أقرت الإمارات أمس قانونا تاريخيا لمكافحة التمييز والكراهية والذي يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة كل أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير. وأصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مرسوما بقانون يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة كل أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية، وتجريم التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل الإثني. ويهدف القانون إلى مكافحة استغلال الدين في تكفير الأفراد والجماعات بعقوبات تصل إلى الإعدام إذا اقترن الرمي بالكفر بتحريض على القتل فوقعت الجريمة نتيجة لذلك، وتطبيق عقوبات رادعة للجمعيات والفعاليات الداعية لازدراء الأديان أو التمييز أو إثارة خطاب الكراهية. وتصل العقوبة إلى السجن ومليون درهم للدعم المالي للأفعال المجرمة بنصوص القانون. وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية «وام» فإن القانون يحظر الإساءة إلى الذات الإلهية والأديان والأنبياء والرسل والكتب السماوية ودور العبادة. ووفقا لأحكام هذا القانون أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب، أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل الإثني، كما جرم القانون كل قول أو عمل من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات من خلال نشره على شبكة المعلومات أو شبكات الاتصالات أو المواقع الإلكترونية أو المواد الصناعية أو وسائل تقنية المعلومات أو أي وسيلة من الوسائل الإعلام وذلك بمختلف طرق التعبير كالقول أو الكتابة أو الرسم. وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في تعليقه على المرسوم أن وحدة المجتمع وتماسكه والمساواة بين جميع أفراده دون تمييز هي ضمان لاستقراره وسعادته، مشيرًا في تغريدات على موقع «تويتر» إلى أن الفتن والجدل وإثارة الكراهية هي تفكيك له من داخله. ووفقا لنص المرسوم فيتم تجريم كل من يقوم بالإساءة إلى الأديان أو إحدى شعائرها أو مقدساتها أو تجريحها أو التطاول عليها أو السخرية منها أو المساس بها، كما يجرم القانون التعدي على أي من الكتب السماوية بالتحريف أو الإتلاف أو التدنيس أو الإساءة بأي شكل من الأشكال إلى جانب تجريم التخريب أو الإتلاف أو الإساءة أو التدنيس لدور العبادة أو المقابر. وبناء على القانون الإماراتي الجديد، يعاقب بالسجن المتهم بأي من الجرائم المذكورة بمدة لا تقل عن خمس سنوات وبالغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم (68 ألف دولار) ولا تجاوز مليون درهم (272 ألف دولار) أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب فعلا من الأفعال المنصوص عليها أعلاه بإحدى طرق التعبير. كما يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات وبالغرامة التي لا تقل عن خمسمائة ألف درهم (136 ألف دولار) ولا تجاوز مليوني درهم (544 مليون دولار) كل من تطاول على الذات الإلهية أو الطعن فيها أو المساس بها أو الإساءة إليها أو التطاول على أحد الأنبياء أو الرسل أو زوجاتهم أو آلهم أو صحابتهم أو السخرية منهم أو المساس بهم أو الإساءة إليهم بإحدى طرق التعبير أو غيرها من الصور الأخرى أو باستخدام أي من الوسائل. ونص المرسوم بقانون على المعاقبة بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات والغرامة التي لا تقل عن خمسمائة ألف درهم (136 مليون دولار) ولا تجاوز مليوني درهم (544 مليون دولار) إذا وقعت بعض الجرائم المنصوص عليها من موظف عام أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأدية عمله أو شخص ذي صفة دينية أو مكلف بها أو وقع الفعل في إحدى دور العبادة، كما يعاقب بالسجن المؤقت كل من استغل الدين في رمي أفراد أو جماعات بالكفر سواء بالقول أو بالكتابة أو باستخدام أي من الوسائل وتكون العقوبة الإعدام إذا اقترن الرمي بالكفر تحريضا على القتل فوقعت الجريمة نتيجة لذلك. ووفقا للمرسوم بقانون يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار جمعية أو مركزا أو هيئة أو منظمة أو تنظيما أو جماعة أو فرعا لإحداها أو استخدم لذلك أيا من الوسائل بغرض ازدراء الأديان أو التمييز أو إثارة خطاب الكراهية أو تحبيذ ذلك أو الترويج له، كما يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 7 سنوات كل من انضم إلى أي من الجهات المنصوص عليها أعلاه أو شارك فيها أو أعانها بأي صورة مع علمه بأغراضها. كما تضمن القانون المعاقبة بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من عقد أو نظم مؤتمرا أو اجتماعا في الدولة إذا كان الغرض منه ازدراء الأديان أو التمييز أو إثارة خطاب الكراهية ويعاقب بذات العقوبة كل من شارك في المؤتمر أو الاجتماع مع علمه بأغراضه وللسلطة العامة فض المؤتمر أو الاجتماع مع استعمال القوة عند الاقتضاء. وشدد المرسوم بقانون على المعاقبة بالسجن والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم (68 ألف دولار) ولا تزيد على مليون درهم (544 ألف دولار) لكل من قدم أو عرض أو طلب أو قبل أو حصل أو سلم أو تسلم أموالا أو دعما ماديا بطريق مباشر أو غير مباشر متى كان ذلك بقصد ارتكاب فعل من الأفعال المعاقب عليها بموجب أحكام هذا القانون. ونص المرسوم بقانون على أنه يعاقب ممثل أو مدير أو وكيل الشخص الاعتباري إذا ارتكبت جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بواسطة أحد العاملين لديه باسمه ولصالحه بذات العقوبات المقررة عن الجريمة المرتكبة إذا ثبت علمه بها، ويكون الشخص الاعتباري مسؤولا بالتضامن عن الوفاء بما يحكم به من عقوبات مالية أو تعويضات. ومع عدم الإخلال بتوقيع العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون تحكم المحكمة بحل الجمعيات والمراكز والهيئات والمنظمات والتنظيمات والجماعات وفروعها أو غلقها مؤقتا أو نهائيا، كما تحكم المحكمة بمصادرة الأموال والأمتعة أو الأدوات أو الأوراق التي استعملت في ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.. كما تحكم المحكمة بإبعاد الأجنبي عن الدولة بعد تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه. من جهته، أشار الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية إلى أن قانون مكافحة التمييز والكراهية والذي أصدرته الإمارات أمس يعزز بنية التسامح وقبل الآخر والذي يميز، وأضاف أنه «يعزز تجربتنا الوطنية، قانون مكافحة التمييز والكراهية يمثل خطوة متقدمة تجاه العنف والتطرّف والإرهاب الذي يهدد المنطقة وآلية عملية للتصدي للفكر المحرض والمخرب». وبين قرقاش أن التصدي للتطرف والإرهاب يتطلب تنوع الأدوات وعلى رأسها الأطر القانونية، وقانون مكافحة التمييز والكراهية سيكون أداة فعالة في هذا الاتجاه. ويعفى من العقوبة كل من بادر من الجناة في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية عن الجريمة قبل الكشف عنها فإذا حصل الإبلاغ بعد الكشف عن الجريمة جاز للمحكمة إعفاؤه من العقوبة متى أدى الإبلاغ إلى ضبط باقي الجناة. كما اعتبر المرسوم بقانون أنه لا يعد تمييزا محظورا في تطبيق أحكام هذا القانون كل ميزة أو أفضلية أو منفعة تتقرر بموجب أحكام أي تشريع آخر في الدولة للمرأة أو الطفل أو لذوي الإعاقة أو لكبار السن أو لغيرهم. وتضمن المرسوم بقانون أحكاما أخرى تهدف بمجملها إلى مكافحة كل الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة كل أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير على أن يعمل بها بعد شهر من تاريخ نشر المرسوم بقانون في الجريدة الرسمية. وقالت الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وزيرة التنمية والتعاون الدولي رئيسة اللجنة الوطنية لتنسيق المساعدات الإنسانية: «اليوم نرى تنامي وتيرة التشرذم في الكثير من المجتمعات وتفشي وهيمنة لغة الصراعات والاقتتال وتدمير الأوطان وذلك نتاج لاندلاع شرارة التمييز العنصري أو الديني نرى قيادة دولة الإمارات تحصن درب العيش المشترك بين الجميع في سبق في العمل وفي القرارات وفي التعامل الجاد ووأد كافة عوامل الفرقة والتناحر والتمييز». وأكدت أن تلك الرؤى لقيادة الإمارات إنما تنبثق مما نصت عليه الأديان السماوية جمعاء وما يتفق مع الشريعة الإسلامية السمحاء والداعية للمساواة بين الجميع، موضحة: «يوجد في الإمارات أكثر من 200 جنسية ينتمون للكثير من الديانات والدول يعيشون في سلام ووئام حيث باتت الدولة الملاذ الآمن لهم والمكان الأفضل للعيش مقارنة بالكثير من دول العالم لكونهم يحظون بأفضل درجات المعاملة والاحترام». وقال الدكتور محمد مطر الكعبي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف إن علماء الأديان والمجتمع هم من قرر أن الإنسان اجتماعي بطبعه فلا ينبغي لشعب من الشعوب أن يسمح لمنظمة أو جماعة متطرفة أن تنشر ثقافة الكراهية للإنسان لما في ذلك من تعطيل المصالح المشتركة والقيم المتبادلة وأنسنة الحضارات.
مشاركة :