غيمة عسير • #صحيفة_الرؤية_الدولية

  • 8/10/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بين الغيمة والحياة قصة أمل لا ينضوي وبين الغيمة والشعراء آهات وآلام لا تنجلي وبين الغيمة والرسامين احاسيس لا تنقضي وبين الغيمة وعسير عناق ووصال لا ينتهي تلك الغيمة تبدأ بقطرة مطر ولاتنتهي غيمة يجمعها الحياء ويفرقها البكاء غيمة تجعل زرقة السماء تنبض بالحياة غيمة تبعث حيث حلت، وتهلك حيث ولت أسرت الطبيعة الخلابة لمنطقة عسير متابعي منصات وسائل التواصل، حيث تزينت جبالها بالزهور والأشجار، وانهمرت السماء بالأمطار، وتغطت مرتفعاتها بالضباب، فيما تسابق عشاق التصوير الضوئي في توثيق تلك المناظر الخلابة بالصور ومقاطع الفيديو التي تناثرت على منصات التواصل الاجتماعية، أظهرت مشاهد ساحرة تأسر القلوب، وتعكس جمال الطبيعة الخلاب،عبر وسم تغطية_مناظر_طبيعية_من _الجنوب. ولعسير والغيمة رواية عشق لاتنتهي وصيف وضباب وبرق ورعد ومطر وصدق الشاعر (سعد السحيمي )في قوله تنفّس كل مافيها وعيش أحلى لياليها ولا تسمع حكي فيها وقول الله يحميها 💚 مابين الإنسان والغيمة قصة حضارة تجلت في الأدب والفن وكافة مجالات التعبير عن الوجدان الإنساني . وتغنى العرب في شعرهم القديم والحديث بالغيوم وأنواعها. وللشاعر امرؤ القيس لوحة شعرية عدَّها النقاد من أشعر ما قالته العرب في وصف السحاب والغيث، يقول واصفاً سحابته: ديمــة هطـلاءُ فيـها وطـفٌ طبـقَ الأرض تجــرَّى وتـدرّ تُخـرِجُ الوِدَّ إذا ما أَشْـجَذَتْ وَتُـورايــهِ إذا ما تَشــتَـكِـر وَتَـرَى الضَّـبَّ خَفِيـفاً مَاهِراً ثـانيــاً بـرثنـهُ ما ينعفــــر وَتَــرَى الشّـَجْـرَاءَ في رَيِّقِــهِ كَرُؤوسٍ قُطِعَتْ فيها الخُمُرْ سَــاعَة ثُمّ انْتَحَـــاهَا وَابِــلٌ سـاقط الأكناف واهٍ منهمر ويقول إيليا أبو ماضي في قصيدة بعنوان «العنقاء»: وأتى الشــتاء فلم تكن في غيــمه الباكي، ولا في رعده المتفجع ولمحت وامضـة البـروق فخلتــها فيها، فلم تك في البروق اللمّع وقد يكون أبو ماضي أكثر الشعراء العرب في العصر الحديث تطلعاً إلى الغيوم التي كثيراً ما احتلت صدر البيت الأول في قصائده، كما هو حال قصيدته «عطش الأرواح» وقصيدة «المساء» ، وهكذا استخدمت الغيوم في أكثر من موضع لتعبر عن حالة من حالات الغيم، أو تصف حالة من الحزن أو الارتباك لموقف غير واضح، ولهذا كثيراً ما استخدمت عبارة “سمائي أو سماء ملبدة بالغيوم” في مواضع من الكتابات الأدبية، أو الفكرية أو السياسية. وقبل أن توجد الكاميرا وترصد حركات الغيوم، وإيحاءاتها التي قد لا تنتهي، جسد الفنانون في لوحاتهم التي حضرت فيها الطبيعة حركات الغيوم، التي رسمت نفسها في السماء قبل أن يرسمها الفنانون في لوحاتهم. استحوذت الغيوم على مخيلة الفنان الهولندي فنسنت فان كوخ فقد رسم هذا الفنان في أعماله (منظر طبيعي من سان ريمي، ومشهد ليلي للنجوم، وحقل القمح مع أشجار السرو) سحباً رائعة ، ورغم أن أعمال هذا الفنان المدهش تقع في نقطة التقاطع بين ثلاثة اتجاهات تشكيلية: الانطباعية، والوحشية، والتعبيرية، فإن غيومه ظلت تغرد خارج سرب السحب في اللوحة التشكيلية الغربية. كما قدم أعظم السرياليين الفنان الإسباني سيلفادور دالي لوحات احتلت الغيمة فيها مكانة رفيعة، كما في عمله المدهش «ثلاثة أبو الهول» حيث تتحول الغيوم إلى رأس بشرية. وعبر درجات من الظل والنور، تمثل لوحة “النهر والطاحونة” للفنان البريطاني جون كونستابل البراعة في رسم الغيوم. والأمر لم يختلف كثيراً في أعمال الفنان الروسي إيفان ايفازومنسكي الذي جسد الغيوم بكل تدرجاتها اللونية، من خلال لوحته “الموجة التاسعة”، لتعبر عن حالة مأساوية من الطبيعة. لم تكن هناك أدنى فكرة عن أنواع الغيوم حتى بداية القرن التاسع عشر ،كانت تبدو مجرد تكوينات عشوائية عصية على التصنيف. غير أنه في شهر ديسمبر من عام 1802م، ألقى شاب بريطاني اسمه لوك هوارد، يهوى الأرصاد الجوية، محاضرة في لندن تحدث فيها عن أنواع الغيوم وصفاتها، مطلقاً عليها الأسماء التي ما زالت متداولة حتى اليوم.. الركامية، السمحاقية،الستراتوس.وبعد مرور أكثر من عشر سنوات، نشرت المحاضرة في حولية الفيزياء الألمانية (Annalen der Physik) تحت عنوان «مقال حول تعديل الغيوم».. لاقت تلك المقالة إعجاب الشاعر والفيلسوف الألماني يوهان فولفغانغ غوته الذي كان يومها مديراً لمعهد الفنون ومهتماً بالغيوم ودراساتها، ولديه حولها أفكار وقصائد.وكان ينوي استحداث محطة للأرصاد الجوية لجمع البيانات ورصد حالة الطقس، وعدّها بأفكارها الجديدة ومنهجها العلمي التجريبي، منعطفاً جديداً في حقل مجهول.. .التقط الكاتب البريطاني ريتشارد همبلين هذه الثيمة، وسردها في كتابه «اختراع الغيوم – كيف استطاع هاوي الأرصاد الجوية أن يقرأ لغة السماء»، يقول همبلين: «حدث تقدم علمي غير مسبوق وغير عادي في السنوات الأولى من القرن التاسع عشر عندما أطلق لوك هوارد الأسماء على السحب والغيوم، من خلال منهجية علمية لتحديد هيكلية الغيوم التي كانت حتى ذلك الوقت عشوائية ومجهولة.. لقد حازت ثورة هوارد في علم الأرصاد الجوية على إعجاب معاصريه في الفن والأدب والعلم، أمثال غوتة وشيلي، وكولريدج، وكونستامبل». لا نعرف اليوم كثيراً عن أسماء الغيم وصفاته وحالاته. قد نستعمل على الأقل اثنين أو ثلاثة أسماء للغيم هي الغمام والسحاب والمزن.. لكن قليلاً منا يعرف أن العارض، والمكفهر اسمان آخران من أسماء الغيم، بالإضافة إلى عشرات الأسماء والصفات ،نقرأ لأبي منصور الثعالبي (ت 429 هـ) في فقه اللغة تفصيلاً مشوقاً عن الغيمة وأسمائها وصفاتها، حيث يقول: «أوّل ما ينشأ السحاب، فهو نشء، فإذا انسحب في الهواء، فهو السحاب، فإذا تغيرت وتغممت له السماء، فهو الغمام، فإذا كان غيم ينشأ في عرض السماء فلا تبصره، وإنما تسمع رعده، فهو العقر، فإذا أطلّ وأظلّ السماء، فهو العارض، فإذا كان ذا رعد وبرق، فهو العرّاص. فإذا كانت السحابة قطعاً صغاراً متدانياً بعضها من بعض، فهي النّمرة، فإذا كانت متفرّقة، فهي القزع…، فإذا كانت قطعاً كأنها قطع الجبال، فهي قلع، وكنهور (واحدتها كنهورة)، فإذا كانت قطعاً رقاقاً، فهي الطّخارير (واحدتها طخرور)… فإذا غلظ السحاب وركب بعضه بعضاً، فهو المكفهرّ، فإذا ارتفع ولم ينبسط، فهو النّشاص، فإذا تقطع في أقطار السماء وتلبّد بعضه فوق بعض، فهو القرد، فإذا ارتفع وحمل الماء وكثف وأطبق، فهو العَمَاء، والعَمَاية، والطَّخاء، والطَّخاف، والطَّهاء، فإذا اعترض اعتراض الجبل قبل أن يطبق السماء، فهو الحبيُّ، فإذا عنّ، فهو العنان، فإذا أظل الأرض فهو الدَّجن، فإذا اسودَّ وتراكب، فهو المُحمومي، فإذا تعلَّق سحاب دون السحاب، فهو الرَّباب، فإذا كان سحاب فوق سحاب، فهو الغفارةُ، فإذا تدلَّى ودنا من الأرض مثل هدب القطيفة، فهو الهيدبُ، فإذا كان ذا ماء كثير، فهو القنيف، فإذا كان أبيض، فهو المزن، والصَّبير، فإذا كان لرعده صوت، فهو الهَزيم، فإذا اشتدَّ صوت رعده، فهو الأجشُّ، فإذا كان بارداً وليس فيه ماءٌ، فهو الصُّراد، فإذا كان ذا صوت شديد، فهو الصَّيّب، فإذا أهرق ماؤه، فهو الجهام وقيل بل الجَهاَم الذي لا ماء فيه».

06 الخميس , أغسطس, 2020

غيمة عسير

  • 0
  • الوطن

مشاركة :