر الماضي، هدفه الحصول فقط على تفويض بالتدخل العسكري المصري، بينما حمل أيضا إشارة على أن للقاهرة دورا في ضخ أو وقف النفط، وبالتالي من الضروري التوصل إلى تفاهمات معها في الأمر. وتشترط القبائل لاستئناف تصدير النفط وضع عائداته في حساب جهة محايدة لضمان التوزيع العادل للثروة التي جرى نهبها، على جميع أنحاء البلاد، ومنع تسريب الأموال لحساب أشخاص ومؤسسات غير مستحقة، بينما يعاني غالبية المواطنين من شح كبير. عندما انسحب الجيش الليبي تكتيكيا من محيط طرابلس في مايو الماضي، كان غرضه الرئيسي الاحتفاظ بأوراق ضغط مؤثرة لضبط المعادلة بتكلفة أقل، لأن الانتظار الطويل لدخول العاصمة سيكون باهظا، ويثير المزيد من الحساسيات، في حين يمثل التمركز في سرت والجفرة، والسيطرة على منطقة الهلال النفطي، ورقتي ضغط مهمتين. الجيش يرفض الانسحاب 160 كيلومترا، شرق سرت، بحيث لا يتعدى تمركزه أجدابيا، سعيا لإخراجه من الهلال النفطي وأكدت مصادر عسكرية لـ”العرب” أن هدف الجيش الليبي الحفاظ على وحدة واستقرار ليبيا، ومنع انتشار المرتزقة في ربوعها، وتقويض الغزو التركي، ما يجعل قوات الجيش مستعدة لأي تحرك جديد لتحقيق الهدف في أي منطقة قريبة أو بعيدة. ولوحت الإدارة الأميركية باستخدام العصا، حيث كانت العقوبات المالية التي فرضتها وزارة الخزانة على شبكة تهريب ليبية في مالطا مؤخرا، كدلالة على أنها تستطيع محاسبة من تسببوا في وقف ضخ النفط الليبي. وأطلقت تهديدا أفاد بمواصلة اتخاذ إجراءات ملموسة ضد من وصفتهم بأنهم “يقوضون السلام والأمن والاستقرار في ليبيا”، متجاهلة كل الخروقات التي قامت بها حكومة الوفاق، والإنفاق ببذخ على الميليشيات، وعقد صفقات مشبوهة مع تركيا على حساب المواطن الليبي.
مشاركة :