ينطلق اليوم الاجتماع السنوي لوزراء المالية في دول صندوق أوبك للتنمية "أوفيد" بمشاركة الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي وذلك في العاصمة النمساوية فيينا. وأوضح لـ "الاقتصادية" الدكتور ضياء الخطيب مدير الاتصالات والمعلومات في "أوفيد"، أن الاجتماع سيناقش التقرير السنوي ونتائج أعمال الصندوق في العام الماضي، واستراتيجية عمل الصندوق في السنوات المقبلة خاصة فيما يتعلق بمبادرة مواجهة مشكلة فقر الطاقة التي يوليها الصندوق اهتماما واسعا. وأشار الخطيب إلى أنه سيتم خلال الاجتماع نقل الرئاسة الدورية للصندوق من وزير المالية القطري إلى نظيره الجزائري، كما ستتم مناقشة مسار وأوجه إنفاق الدعم الذي حصل عليه الصندوق قبل عامين ويقدر بنحو مليار دولار وكيفية تطوير أعمال الصندوق وزيادة تمويلاته خاصة في مجال مكافحة فقر الطاقة في الدول النامية. وأضاف الخطيب أنه "سيتم خلال الاجتماع الوزاري تسليم الجائزة السنوية لـ "أوفيد" التي فاز بها مستشفى سرطان الأطفال في مصر، التي تقدر بنحو مائة ألف دولار، وسيتم تسليم أربع منح دراسية مجانية للماجستير مقدمة من "أوفيد" تنافس عليها أكثر من 14 ألف متقدم". على صعيد آخر، استعادت سوق النفط الخام كثيرا من زخمها واستأنفت الأسعار مسيرة الارتفاع مدعومة بانخفاض جديد لمنصات الحفر الأمريكية وتراجع المخزونات النفطية، ودعم ذلك توقف الاتجاه التصاعدي للدولار الأمريكي على حساب بقية العملات الرئيسية. وأدى انحسار المخاوف من تأثير الاتفاق النووي مع إيران وتسوية أزمة ديون اليونان مع بقائها في منطقة اليورو إلى دعم نسبي لسوق النفط الخام التي لحقت بها عدة خسائر خلال الأسبوعين الماضيين أثناء تصاعد الأزمتين. ويقول لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير مختصي شركة "ايه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، "إن الآراء متباينة حول استئناف الصادرات النفطية الإيرانية وتوقع عودة ضخها قريبا في الأسواق وتأثيراتها حيث يتوقع البعض أن تسبب بعض التوتر داخل منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" ولكن المنظمة عودتنا دائما على امتصاص الأزمات والحرص على وحدة الأعضاء والعمل من أجل استقرار السوق وبالتالي من المتوقع أن تتخذ آلياتها المعتادة في إدارة الأزمات واحتواء مسألة عودة الصادرات الإيرانية". وأشار كروج إلى أن الصادرات الإيرانية ستحتل مقدمة المباحثات بين روسيا و"أوبك" آخر الشهر الجاري في موسكو، موضحا أن فكرة تخفيض الإنتاج مستبعدة حاليا من كافة الأطراف، لكن بالتأكيد هناك عديد من أشكال التعاون والتنسيق التي تمنع حدوث أزمات في السوق وتحقق الاستقرار المنشود. وقال كروج "إن تراجع الحفارات وانخفاض المخزونات مؤشرات جيدة على تحسن مستويات الطلب العالمي وتقلص حالة وفرة المعروض خاصة من الجانب الأمريكي الذي يجد صعوبة بالغة في الإنتاج والربح في ظل المستويات المنخفضة لأسعار الخام في مقابل ارتفاع مصروفات الإنتاج والتشغيل بشكل كبير". من جهته، أكد بيش آرجيال المختص في مؤسسة "ست" السويسرية للطاقة، أن الصعوبات التي تواجه الإنتاج والاستثمار في منطقة بحر الشمال وتوقف بعض مناطق الإنتاج أسهم في دعم أسعار النفط نسبيا، مشيرا إلى أن الإنتاج الأمريكي الصخري يقاوم صعوبات تحول دون استمرار الإنتاج رغم أنه يقاوم هذه الظروف من خلال سياسات تقشفية مع العمالة ومصروفات الإنتاج. وأشار آرجيال إلى أن فكرة التدفق السريع للصادرات الإيرانية لسوق النفط الخام لن تلقى نجاحا واسعا على الرغم من وجود رغبة حكومية قوية لتحقيق ذلك ولكن إعادة تأهيل المنشآت النفطية الإيرانية وزيادة الاستثمار سيحتاج إلى بعض الوقت حتى تستعيد الطاقات الإنتاجية قدراتها الطبيعية قبل فرض العقوبات الاقتصادية. وأوضح آرجيال أن مؤشرات الطلب العالمي جيدة وستنمو في العام المقبل مع تسارع التنمية في الصين والأسواق الناشئة وقد ظهرت مؤشرات قوية ومستقرة تؤكد تراجع المخزونات وهو ما يعكس تطورا إيجابيا في مستوى الطلب العالمي. ويؤكد مارتين جورجييف المختص النفطي البلغاري، أن احتواء أوروبا والمؤسسات الدولية لأزمة ديون اليونان ستكون له انعكاسات إيجابية على مؤشرات الاقتصاد الدولي وعلى التحسن الملموس في مستويات الطلب على النفط الخام. ويرى جورجييف أن عودة الصادرات الإيرانية يمكن أن تمثل تعزيزا للقدرات الإنتاجية ولاستراتيجية العمل في منظمة أوبك، موضحا أن "أوبك" قادرة على الحفاظ على وحدتها وحماية مصالح الدول الأعضاء، وتجاوز أي خلافات أو انقسامات، والعمل وفق منظومة واحدة والتعاون مع المنتجين من خارجها لمصلحة السوق والاقتصاد الدولي. من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط أمس بفعل مؤشرات على تنامي تخمة المعروض في المنتجات المكررة، ما طغى على انخفاض صادرات الخام السعودية وتباطؤ أنشطة الحفر الأمريكية. وانخفضت أسعار الخام لثلاثة أسابيع متتالية بسبب التوقعات بزيادة مبيعات النفط من إيران إثر الاتفاق على تخفيف العقوبات المفروضة على البلد العضو في منظمة أوبك. وتراجع خام برنت تسليم أيلول (سبتمبر) 35 سنتا إلى 56.75 دولار للبرميل. ونزل خام القياس نحو 3 في المائة الأسبوع الماضي وبلغت خسائره أكثر من 10 في المائة هذا الشهر. ونزلت عقود الخام الأمريكي لشهر آب (أغسطس) 13 سنتا إلى 50.76 دولار للبرميل، وينتهي التداول على عقد آب (أغسطس) اليوم. ويفرض ارتفاع الدولار ضغوطا إضافية حيث يجعل السلع الأولية المقومة بالعملة الأمريكية أعلى تكلفة للمستثمرين الذين يستخدمون العملات الأخرى. وكانت بيانات أظهرت تراجع صادرات الخام السعودية في أيار (مايو) إلى أدنى مستوياتها منذ كانون الأول (ديسمبر) حيث أظهرت البيانات الرسمية شحنات يومية قدرها 6.935 مليون برميل مقارنة بـ 7.737 مليون برميل يوميا في نيسان (أبريل) رغم إنتاج قياسي مرتفع تجاوز العشرة ملايين برميل يوميا. وفي الولايات المتحدة خفضت الشركات عدد الحفارات العاملة بواقع سبعة حفارات الأسبوع الماضي إثر زيادتها على مدى أسبوعين. لكن مع استمرار عمل مصافي التكرير في أنحاء العالم قرب مستوياتها القصوى للاستفادة من هوامش الأرباح القوية فثمة مؤشرات على أن التخمة في سوق النفط الخام ربما تنتقل إلى المنتجات المكررة. وقالت شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية "إن منصات الحفر في الولايات المتحدة انخفضت بمقدار 7 إلى إجمالي 638 منصة للأسبوع المنتهي 17 تموز (يوليو)، بعدما عاودت الشركات إيقاف المنصات بعد ارتفاع مؤقت على مدار الأسبوعين السابقين، في علامة سلبية على تسارع عمليات إنتاج النفط الصخري في البلاد وتوقعات بتباطؤ وتيرة الإنتاج التي سجلت مستويات قياسية أخيرا.
مشاركة :