دارت مرة أخرى عجلة الأحداث اليونانية، محملة بمخاطر وتوقعات حذرة لما ستؤول إليه الأوضاع في الدولة الأوروبية المأزومة، وسط مشاعر مختلطة بين التشاؤم حول قدرة أثينا على تجاوز الأزمة من خلال حزمة إنقاذ أوروبية، يرجى أن تكون الأخيرة، والغضب الذي يكتنف كثيراً من اليونانيين الذين وجدوا أنفسهم مرغمين على قبول شروط رفضوها مسبقاً في استفتاء شعبي. وفي هذه الأجواء، وصل إلى أثينا خلال هذا الأسبوع وفد ما يعرف ب ترويكا الدائنين، والذي يضم ممثلين عن صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي. وسيعمل وفد الترويكا على تقييم وضع الاقتصاد اليوناني الذي أنهكته القيود المالية، فيما ينظر اليونانيون إلى الوفد باعتباره رمزاً لفرض وصاية على بلادهم. أيضاً، سيكون هذا الأسبوع حاسماً لمستقبل رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس، إذ ينص اتفاق بروكسل على التصويت غداً على إصلاحات جديدة في مجالي القضاء المدني والتشريعات المصرفية. وذكرت صحيفة أفغي القريبة من حزب رئيس الوزراء سيريزا: إن تسيبراس يريد أن يجعل من هذا التصويت الجديد اختباراً على أن يستقيل في حال ازدادت الأصوات المعارضة. وكان تسيبراس خسر الأربعاء الماضي 39 صوتاً من أصل أصوات نواب حزبه ال 149، إذ اعتبر هؤلاء الأعضاء أنه لم يحترم نتيجة الاستفتاء الذي جرى في 5 يوليو/تموز الماضي، وصوت فيه اليونانيون بغالبية ساحقة ضد سياسة التقشف. كذلك واجه تسيبراس انتقادات بول كروغمان الحائز جائزة نوبل للاقتصاد والذي كان من أشد منتقدي تدابير التقشف المفروضة على أثينا، حيث كتب خبير الاقتصاد الأمريكي ربما بالغت في تقدير كفاءة الحكومة اليونانية. وقال وزير الدولة نيكوس باباس مساعد تسيبراس متوجهاً إلى المعارضين إن رئيس الوزراء هو آخر من يختار الانقسام لكنه ليس مستعداً للتنازل تحت ضغط الحزب المؤيد للدراخما العملة اليونانية قبل اعتماد اليورو. وبدأت اليونان أمس تسديد أكثر من ستة مليارات يورو إلى البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وأعادت في الوقت نفسه فتح مصارفها بخدمات محدودة بعد إغلاقها ثلاثة أسابيع، وبعد زيادة ضريبة القيمة المضافة. وبفضل 7,16 مليار يورو التي أفرج عنها بشكل عاجل الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة الماضي، سلمت اليونان أمس دفعتين تخلفت عن سدادهما في 30 يونيو/حزيران، و13 يوليو/تموز إلى صندوق النقد الدولي يبلغ مجموعهما ملياري يورو، كما دفعت 4,2 مليار يورو من قرض وفوائد مترتبة إلى البنك المركزي الأوروبي. ورفعت كل فروع المصارف اليونانية في البلاد ستائرها الحديدية على أن تبقى القيود المفروضة على عمليات السحب والرقابة على الرساميل سارية مع تليينها بعض الشيء. وبات بوسع اليونانيين معاودة استخدام بطاقات الائتمان للقيام بمشتريات في الخارج. كما يمكن القيام بتحويلات تصل إلى خمسة آلاف يورو في الفصل لليونانيين الشبان الذين يدرسون في الخارج. وبات يحق لليونانيين الذين يتلقون علاجات طبية في الخارج إخراج 2000 يورو من البلاد. وكان يمكن لكل يوناني سحب ستين يورو على الأكثر يومياً من أجهزة التوزيع ووحدهم المتقاعدون كانوا يستطيعون الذهاب إلى أجهزة تبقى مفتوحة لسحب 120 يورو أسبوعياً. ودعت لوكا كاتسيلي رئيسة اتحاد المصارف اليونانية، والبنك الوطني اليوناني، أحد التجمعات المصرفية الأربعة الرئيسية في هذا البلد، أمس، جميع العملاء إلى الهدوء وإلى إعادة إيداع مدخراتهم في المصارف لدعم ملاءة النظام المصرفي. وتأمل الحكومة اليونانية في تحقيق عائدات سنوية إضافية بقيمة 2,4 مليار يورو اعتباراً من العام 2016 و795 مليون يورو هذه السنة. (وكالات)
مشاركة :