كتاب موسوعي مهم في موضوع تاريخي وإنساني كبير، يؤكد على حرية الإنسان وكرامته، وهو بعنوان «أثر السود في الحضارة الإسلامية»، كان مدار النقاش مع مؤلفه الباحث العراقي د. رشيد الخيون في جلسة حوار افتراضية، نظمها أمس الأول صالون «الملتقى الأدبي»، بحضور الشيخة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، وسعادة تركي الدخيل- سفير المملكة العربية السعودية في الإمارات، وعدد من الأدباء والباحثين. والكتاب حائز على جائزة الملك عبد العزيز. في مستهل الجلسة، رحبت السيدة أسماء صديق المطوع، مؤسسة الملتقى، بالمؤلف والضيوف، مشيرة إلى أن الكتاب يغطي جانباً هاماً من الحضارة الإسلامية، نظراً لأهمية الموضوع وموسوعية الباحث، وما في كتابه من معلومات تاريخية غنية تناولت قضية الرق، بدأها من قبل الإسلام، مبيناً كيف كان «التمييز بين البشر على أساس اللون؛ وما دخل إلى الثقافة الإسلامية بهذا الشأن من تبرير للسواد وربطه بظاهرة الرق أو العبودية، وكيف نظر فيها مؤرخون وكتّاب مسلمون، وحاولوا إنصاف السود في ما كتبوا...» وأشار الباحث إلى ظروف البداية، ولم يكن أمامه إلا عشرة أشهر لإنجاز كتابه، وقدم لمحة موجزة عنه، قائلاً: يتضمن الكتاب بابين: 1- العبودية، و2- السود في الإسلام، مؤكداً أنه ليس في تاريخ الحضارة الإنسانية أفضل من موقف الإسلام، وقد دعا الإسلام إلى عتق الرقيق في عدة حالات، لافتاً إلى مكانة بلال، المؤذن الأول في الإسلام، وأسامة بن زيد بن حارثة، قائد جيش الشام، ومهجع أول شهيد من المسلمين في بدر. وأوضح أن الجاحظ أول من كتب في ذلك، كما كان الكواكبي من أشد الساعين لإلغاء العبودية وأسواق النخاسة بالتدريج. وأكد الباحث أن الرق مرتبط بالحروب الإمبراطورية منذ أقدم العصور، لأن الأسرى يصبحون أرقاء، ثم ارتبطت العبودية بملكية الأراضي؛ لأن أصحابها يحتاجون إلى الأيدي العاملة. ومع العصر الصناعي في إنجلترا صدر قانون إلغاء الرق، لكن القانون لم يصدر في الولايات المتحدة، حتى سنة 1863، في عهد الرئيس لينكولن، وقد دفع حياته ثمناً لذلك. وختم الباحث حديثه بالإشارة إلى المعاناة القاسية التي كان الأرقاء يكابدونها، وقد نبغ من بينهم قادة وحكام وشعراء وفنانون كبار، مبيناً أن الألم الإنساني يكمن وراء كل إبداع في الشعر، وفي الفنون عامة. وتناول النقاش جوانب متعددة من مأساة الرق، والوأد، والتمييز الاجتماعي ضد المرأة، ولماذا لم يتطرق الباحث إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، فأكد على أهمية الدراسات التاريخية، وأننا لا يمكن أن نفهم الحاضر ومشكلاته، إلا في ضوء التاريخ، أما الوأد، فكان في الأساس مرتبطاً بطقس معين، ولم يكن موجوداً إلا في بعض القبائل، وأوضح أن القانون يوضع من أجل المستقبل، ونجد أن بعض الناس في المجتمع لا تلتزم به، إلا عندما تكون الدولة عادلة، وقادتها هم القدوة في تطبيق القانون، لافتاً إلى أهمية احترام القانون في الإمارات، حيث لا نرى أي إنسان يقتل طيراً، أو يقتلع شجرة، وهذا غير موجود في بلاد كثيرة.
مشاركة :