فيلم بيكي .. لا هوية واضحة ومزج بين الرعب والكوميديا

  • 7/8/2020
  • 23:26
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في خضم المستجدات السلبية التي نعيشها، والتي فرضتها علينا بعض الظروف أبرزها كان كوفيد - 19، وأثناء تنقيبي عن أدوات ترفيهية تنتشلني من العتمة وتعطيني بصيص نور لبدء إشراقة جديدة، وجدت نفسي أنجذب إلى الجهة الأخرى، إلى أفلام الرعب، حاولت جاهدة ألا أنغمس، لكن دون أن أدري توقفت قليلا أمام الطفلة بيكي، التي تؤدي دور البطولة في فيلم "بيكي" Becky. إن اختياري لفيلم الإثارة والرعب بيكي لم يأت من العدم، بل فور معرفتي بالبطلة الطفلة التي تؤدي دورها لولو ويلسون انتابني الشوق لمعرفة ما يحوي الفيلم ربما لأنه أعاد إلى ذاكرتي عديدا من أفلام الرعب التي تؤدي البطولة فيها فتيات صغيرات، مثل فيلم أنابيل الذي تسمرت أمام الشاشة لمشاهدته والتقطت أنفاسي في المشاهد كافة، فجاء فيلم "بيكي" للممثلة نفسها، لكن بقصة مختلفة، وإن تشابه الاثنان في مشاهد الرعب. أما البطل الثاني الذي جعلني أتلهف لمشاهدة الفيلم فهو رئيس العصابة الذي يلعب دوره كيفن جيمس، لقد رأينا كيفين في أدوار متعددة ومتنوعة ما بين الدراما والكوميديا مثل بول بلارت: شرطي المجمع التجاري 2، فندق ترانسلفانيا 2، فندق ترانسلفانيا 3: عطلة الصيف، لكن في فيلم بيكي كان مختلفا، لديه لحية، وهو أصلع يضع وشوما نازية على رأسه، خرج من السجن وبدأ يهدد عائلة بيكي. الأطفال والرعب مجرد فكرة وجود أطفال في عالمنا الحقيقي لديهم الجرأة على القتل تثير الرعب في نفوسنا، لكن في عالم الأفلام تبدو الفكرة أكثر سخافة. ويجب إلقاء اللوم في هذا الأمر على صناع الأفلام الذين لا يستطيعون إنتاج فيلم كامل يتناول الفكرة من ناحية واقعية مظلمة بل يعمدون إلى إدخال الجانب الترفيهي أيضا مثلما حدث في فيلمي "بلودي بيرثداي" و"ذا بت" اللذين صدرا عام 1981، كما توجد أيضا استثناءات في بعض الأفلام، التي يعد من أفضلها فيلم "ثيم" الذي صدر عام 2006 وفيلم "ذا تشيلدرن" الذي صدر عام 2008، لكن معظم الأفلام يحاول ترك مساحة للضحك بشكل واسع وغير مريح للمشاهد. ويدخل أحدث فيلم إلى المعركة ليغير الأمور من خلال مشاهدة طفلة قاتلة كبطلة الرواية، لكنه يتعثر في محاولة السير على الخط الفاصل بين المرح والرعب. البطلة الغاضبة تقوم الممثلة الصغيرة "لولو ويلسون" بدور "بيكي" المراهقة التعيسة التي لا تزال غاضبة على وفاة والدتها قبل عام. وما زاد الأمور سوءا وجود والدها "جويل مكهيل" الذي مضى في حياته وكأن شيئا لم يكن، بل وأعلن خطوبته من الأم العزباء "كايلا" التي تقوم بدورها الممثلة "أماندا بروجل". وتبدأ الأحداث عند وصول "بيكي" ووالدها إلى منزلهما الصيفي البعيد، حيث تتبعهما أماندا وابنها الصغير لقضاء إجازة نهاية الأسبوع معهما، ثم تتوالى الأحداث وتصبح الأمور من سيئ إلى أسوأ. يتجه أربعة سجناء هاربين، يترأسهم "كيفن جيمس" كملك النازيين الجدد، إلى المنزل بحثا عن شيء مخبأ منذ زمن، ويحتجزون من في المنزل كرهائن، لكن بيكي تنجح في الهرب والاختباء في الغابة المحيطة بالمنزل، حيث تدرك أن الغضب الذي يشتعل بداخلها قد يجد مخرجا مناسبا. ولن يعرف هؤلاء النازيون المساكين ما أقحموا رؤوسهم فيه. "بيكي" هو عبارة عن فيلم دموي عنيف، حيث ترى بطلته التي تبلغ من العمر 13 عاما فقط تستمتع بذبح النازيين بوحشية، ويصعب عدم الاستمتاع بالمذبحة على الرغم من أخطاء الفيلم العديدة في مكان آخر، من مشهد طعن غير مبرر إلى مشهد عنيف يظهر مقلة عين أحد النازيين مصممة لجعل معظم الناس يرتعبون، أما المخرجان "جوناثان ميلوت" و"كاري مورنيون" اللذان أخرجا كوتيز 2014، وبوشويك 2017، فيتبنيان العنف والدموية، لكنهما لا يستطيعان السيطرة على مسار الفيلم. فيلم يفقد هويته لم يبدأ فيلم بيكي بطريقة واضحة، وهذا تم تسجيله كنقطة ضعف، فالجمهور غالبا يشاهد أو يقرأ لمحات عما يمكن توقعه قبل أن يقرر مشاهدة الفيلم. يبدأ الفيلم بتصوير "بيكي" كمريضة نفسيا ثم تبدأ بالتحول من مراهقة غاضبة إلى قاتلة. وتعد لولو ويلسون ممثلة صغيرة موهوبة ضليعة في أفلام الرعب، حيث شاركت في فيلم "أنابيل: كريشن" عام 2017، وفيلم "ذا هنتينج أوف هيل هاوس" عام 2018، لكن شخصيتها هنا محدودة، مريضة نفسية تريد أن تنفجر، وقد جاءتها الفرصة أخيرا، كما أن الفيلم احتوى على مشاهد ذكرتنا بفيلم "وحيدا في المنزل"، حيث كانت بيكي تحضر المقالب للعصابة بطريقة مشابهة لتلك التي كانت في فيلم Home alone، ما جعل الفيلم يفقد هويته، فضاع بين الرعب والكوميديا والأكشن. ضعف في السيناريو أما السيناريو الذي ألفه "نيك موريس" و"روكوس سكاي" و"لين سكاي" فغير مقنع طوال خط سير الفيلم بدءا من شخصية "بيكي" نفسها، فيمكن تصديق وجود مراهقين أشقياء لكن تحولها إلى قاتلة بهذه الدموية لا يصدق مطلقا، وتفوقها على المساجين القتلة أساسا أمر غير منطقي، فهم تمكنوا من التخطيط لهربهم من السجن بشكل متقن وقدموا حوارات تظهر ميولهم إلى العنف والقتل، لكنهم يتصرفون بغاية الغباوة في كل خطوة هنا. لا بأس بالضحك على بلاهة هؤلاء النازيين لكنه يقلل من تهديدهم هنا، فعلى الرغم من قتلهم طفلين وكلبا خلف الشاشة، لكن الفيلم يميل إلى الكوميديا حتى مع حدوث المصائب. على الرغم من هذه الأخطاء، نجح المخرجان "ميلوت" و"مورنيون" من حيث الصورة والطاقة العامة، فقد شهدنا تنقلات احترافية بين يوم بيكي ويوم السجناء حيث تظهر أوجه التشابه في الحالة المزاجية والحركات قبل أن يحصل التصادم، وكما ذكرنا من قبل، فإن العنف في هذا الفيلم والدموية والفوضى والصخب من الأمور المسلية فيه، إضافة إلى ذلك، تلعب كل من جزازات العشب، ورشاشات المياه، ومقصات السلامة، وأقلام الرصاص الملونة، وغيرها دورا في تقديم مشاهد فوضوية ممتعة طوال الفيلم. يعد فيلم بيكي مسليا بما يكفي لفيلم مدته 90 دقيقة، لكنه قد يكون أفضل وأنجح بشكل أكبر لو التزم اتجاها واحدا، فيكون فيلما كوميديا بالكامل مثل "كوتيز"، أو يتناول الرعب بواقعية تؤثر في المشاهدين. لكن أن يدمج هذا الكم من الهويات فيعد فوضى على الشاشة، فهل هذا ينذر بهبوط مستوى هوليوود؟

مشاركة :