توصي وكالة الطاقة الدولية أعضاءها بأهمية امتلاك احتياطيات نفطية لنحو 90 يوما من احتياجات الدولة من أجل أن تمارس ضغوط هبوطية على أسعار النفط المرتفعة وفي حالة الطوارئ. لكن لم يتحدث المحللون عن ارتفاع المخزونات بشكل يفوق المخزونات الاستراتيجية المطلوبة للطوارئ، فنجد الولايات المتحدة تمتلك مخزونات بنحو 536.6 مليون برميل في 22 يوليو 2020، وتحتاج إلى صيانة وتشير التقديرات إلى إمكانية وصول تكلفتها إلى تريليوني دولار، وبدون هذه العملية ربما تصبح هذه المرافق عديمة الجدوى في حالات الطوارئ، وبلغ إجمالي مخزونات الصين في 29 يوليو 2020 نحو 782 مليون برميل. تصبح المخزونات المرتفعة في حالة اتجاه أسواق النفط متخمة من المعروض غير ذات جدوى بل تساهم في أن تهوي أسعار النفط، مثلما هوت أسعار النفط الأميركي في 20 أبريل 2020 عندما غاب التوازن بين العرض والطلب، وارتفعت المخزونات التي يفترض أن تستخدم عند الطوارئ، عندما يقل العرض أو ترتفع الأسعار. لم تعد دول أوبك والدول المستقلة تنتج النفط بل هناك دول انضمت إليهم وهي الولايات المتحدة وكندا، فبدأ الضرر يصيب الدول صاحبة المخزونات أكثر من الدول المنتجة، خصوصا وأنه صاحبه نضوب الطلب على النفط بسبب جائحة كورونا، فنتج عن ذلك تخمة عالمية في المعروض بجانب ارتفاع في المخزونات، ما جعل النفط ينزل في أمريكا إلى ما دون الصفر لأول مرة في التاريخ بسبب أن المضاربين يحرصون على تصريف مشترياتهم وهم لا يتعاملون إلا بالعقود وليس لديهم مستودعات للتخزين أي البيع الفوري إما للمصافي المتوقفة بسبب الجائحة وإما للمخزونات الاستراتيجية المتخمة بالنفط الخام. انخفاض الأسعار أدى إلى عجز واضح في العرض بعدما تقلص الإنتاج الكندي بنحو مليون برميل يوميا علاوة على تسجيل أنشطة الحفر الأمريكية أدنى مستوياتها في عقود ما يدعم خطط أوبك في خطتها لتقييد المعروض بنسب تدريجية ليزيد العرض مليوني برميل ابتداء من سبتمبر 2020. وفق أحدث بيانات العرض والطلب والمخزونات علاوة على مراجعة نسبة الامتثال لخفض الإنتاج التي سجلت 87 في المائة في يونيو 2020 خاصة بعد اتصالات قام بها كبار المنتجين لحث المنتجين الأقل امتثالا على تصحيح مسارهم والوفاء بكامل حصص خفض الإنتاج مثل العراق وأنجولا ونيجيريا وحصلت على تعهدات جيدة بالوفاء بكامل حصص خفض الإنتاج، كما أجرت روسيا مع دول خارج المنظمة خاصة كازخستان وحصلت على نتائج مماثلة، وقد لا تلجأ منظمة أوبك إلى تمديد تخفيضات الإنتاج الكبيرة شهرا إضافيا أو أكثر. رغم أن الأمين العام لمنظمة أوبك محمد باركيندو أعلن في 14/7 / 2020 من أن سوق النفط تقترب من الوصول إلى التوازن بفضل ارتفاع تدريجي للطلب على الخام إلا أن باترسون مدير استراتيجية السلع الأولية في أي إن جي وفق رويترز لا يزال يجري تداول النفط بطريقة على أساس الارتباط بنطاق غير معقول، ما يعني أن المضاربين صاروا أكثر قلقا حيال تعافي الطلب، إذ أن الوتيرة أبطأ بكثير من توقعات السوق بعد الدخول في النصف الثاني من 2020. لم يعد القلق مقتصرا على الدول المنتجة كما كان سابقا بل أصبح القلق يشمل دائرة أوسع من المنتجين التقليديين بعدما أصبحت دول مستهلكة منتجة من أهم تلك الدول أمريكا وكندا فمن مصلحتهما استقرار أسواق النفط، وهو ما تدركه السعودية وتستوعبه ويريحها في قيادة أسواق النفط بعدما انتهى عهد تحميل طرف المسؤولية دون طرف آخر، ما يعني أنه يجب إعادة النظر في ارتفاع المخزونات المكلفة والتي تسببت في انهيار الأسعار عندما أصبحت الأسواق متخمة بالمعروض، ما يعني أن الدول المنتجة تساهم في خفض الإنتاج وكذلك على الدول الكبرى أن تخفض مخزوناتها من النفط الخام بما يتماشى مع حاجة الطوارئ فقط.
مشاركة :