كشف باحثون عن وجود «نهر» يشق إقليم الأحساء قديمًا، الأمر الذي وثقه عدد من الوثائق التاريخية، وعلاقته بعيون الأحساء الشهيرة، التي كانت تروي الواحة الخضراء وتصب في نهاية مجراها إلى بحيرة الأصفر والنابضة حتى يومنا هذا.أخصب الأقاليموأكد الباحث في التاريخ حسين الرمضان، في حديثه لـ«اليوم»، أن إقليم الأحساء يُعتبر أخصب أقاليم جزيرة العرب، بسبب كثرة ينابيعه وعيونه وأنهاره القديمة، ووفرة محاصيله الزراعية وتنوعها، وورد في سالنامة ولاية البصرة لعام 1318هـ، عن الأنهر في الأحساء ما نصه: «وفي اللواء من الأنهر الصغيرة والكبيرة قدر 800 نهر تقريبًا».ويعتبر نهر سليسل أشهر الأنهر في الأحساء، وأكثرها تفرعًا، لذا عُرف واشتهر عند أهل الأحساء بـ«نهر سليسل العظيم»، واكتسب اسمه سليسل من «السلسلة»، فهو في امتداده وتشعبه وكثرة تفرعاته أشبه ما يكون بالسلسلة الطويلة، التي تتكون من حلقات مرتبطة، ويبلغ عرضه بين 9 و12 مترًا، وعمقه 1.2 متر، أما عن طوله فيبلغ 15 كيلو مترًا، بدون فروعه.القرى المستفيدةوأشار الرمضان إلى قرى الأحساء المستفيدة من مياه نهر سليسل، ومنها: «بني معن، الجبيل، الشهارين، المنيزلة، بني شافع، الفضول، المزاوي، العقار، الساباط، الجفر، الجشة، الطرف، المركز، الرميلة، القارة، الدالوة، التيمية، غمسي، مدينة العمران بقراها المتعددة، وبعض قرى الأحساء الدارسة مثل مصبوب، جرانة، الكتيب».مصدر المياهوكشف أن «عين الحقل»، التي تُعد من أكبر ينابيع المياه في واحة الأحساء تاريخيًا، هي مصدر مياه نهر سليسل، ويعتبر تدفق مياهها الأكبر بين ينابيع الواحة، إذ يقدر بحوالي 22500 جالون في الدقيقة، ويتفرع منها ستة أنهر، هي نهر المازني، وتتفرع منه السواقي التالية: «البويرد، والمحدث، والسيب»، وجميعها تسقي قرية الموازن الجنوبية.وأضاف: ثاني مصادر نهر سليسل، هي «عين الخدود»، التي تعد واحدة من أهم وأكبر ينابيع المياه في الأحساء، ويزيد عرض مجراها على 20 مترًا، وقدر بعض الخبراء كمية المياه المتدفقة منها في الدقيقة الواحدة بـ 20000 جالون، ويتفرع منها ستة أنهر هي: نهر النقبة، حديد، العباسي، الجازي، بني نحو، ضويغط، وبالقرب من عيني الخدود والحقل توجد أكثر من 45 عينًا صغيرة، ويجتمع جزء من مياه هذه العيون مع جزء من مياه الخدود والحقل ليشكلوا جميعًا نهر سليسل العظيم، الذي يمتد شرقًا حتى ينقسم إلى نهرين في موضع يقال له غزالة.الحيادي والدوغانيوقال الرمضان إن النهر الأول اسمه الدوغاني، ويأخذ ثلث الماء، ويمتد هذا النهر حتى يصل إلى مفترق الجسيم، وينقسم إلى نهرين، الحيادي، والآخر يبقى عليه نفس الاسم، الدوغاني، الذي يمتد شرقًا فيتفرع منه نهر يعرف بالجامودي، ويسقي نهر الدوغاني بفرعيه الحيادي والجامودي نخيل طرف الجبيل وبني معن والشهارين والفضول والمنيزلة وبني شافع والعقار والساباط والميزاوي والجفر والجشة، وتصب فضلات نهر الدوغاني في نهر يعرف باسم دريك.مجموعة الأنهروتابع: «النهر الثاني يأخذ ثلثي الماء، ويستمر عليه اسم سليسل، الذي يمتد حتى يصل إلى موضع اسمه التغامه، ليتفرع إلى مجموعة من الأنهر، من أبرزها نهر الجرواني، وهو نهر صغير ويسقي نخيل الجبيل، ونهر النعيلي، وهو نهر كبير يسقي أجزاء من طرف بلدتي الجبيل والحليلة، ونهر الحد، وهو من الأنهر الصغيرة ويسقي جزءا من طرف بلدة الجبيل، ونهر ابن راضي، وهو من الأنهر الصغيرة ويسقي جزءا من طرف بلدة الجبيل، ونهر السياح وهو نهر كبير يسقي جزءا من طرف بلدة الجبيل والطريبيل وبني شافع الدارسة، والمنيزلة، والفضول، ويتفرع منه نهر يعرف باسم المويلح ويسقي بساتين بلدة الجشة والمركز والكتيب، ونهر محمد، وهو نهر كبير يسقي نخيل بلدة السيايرة والرميلة والمركز وبلدة الكتيب الدارسة، وينقسم إلى نهرين، الأول نهر الأسود ويسقي نخيل بلدة الرميلة والمزاوي والعقار والساباط والسيايرة والكتيب، ويتفرع منه نهر يعرف بـ«مغيصيب»، يسقي جزءا من نخيل وبساتين بلدة الرميلة، والثاني الخويس ويسقي أيضا بلدة الرميلة والمزاوي والعقار والساباط والسيايرة والكتيب.سقيا الجبيلوأكمل الرمضان: «هناك نهر كليبوه، وهو نهر كبير يسقي قسما من نخيل بلدات الجبيل والطريبيل والتيمية والمزاوي والعقار والساباط، ونهر الأبيض، ويسقي قسما من نخيل بلدة الجبيل، ونهر المنجى ويسقي قسما من نخيل بلدة الجبيل، والشهارين والفضول، ونهر الرقيع، ويسقي جزءا من نخيل بلدة الجبيل والطريبيل والشهارين، ونهر البديع، ويسقي جزءا من نخيل بلدة الجبيل والطريبيل والتيمية وغمسي ومدينة العمران وقراها، والمزاوي، ونهر الطعيم، وهو من الأنهر الصغيرة ويسقي جزءا من نخيل بلدة الجبيل، ونهر الدرابج، وهو نهر صغير يسقي جزءا من نخيل بلدة القارة، ونهر حزين، وهو نهر صغير يسقي جزءا من نخيل بلدتي القارة والتويثير، ونهر طبيع، وهو نهر صغير يسقي جزءا من نخيل بلدة القارة».الوصيفر والكلابيوأشار إلى نهر الوصيفر، وهو نهر صغير يسقي جزءا من نخيل بلدة القارة، ونهر صغير، الذي يسقي جزءا من نخيل بلدة القارة، ونهر الكلابي، وهو نهر صغير يسقي جزءا من نخيل وبساتين بلدة القارة، ونهر أبي الثيران، وهو من أكبر الأنهر المتفرعة من نهر سليسل وأكثرها أهمية، ويسقي جزءا من نخيل بلدة الجبيل، ويطلق عليه أهل الجبيل اسم الزهيري، ويمتد ليصل إلى جنوب جبل القارة ليسقي نخيل الطريبيل والدالوة والتيمية ويتفرع إلى عدة أنهر منها نهرالخريمة والخبيصيةـ ويسقي نخيل بلدة الدالوة والتيمية.الزبيني وكنيديجواستطرد: «هناك نهر الزبيني، وهو نهر كبير يسقي نخيل بلدة التيمية والدالوة وغمسي وبلدة مصبوب الدارسة وبلدة جرانة الدارسة وقرى مدينة العمران، ونهر كنيديج، ويتفرع من نهر الخريمة الخبيصية، ويسقي هذا النهر كلًا من بلدة غمسي ومصبوب الدارسة، ونهر الأردب، ويسقي نخيل بلدة التيمية وغمسي، ونهر لذة، ويسقي نخيل بلدة غمسي، ونهر زويد، ويسقي نخيل بلدة التيمية وغمسي ومصبوب وجرانة، ونهر خريان، ويسقي نخيل بلدة التيمية، ونهر المحدث، ويسقي نخيل بلدة التيمية، ونهر الأبابي، وهو نهر كبير يسقي نخيل بلدة القارة والتويثير، وبلدتي أبو ثور والعمران الشمالية في مدينة العمران، ويتفرع منه نهر يعرف بـ«أبي الصنابيح»، ونهر قنان، ويسقي نخيل وبساتين بلدة غمسي، ونهر الضلع، ويسقي نخيل بلدة غمسي.ويحتفظ نهر سليسل باسمه، ويمتد ليسقي جزءا كبيرا من قريتي القارة والتويثير، وبعد أن يتجاوز بلدة التويثير، يتحد مع نهر الأبابي ليشكلا نهرين جديدين، هما نهر أبو جنيب، ونهر النجوي، ويسقيان نخيل وبساتين مدينة العمران بقراها المتعددة.طوائح سليسلوقال الرمضان: تشكل طوائح نهر سليسل والأنهر المتفرعة منه نهرًا يعرف بالشيباني، الذي يتفرع إلى نهرين، نهر يسقي نخيل المقدام والحليلة والكلابية، ونهر يسقي نخيل القارة والتويثير، ويتفرع في بلدة التويثير إلى نهرين، هما نهر التويثير ويتفرع منه نهر حواش ويسقي نخيل بلدة الكثيب الدارسة والمركز، والمزاوي والساباط والعقار والفضول، ونهر بن عبيد الله ويسقي نخيل الجبيل ويتفرع منه نهر خديد ويسقي نخيل بلدة بني شافع الدارسة والمنيزلة والشهارين، والفضول، وتنتهي فضلات نهر سليسل بفروعه المتعددة إلى البحيرة المشهورة المسماة بالأصفر الواقعة في آخر قرى الأحساء الشرقية.رواسب وطحالبوأوضح الرمضان أن عملية تنظيف مجاري الأنهار في الأحساء من الشوائب والرواسب والطحالب والطمي، لتسهيل عملية جريان الماء فيها، تُعرف بـ«الضراب»، وهو مصطلح درج على استخدامه الفلاحون، وهو مأخوذ من ضرب الأرض بالمعاول؛ لإزالة الطين المترسب في مجرى العيون والأنهار، التي يسقي الفلاحون منها مزارعهم، ويعرف العمال الذين يقومون بعملية التنظيف هذه بالضرابة، وأجورهم تدفع من قبل أصحاب المزارع، التي تسقي وتروي من هذه الأنهر، ولكون الزراعة هي العمود الفقري للاقتصاد في الأحساء، كانت عملية الضراب للعيون والأنهار محل اهتمام جميع أهل الأحساء من أمراء وعلماء وعمد وفلاحين.اتفاقيات تقسيموأشار إلى أنه لتجنب حدوث نزاع وصدام بين أصحاب النخيل والبساتين، التي تروي من نهر سليسل بفروعه المتعددة، كانت تجري اتفاقيات تنظم توزيع المياه بين القرى المستفيدة، وتمثل كل قرية بعمدتها، وتصادق هذه الاتفاقيات من قبل المحكمة الكبرى في مدينة الهفوف، وتكون هذه الاتفاقيات ملزمة لجميع الأطراف.وأوضح من أشهر هذه الاتفاقيات، اتفاقية حررت بمحضر قاضي الأحساء الشيخ أبو بكر الملا، وعليها ختمه، وتنص على أن لنهر النعيلي الخمس من مياه نهر سليسل وأربعة أخماس الماء لباقي الأنهر المتفرعة من سليسل، واتفاقية عليها ختم قاضي الأحساء الشيخ عبدالرحمن العدساني، التي تلغي ما قبلها، وتنص على أن يكون لنهر النعيلي ربع الماء ولباقي الأنهر المتفرعة من سليسل الثلاثة أرباع.
مشاركة :