السيد محمد علي الحسيني الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان وهو باحث ومحاضر إسلامي وسياسي ومؤلف ويتميز بمواقفه الفكرية والسياسية الوحدوية الرافضة لمنطق الفتنة ودعاتها. محمد علي الحسيني ، لبناني الجنسية, علامة إسلامي واسع المعرفة في أمور الدين والدنيا ويحظى بالاحترام والتقدير لدى كافة الأوساط السياسية والفكرية والدينية ولدى المراجع والعلماء وكبار الشخصيات العاملة من جميع المذاهب والتيارات الإسلامية بالشأن الفكري والديني والسياسي لاسيما في الدول العربية والإسلامية ، صحيفة “خبر عاجل” أجرت معه هذا اللقاء الشفاف كما تتقدم له بوافر الشكر: ماهو المشروع (التقريب) الذي يتبناه السيد الحسيني؟ في البداية أؤكد أنه ليس لدينا مشروعنا الخاص أو الشخصي للتقريب بين اتباع المذاهب الإسلامية، لكننا في حقيقة الأمر نلبي دعوة الله عزوجل ونعمل وفق أمره بقوله: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا)، ومن هذا المنطلق القرآني فإن الاعتصام بحبل الله ، أي دينه، وهو لا يعني ابدا أن هذا الحبل شيعي ولا سني، إنما هو إسلامي جامع لکل الأمم والملل والمذاهب، ومن تغافل أو تجاهل ذلك، فکأنما يخالف أمرا إلهيا بنص قرآني صريح، ومن حيث تتوضح الأهمية القصوى لوحدة الأمة الإسلامية وتتبين معالمها وجوانبها، نتحرك نحو ضرورة العمل على إقامة حوار وتعاون بين المذاهب الإسلامية وإبراز المشتركات الكثيرة في ما بينها، ومعالجة تحليلية فقهية هادئة للاختلافات، وضمان عدم تحولها إلى خلافات ونزاعات، وذلك باسقاط البعد السياسي عنها. لاشك أن أسس التقريب بين المذاهب موجودة في الإسلام؛ في القرآن الكريم، والسنة النبوية، وتاريخ أئمة وعلماء المسلمين، كما أنها موجودة في تجارب ونصوص الأقدمين. لذلك نؤكد أن العنوان الأبرز لمشروعنا هو سيادة الإسلام على حساب المذاهب التي لا ننكر وجودها ولا نلغيها، إنما نعمل لتكون روافد للإسلام وليس نقيضة له. هناك الكثير من سبقكم من كلا المذهبين في مشروع التقريب بين المذاهب ولكنه فشل ألا يشكل لديكم هذا الموضوع هاجساً حول احتمال فشل مشروعكم؟ إن مختلف التبريرات والأعذار التي يسوقها غلاة السنة والشيعة وهم يزهقون دماء مسلمين موحدين ستتلاشى وهم بين يدي ربهم، کفقاعات أمام هذه النصوص الشرعية الدامغة التي لاتحتاج لأي شرح أو توضيح، فهي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، ولا شك أن المتطرفين عند السنة والشيعة لا يناسبهم هكذا مشروع، لأنه يهدد مشاريعهم التخريبية للأمة الإسلامية، فهؤلاء يروجون أن التقريب يعني إلغاء وانهاء للمذاهب، وهذا باطل محض، فلا أحد يستطيع أن يلغي المذاهب، فهي قائمة ببنيانها الفقهي، وراسخة تاريخيا من خلال مسار طويل، عدا عن أنها موجودة ومتجذرة في النفوس. ما يجدر الإشارة إليه أن المذاهب موجودة وستبقى، وما نقترحه من مشروع هو من أجل فهم أفضل لها، بما يكون وسيلة للتقرب من الله، فهذا يتيح لها التحاور مع الآخرين. فالحوار دعوة إسلامية راسخة أكد عليها القرآن في قوله: “يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم” وإذا كان القرآن دعا إلى الحوار مع أهل الكتاب فمن المؤكد والبديهي أن يكون ذلك مفروغ منه بين المسلمين بمختلف توجهاتهم المذهبية والفكرية، فالحوار ركيزة أساسية للحفاظ على تماسك واستقرار المجتمعات المسلمة، وإذا قلنا الحوار، هذا لا يعني أن يصير السني شيعيا، أو أن يصير الشيعي سنيا، بل المطلوب إقامة منطقة مشتركة بين المذهبين تلتزم روح ونصوص الإسلام نتفق عليها ونعمل على تفعيلها ونتحاور بالمختلف فيه. مالذي يواجهكم في مشروع التقريب؟ عندما قمنا بخطوة التقريب بين المذاهب الإسلامية، فإن الهدف لم يكن هدفاً مرحلياً وتكتيكياً من أجل أغراض وأهداف محددة، إنّما نحرص أن يكون أبعد من ذلك بكثير، فقد جاءت هذه الخطوة الإيجابية كرسالة نؤمن بها ونعتقد بضرورة تحقيقها في خضم أوضاع وظروف غير مسبوقة من حيث التناحر والانقسام والاختلاف الطائفي والمذهبي الذي لم نشهده خلال التاريخ المعاصر، وقد كان الهدف والغاية الأساسية وراء إطلاق هذه الخطوة هو العمل باتجاه تقريب أبناء الأمة الإسلامية ولم شملهم وقطع دابر الفرقة والاختلاف بينهم، جوبهنا باعتراضات وحالات رفض متباينة دعتنا إلى التخلي عن ذلك النهج المطروح على الساحة أي الإقصاء والاحتراب، لأننا أدركنا بأن المطروح على الساحة لا يمكن أن يتجاوب ويتطابق مع ما نؤمن به من نهج ورسالة، فإننا مضينا على ماقد رأيناه الأفضل لنا ولأمتنا، بالاضافة إلى تطرف المتطرفين هناك نقص في الحماسة لدى القيمين على الشؤون الإسلامية، ونحن نعتقد أن موضوع التقريب يجب أن يحتل الأولوية في تفكيرنا وجهدنا، في مرحلة حساسة من تاريخنا الإسلامي. فالتطرف لا يقتصر على أفراد وجماعات وأحزاب، بل تعتمده دول إقليمية كبيرة، وتستخدمه كمشروع حرب ونزاعات، وإذا لم نلتفت جديا لهذا الموضوع بشكل جدي، من خلال ضرب أسس التطرف فقهيا وفكريا، فإن المشروع التفتيتي التخريبي سيجد المزيد من المغرر بهم، لتحويلهم إلى وقود للطموحات الإمبراطورية التوسعية. هناك من يرى بأن إصطلاح (التقريب بين المذاهب) خطأ لأن التقريب يأتي على حساب العقائد؟ لاريب أن هذا خطأ جسيم يرتكبه البعض، ويعتمده البعض الآخر كذريعة لتعميق الخلافات، فنحن نكرر بأن التقريب بين أتباع المذاهب الإسلامية، كما يدل اسمه، هو مشروع حوار بين مختلفين، وليس دمجا لهم، وإلا لكنا أطلقنا عليه مشروع توحيد المذاهب، وهذا غير وارد. إن التقريب لا يمس العقائد ولا يلغيها بل يظهر ما فيها من دعوة للتوحيد تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. فالسنة والشيعة معا يؤمنون برب واحد وهو الله تعالى خالق كل شيء الواحد الأوحد، ونبيهم واحد وهو خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (ص) الذي جاء موحدا وجامعا، والسنة والشيعة يحجون بيت الله الحرام ويصومون شهر رمضان المبارك ويزكون، ويقومون بكل الأعمال التي تشكل في الحقيقة جوهر الإسلام. ومن هنا نؤكد أن المذهبين الشيعي والسني مذهبان فرقتهما السياسة وينبغي أن نعرف أنهما ليسا دينان بل هما من دين واحد. منهج الإعتدال هل هذا طارئ على المذهب الجعفري ام كان له إمتداد عبر التاريخ؟ إن المسلمين الشيعة بمدارسهم الفقهية، هم جزء أصيل من الأمة الإسلامية، ولطالما انخرطوا في مشروع التقريب بين المذاهب، وكرسوا نهج الاعتدال، وللأسف فإن ما يجري اليوم من سلوك البعض، من مظاهر تطرف وغلو يحجب التاريخ الناصع لعلماء شيعة ومرجعيات اعتمدت الاعتدال والانفتاح نهجا وسلوكا. اهل السنة والجماعة يقولون فزنا بالصحابة وآل البيت ولم نخسر أحداً، ماذا يقول السيد الحسيني ؟ إن نهج الصحابة وأهل البيت هو نهج واحد على خطى الرسول ولم يتفرقوا أبدا، والمشكلة تكمن في أتباع المذهبين، لأنهم نسوا وتناسو أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، قد انطلق بالدعوة ومعه أصحابه وعلى رأسهم، أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين وعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ومضوا معا وصبروا وتحمّلوا وجاهدوا معا وتصاهروا وتوفوا معا ودفن النبي ومعه صاحبيه أبو بكر وعمر، فبفضل النبي والآل والصحابة وصل إلينا هذا الإسلام وبهم ومعهم تشكلت وتحققت الوحدة الإسلامية. هل من كلمة لمن يحاول التمييز بين رموز المسلمين؟ نحن نؤكد أن آل البيت والصحابة في خدمة الكل، والكل هو الاسلام ، وهو الأساس والغاية، لذلك نحن لا نميز بين هذا وذاك، ولا نعترف بكل من يوجد الشقاق بين الفئتين ، لانه يخرج عن الدين ويضرب الوحدة الإسلامية.
مشاركة :