يستعرض الكاتب الفلسطيني بسام أبو شريف، في كتابه الصادر، أخيراً، عن دار رياض الريّس للكتب والنشر في بيروت، تحت عنوان غسان كنفاني القائد والمفكر السياسي، مراحل عدة، غنية وصاخبة من حياة الراحل غسان كنفاني (1936- 1972)، وذلك على إيقاع الفجيعة التي ضربته وهو في ريعان الشباب، عندما أقدمت إسرائيل على اغتياله بعبوة انفجرت في سيارته أثناء وجوده في لبنان. 43 عاما ً يستذكر أبو شريف، وتزامناً مع حلول الذكرى الـ43 على استشهاد كنفاني، رفيق كنفاني وأقرب أصدقائه تلك المأساة، إذ يكتب في مقدمة الكتاب الذي أصدره: أنت علمتنا كيف يكون الحزن الكبير، كيف يكون الحزن من الداخل، عنيفاً، عميقاً في القلب والشرايين. علمتنا كم تكون الدموع تافهة إذا ما قيست باختناق القلب. علمتنا، وأنت تتحدث عن رفاقك الشهداء، ألا نحس بغيابهم، لأن نهايتهم الجسدية تعني بداية طريقهم التي اختاروها. وكان المؤلف قد تعرض لمحاولة اغتيال، بعد أسبوعين من رحيل كنفاني، عندما وصل إلى مكاتب مجلة الهدف في بيروت طرد باسمه، في داخله كتاب. وما إن فتحه، حتى انفجرت في وجهه عبوة أصابته بحروق بليغة، وأفقدته شيئاً من سمعه ومن بصره. مرتبة الشرف وفي كتابه، الممتدة فصوله على أربعة مشاهد، يشير أبو شريف إلى أن كنفاني كان مثقفاً نهماً، يقرأ كل ساعة ويكتب كل ساعة، فـكانت عينه ثاقبة، وحسه مرهفاً، وإلى أنه كان أول من عرف بـشعر المقاومة، وبـشعراء المقاومة، فـأصبحت كتاباته عنهم مرجعاً يقرر في الجامعات ومرجعاً للدارسين، ويذكر أن الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش كتب عنه مقالة، أورد فيها أن غسان كنفاني نقل الحبر إلى مرتبة الشرف، أعطاه قيمة الدم. يقتحمنا دائماً بقوة كلماته التي لا تموت. كم كتب الفلسطينيون وماتوا، لكن حبرهم كان يجف مع دمهم. كتابته هي النادرة التي تصلح للقراءة بعد العودة من جنازة كاتبها. وتاريخ تبلور النثر الفلسطيني لم يبدأ إلا مع غسان كنفاني. ويكشف أبو شريف في أحد فصول الكتاب أن المخابرات الإسرائيلية اغتالت غسان كنفاني. الأجمل في حياتي يصف المؤلف السنوات التي قضاها برفقة غسان كنفاني بأنها الأجمل في حياته، إذ تعلمت منه الكثير، وكنت معجباً به، واعتبره نموذجاً للتطور والتنور، مشيراً إلى أن إقباله على الحياة بشغف وتفاؤل كان يبث في من حوله شعوراً عميقاً بالأمان. ويضيف: أحب غسان كنفاني شجرة الصبار، لشوكها وزهرها، تتحدى الجفاف وتصارع من أجل البقاء.
مشاركة :