تحقيق: عبد الرحمن سعيد رفع تقييد الحركة وعودة النشاط في مختلف المراكز والأماكن العامة لا يعني عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية التي تشدد عليها الجهات المختصة، وأهمها ارتداء الكمامة والالتزام بالتباعد الاجتماعي عند الخروج من المنزل والتواجد في الأماكن العامة، ولكن نسبة من الأسر تعتقد أن رفع تقييد الحركة يعني أن «الخطر زال»، ولا تتوانى في اصطحاب أطفالها إلى مراكز التسوق ومختلف الأماكن العامة دون استخدام الكمامات، معرضين للعدوى والإصابة بالفيروس. «الخليج» تجولت في العديد من مراكز التسوق، ورصدت بعض الأسر مع أطفالها وبينهم رُضَّع، غير حريصة على إلزام أطفالها باستخدام الكمامات، في المقابل كثير من الأسر ملتزمة بالإجراءات بما فيها الأطفال، وطائفة ثالثة من الأسر تترك أطفالها يلمسون كافة الأسطح بغرض الترفيه وتضييع الوقت، حتى تنتهي من رحلة تسوقها دون إزعاج. وأرجع عدد من أفراد المجتمع أسباب اصطحابهم الأطفال إلى مراكز التسوق إلى 5 أسباب، تشمل ارتفاع درجة الحرارة، واقتراب موعد عيد الأضحى المبارك، وضرورة شراء ملابس جديدة لأبنائهم، والالتزام طوال الشهور الماضية بالجلوس في المنزل خلال فترات تقييد الحركة، وعدم السفر خلال الفترة الصيفية، والالتزام بعدم زيارة أي من الأصدقاء للحد من التجمعات؛ لذا فهم مضطرون للخروج في الأماكن العامة، ولكن الالتزام باستخدام الكمامات أمر أساسي للوقاية من الإصابة. في المقابل أكد أطباء أن الطفل يحتاج للأكسجين أكثر من البالغين؛ لذلك يجب اختيار الكمامات المناسبة للطفل، والحرص على عدم التواجد في أماكن يلتزم فيها الطفل باستخدام الكمامة أكثر من ساعتين بشكل متواصل. يقول محمد يوسف حسين، موظف في أبوظبي، أب لثلاثة أبناء: «لا أقدر على الجلوس في المنزل فترة أطول من الماضية؛ حيث إني ملتزم بعدم الخروج إلا للضرورة القصوى منذ مارس/آذار الماضي، وقرب موعد عيد الأضحى المبارك الذي تعوّد خلاله أبنائي على التنزه وارتداء الملابس الجديدة. كان أبرز الدوافع وراء خروجي مع أبنائي اقتناء الملابس الجديدة لهم، وأحرص على استخدام أطفالي الكمامات عند خروجهم من المنزل. ويوضح أن الإجراءات الاحترازية التي طبقتها الدولة ساهمت بشكل ملحوظ في احتواء انتشار فيروس «كورونا» والسيطرة عليه، الأمر الذي بث في نفوسهم الطمأنينة، وشجعهم على الخروج وسط الالتزام بكافة الإجراءات الاحترازية المتبعة، بدءاً من لبس الكمامة والقفاز، وحتى ترك مسافة للتباعد الاجتماعي. طاقة الحبس وتقول آمال محمد إبراهيم، أم لطفلين ومقيمة «ربة منزل»، «أحرص على اصطحاب أطفالي معي عند الخروج إلى مراكز التسوق؛ للتخفيف عنهم بعد أكثر من 4 أشهر من تقييد الحركة، وفي ذات الوقت أحرص بشدة على استخدام الكمامات لأطفالي»، مشيرة إلى أن مراكز التسوق تلزم الجميع بإجراءات الوقاية في منافذ الدخول. وتوضح: «الدولة تعاملنا كأبنائها دون تفرقة، ما خفف عنا في هذه الفترة التي نلتزم خلالها بوقف الزيارات المنزلية، وأي تجمعات عائلية؛ لذلك نلجأ إلى الخروج بالأطفال إلى الأماكن الأقل زحاماً، حتى لا يظلوا طوال الوقت مع الأجهزة الإلكترونية».الالتزام للوقاية وتوافقها الرأي داليا محمد سامي، أم لطفلين ومقيمة «ربة منزل»؛ حيث تروي قصة طفلتها التي عانت مؤخراً من تشنجات في الأعصاب، بسبب استمرار جلوسها أمام الهاتف وغيره من الشاشات لتطبيق التعليم عن بعد، ما تسبب لها في أزمة ليست فقط جسدية، ولكن نفسية أيضاً. وتوضح أن ابنتها الكبرى كانت تجلس على الآيباد منذ استيقاظها في جميع الأوقات، وخلال فترة تناول الطعام والتعليم والترفيه وحتى تنام، ما بدأ يشكل مخاوف على صحة ابنتها؛ لذلك فإن فتح مراكز التسوق والمراكز التجارية والأماكن العامة كان قراراً صائباً، والمطلوب من الجمهور الالتزام بلبس الكمامات، بما في ذلك الأطفال عند ارتياد مراكز التسوق والأماكن المغلقة. وتقول، أنا أتعايش مع الواقع، وأحرص على الإجراءات الوقائية، واتباع كافة الإجراءات الاحترازية الصادرة من الجهات المختصة في هذا الشأن، بدءاً من لبس الكمامة والقفاز عند الخروج من المنزل، واستخدام كحول وتعقيم الأيدي بشكل مستمر، وبالذات للأطفال بمختلف فئاتهم العمرية.وتبيّن أن دولة الإمارات ضمن أفضل دول العالم في التعامل مع الفيروس، وتوفير الرعاية الصحية في حال احتياجها، ما بث الطمأنينة في نفسها، وجعلها قادرة على الخروج من المنزل والشعور بالأمان والاطمئنان على أسرتها وأطفالها. جهود الدولة ويوافقها الرأي عماد علي حلاوة، موظف لدى إحدى الشركات الخاصة؛ حيث يشيد بجهود الدولة في التعامل مع الفيروس، ما ساعدهم بشكل كبير في الخروج من المنزل، ومزاولة حياتهم بشكل طبيعي وسط الإجراءات الاحترازية. ويضيف: «عندي ثلاثة أطفال أحرص على عدم مصاحبتهم جميعاً مرة واحدة خارج المنزل؛ للتمكن من كيفية مراقبة الطفل، وتوعيته بالمخاطر التي تحيط بنا، وإرشاده بعدم لمس الأسطح أو المصافحة، بل أحرص على اصطحابهم تباعاً واحداً تلو الأخر، والتأكد من استخدام كل منهم الكمامات والقفازات، واستخدام المعقمات عند العودة للمنزل.ويتساءل: لماذا يسمح بتواجد أطفال في مراكز التسوق غير ملتزمين باستخدام الكمامات؟، يجب تنبيه أولياء أمورهم وأمهاتهم، والطلب منهم مغادرة المراكز في حال عدم الالتزام؛ حرصاً على صحتهم وسلامتهم. سلوك خاطئ ويقول أحمد عبيد النيادي، أب لأربعة أبناء وبنات: «لم أصطحب أولادي خارج المنزل للتنزه منذ مارس/آذار الماضي وحتى الآن، حيث إني أراه سلوكاً خاطئاً؛ لأن الطفل لا يدرك كيفية وقاية وحماية نفسه من عدوى الفيروس، وقد يلامس الأسطح والأرضيات أثناء عملية التسوق أو تنتقل له العدوى من الآخرين، ما يعرضه للخطر، والحل الأفضل هو إلزام الطفل باستخدام الكمامات عند الخروج من المنزل، إلا أن المشكلة تكمن في أن الطفل لا يستطيع تحمل استخدام الكمامة لساعات طويلة». ويضيف أن الأرقام والإحصاءات التي حققتها الدولة مؤخراً لجهة خفض عدد الإصابات بالفيروس جعلت كثيراً من الآباء والأمهات يستهترون بخطورة خروج الأطفال في هذه الفترة من المنازل، رغم التحذيرات الرسمية بأهمية إبقاء الأطفال في المنازل؛ للوقاية ومحاصرة انتشار الفيروس، ومنع انتقال العدوى لهم.وينصح بأهمية توعية أولياء الأمور لأطفالهم بمخاطر عدم استخدام الكمامات، وأنه يجب على الآباء نقل المعلومات الصحيحة دون تخويف أطفالهم، من خلال إعطاء معلومات صحيحة ومبسطة عن فيروس «كورونا» المستجد وكيفية انتشاره، وما يمكننا القيام به للمساعدة في تقليل المخاطر، مثل تعويد الأطفال على غسل الأيدي بشكل متكرر عند ملامسة الأشياء لمدة لا تقل عن 20 ثانية، أو استعمال المعقمات التي تكون فيها نسبة الكحول أكثر عن 70%، مؤكداً أهمية الابتعاد عن التجمعات والبقاء في المنزل؛ لحمايتهم من الفيروس، وتقديم التغذية السليمة، وتناول الوجبات الغذائية المتوازنة، وعدم مخالطة من لديه أعراض للبرد أو الحمى، وتجنب التواجد في الأماكن العامة، وفي حال الخروج من المنزل استخدام الكمامات. نوع الكمامة وتقول الدكتورة مروة إسماعيل خالد، أخصائي طب الأسرة في أبوظبي، إن ارتداء الكمامة لأطفال أقل من 12 عاماً لفترات طويلة غير مرغوب فيه، وإنه يجب التأكد من نوع الكمامة قبل ارتداء الطفل لها، وهل تسمح بدخول الهواء أم لا؛ حيث إن الطفل يحتاج إلى أكسجين أكثر من الشخص البالغ الذي يجب أن يتنفس دون الكمامة كل ساعتين على الأكثر، لكيلا يشعر باحتباس ثاني أكسيد الكربون. وتوضح أنه يجب على الوالدين ألّا يصطحبوا أطفالهم إلى أماكن مزدحمة كالمراكز التجارية بشكل عام، بل والأماكن المفتوحة كالحدائق والشواطئ. وتنصح بغسل الأيدي والجسم كاملاً بالماء والصابون مدة لا تقل عن 20 ثانية عند العودة من خارج المنزل؛ حيث إن الصابون يساعد على التعقيم. وتضيف، من الصعب إقناع الأطفال بعدم ملامسة الأشياء، وعدم محافظتهم على مسافة الأمان مع الآخرين، أو العطس أو السعال على البضائع، ولمس البضائع على الأرفف خلال عملية التسوق، داعية الآباء والأمهات إلى إبقاء أطفالهم في المنازل خلال عملية التسوق، والاكتفاء بخروج شخص واحد للتسوق، واتباعه الطرق الآمنة والإجراءات الاحترازية التي أوضحتها وزارة الصحة ووقاية المجتمع، والجهات ذات الاختصاص. وتذكر أن الأطفال ليسوا بأمان من الوباء، على الرغم من أن الأطفال أقل عرضة للإصابة بأعراض شديدة، إلا أنهم يحملون المرض، ويصابون به في حال عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية، ويُسهمون في نقله للآخرين؛ لذلك لا بد من أخذ الاحتياطات الكافية لحماية الأطفال. أعراض ويقول الدكتور حسام محمد التتري، استشاري طب الأطفال والأمراض المعدية والمناعة في أبوظبي، إن الموضوع ينظر له من جانبين، أولهما جهة الاختصاص القانونية التي سمحت للأطفال بالخروج من المنزل، والثاني نفسيّ؛ حيث يجب على الوالدين اصطحاب الأطفال خارج المنزل؛ لأنهم تأذوا نفسياً بشكل كبير وملحوظ لمختلف الفئات العمرية، ولكن يبقى المنظور الأخير وهو المسؤولية الشخصية من حيث الانتباه على تصرفات الأطفال وتوعيتهم بمخاطر لمس الأسطح وغيرها، وإن الانتباه على تصرفات الطفل أمر ليس صعباً، وإذا كان الوالد غير قادر على هذا الأمر يمتنع عن الخروج أفضل. ويضيف: إن الأثر السلبي لطول مدة جلوس الأطفال في المنزل يتلخص في أن نسبة كبيرة منهم أصبحوا يستخدمون الهواتف والأجهزة اللوحية بشكل مبالغ فيه، ما أدى إلى مشاكل في النظر، وكثرة حالات الشكوى من الصداع، والضيق النفسي الذي ظهر على شكل تغير في سلوك الطفل، والعنف والرفض الدائم لأبسط الطلبات من الأهل، ومجموعة من الشكاوى التي ليس لها أي تفسير عضوي، مثل ألم متكرر في البطن والرأس والحلق يكون الغرض منه جلب الانتباه أو إيجاد عذر للخروج من المنزل والذهاب إلى زيارة الطبيب. ويقول، يجب على الوالدين غسل أيدي الأطفال بالماء والصابون قبل تناول الطعام وفور الوصول إلى المنزل، بحيث يكون هناك توازن بين العمل بالمتاح من الناحية القانونية، والمطلوب نفسياً للطفل، والأخذ بالإجراءات الوقائية التي اعتدنا عليها جميعاً في حياتنا اليومية.
مشاركة :