مع أقل من 90 يوما على الانتخابات الرئاسية الأميركية، تكافح حملتا ترمب وبايدن لكسب الأرض وأصوات الناخبين وتكثيف الإعلانات والاتصالات الشخصية رغم الوباء. وخلال الفترة المتبقية فإن هناك ثلاث لحظات مفصلية تمثل تحديا خاصا للمتنافسين الرئاسيين، الأولى هي اختيار نائب رئيس في حملة المرشح الديمقراطي جو بايدن والذي فازت به السيناتورة كامالا هاريس، والثانية هي عقد المؤتمرات الحزبية، والثالثة هي إجراء المناظرات الرئاسية. ومع وباء «كورونا»، فإن الأمر مختلف في هذه الانتخابات الرئاسية الأميركية فقد أجبر الوباء الحملتين إلى التغيير من تكتيكات الترويج والمقابلات الشخصية والمؤتمرات الحزبية الاحتفالية إلى التحول إلى الإنترنت وإلقاء خطابات تلفزيونية «معدة بعناية» خالية من الجمهور وخالية من الإثارة والتشويق. بالنسبة لحملة المرشح الديمقراطي جو بايدن فإن اختيار السيدة التي ستشغل منصب نائب الرئيس يعد قرارا حاسما قد يصنع التاريخ كأول امرأة سوداء تشغل منصب نائب الرئيس. والمتنافسات على المنصب كن كثيرات ومن أبرزهن في الخطوط الأولى السيناتورة هاريس الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا (55 عاما)، وسوزان رايس مستشارة الأمن القومي السابقة للرئيس باراك أوباما (55 عاما). وتبيّن مساء أمس أن هاريس تفوقت على المنافسات الأخريات وستكون المرشحة لمنصب نائب الرئيس على قائمة بايدن. وقبل إعلان اختيار هاريس كانت قائمة المرشحات تضم سيدات أخريات مثل النائبة كارين باس من كاليفورنيا (66 عاما) وهي رئيسة التكتل الأسود في الكونغرس وتتمتع بخلفية واسعة في جهود إصلاح الشرطة. والسيناتورة إليزابيث وارن من ماساتشوستس (71 عاما) وينظر لها على أنها تحظى بكيماء مع بادين وتدافع عنه في مواجهة المتشككين في التزامه بأولويات السياسة التقدمة، والنائبة فال ديمينغز من فلوريدا (63 عاما) وقد عملت قائدة لشرطة مدينة أورلاندو وكانت إحدى مديرات إجراءات عزل الرئيس ترمب في مجلس النواب، وعمدة أتلانتا كيشا لانس بوتومز (50 عاما) وهي عمدة المدينة التي مزقتها الاحتجاجات على وفاة جورج فلويد وإطلاق شرطة الرصاص على رجل أسود آخر، رايشارد بوركس. وحاكمة ولاية ميتشغان جريتشن ويتمر، والنائبة تامي دكوورث (52 عاما) من إلينوي وهي من قدامى المحاربين وفقدت ساقها عندما سقطت طائرتها في العراق عام 2004. - ترقب الاختيار ومنذ أسابيع ويتابع الناخبون هذا السباق لاختيار نائبة لبايدن، وهناك حسابات سياسية كثيرة تحكم هذا الاختيار، من بينها مدى قدرة هذه النائبة على حشد مزيد من أصوات الناخبين، والرسالة التي يريد بايدن توجيهها إلى بعض الكتل الانتخابية خصوصا الناخبين السود. ويعتمد الاختيار أيضا على مدى رضا قادة الحزب الديمقراطي عن قدرات المرشحة للمنصب وتاريخها ومستقبلها. وأيضا ما يتعلق بعمرها، حيث يبحث بايدن عن سيدة تستطيع إثارة وجذب أصوات الشباب والتيارات التقديمية داخل الحزب الديمقراطي. خصوصا أن بعض الاستراتيجيين داخل الحزب الديمقراطي يعتقدون أن بايدن يواجه مشكلة كبيرة مع الكثير من الكتل الانتخابية ليس فقط بسبب سنه (بايدن يبلغ من العمر 77 عاما)، ولكن لأن هناك من يعتقدون أن سياساته بعيدة كل البعد عن واقع الناخب الديمقراطي خاصة الأصغر سنا. والمخاطرة أيضا كبيرة لأي امرأة يختارها باديدن، لأن بايدن في حال فوزه بالانتخابات سيكون أكبر رئيس أميركي منتخب على الإطلاق في تاريخ الولايات المتحدة وبحلول يوم التنصيب في 20 يناير (كانون الثاني) 2021 سيكون بايدن يبلغ من العمر 78 عاما، ولذا ينظر الناخبون وقادة الحزب الديمقراطي بعناية فيمن سيكون قادرا على خلافة بايدن بسبب عمره. اختيار بايدن أيضا يوفر فرصة غير عادية لتوحيد الحزب الديمقراطي، وينظر قادة الحزب في أن نائبة بايدن في هذا السباق ستكون في وضع قوي لتكون مرشحة الحزب الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة في عام 2024 وبالتالي تشكيل السياسة الوطنية الأميركية خلال العقد المقبل. واختيار بايدن لامرأة من أصل أفريقي يساعد في تنشيط وتعبئة الكتل الانتخابية وبصفة خاصة العنصر الأساسي لتلك القاعدة الحزبية وهي النساء السود. ومعروف أن كامالا هاريس تعرضت لانتقادات بسبب صدامها مع بايدن خلال مناظرات الحزب الديمقراطي في بداية السباق، حيث اتجهت إلى إحراج بايدن بشأن سجله في مجال الحقوق المدنية، ويخشى بعض حلفاء بايدن من أن كامالا هاريس لديها طموحات سياسية أن تصبح رئيسة للولايات المتحدة. وتعرضت سوزان رايس لانتقادات بسبب افتقارها للخبرة في الحملات الانتخابية ولم تشغل أي منصب منتخب في السابق. وكان من المفترض أن يعلن بايدن اختياره في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، وتأخر الإعلان كثيرا، وسرت أخبار بعدم احتمال الإعلان في وقت قريب، مما زاد من حدة المناورات وراء الكواليس بين الداعمين لكل مرشحة للمنصب، وساهم في حدة المؤامرات لإسقاط المرشحات المتنافسات الأخريات. ويقول الخبراء إن تأخر الإعلان ليس أمرا سلبيا، حيث يعلن المرشحون للرئاسة عادة عن اختيارهم للنائب في توقيت يسبق إقامة المؤتمر الحزبي. - المؤتمرات الحزبية من المقرر أن يعقد الحزب الديمقراطي مؤتمره الحزبي من 17 إلى 20 أغسطس (آب) الجاري في ويسكنسن، وسيكون حدثا غير عادي، حيث سيكون اجتماعا افتراضيا عبر الإنترنت يتحدث فيه المشاركون من مواقع بعيدة، وسيقتصر الحضور على الموظفين الرئيسيين المسؤولين عن إدارة الحدث، ولن يشارك بايدن في المؤتمر لقبول ترشيح الحزب رسميا بسبب مخاوف من تفشي وباء «كورونا»، وسيقتصر مشاركته على المشاركة عبر الدوائر التلفزيونية. أما مؤتمر الحزب الجمهوري فيعقد في 24 من هذا الشهر في مدينة شارلوت في ولاية كارولاينا الشمالية، بعد نقله من مدينة جاكسونفيل بولاية فلوريدا (بسبب ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس في فلوريدا). وبسبب وباء «كورونا» لن يكون مثل السنوات السابقة التي يخاطب فيها السياسيون وقادة الأحزاب آلاف المؤيدين المتحمسين، وإنما سيلقي المشاركون خطاباتهم عبر الدوائر التلفزيونية. وهناك توقعات أن يستمر الحدث لمدة أربع ساعات فقط، ويخطط ترمب لإلقاء خطاب قبول ترشيح الحزب عبر الإنترنت. ووفقا لصحيفة لوس أنجليس، فهناك تسريبات تشير إلى أن المرشح الجمهوري دونالد ترمب يفكر في إلقاء خطاب قبول ترشيح الحب من البيت الأبيض مما سيخلق - إذا حدث ذلك - قضايا أخلاقية وقانونية وجدلا سياسيا واسعا. وسيتبع إقامة المؤتمرات الحزبية عقد ثلاث مناظرات انتخابية رئاسية بين بايدن وترمب وقد دعت حملة ترمب إلى مناظرة رابعة لكن ليس هناك ما يشير إلى أنه سيتم تحديد موعد لمناظرة رابعة، وستعقد المناظرة الأولى في 29 سبتمبر (أيلول) في جامعة كيس ويسترن ريزيرف في كليفلاند، تليها المناظرة الثانية في 15 أكتوبر (تشرين الأول) في مدينة سولت لايك سيتي في ولاية يوتا، ثم في 22 أكتوبر في مدينة ناشفيل بولاية تينيسي. ومن المقرر إجراء مناظرة بين نائب الرئيس مايك بنس ومرشحة بايدن لمنصب نائب الرئيس في 7 أكتوبر بينما تجري الانتخابات الرئاسية في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
مشاركة :