القاهرة: «الخليج»بعد صراع طويل مع المرض، رحل الخميس، المطرب المصري سمير الإسكندراني، عن عمر ناهز 82 عاماً، في مستشفى «النزهة» بمنطقة مصر الجديدة، حيث كان يتلقى العلاج خلال الأسابيع الأخيرة من عمره، وتم تشييع جثمانه بعد صلاة الجمعة، من مسجد السيدة نفسية بالقاهرة، كما أوصى الفقيد منذ بداية مرضه.وكان الفنان الراحل خضع للعلاج المكثف على مدى الأيام الماضية في المستشفى بعد أن تدهورت حالته الصحية، لمعاناته من الفشل الكلوي، وبعد إجراء عمليتين جراحيتين خلال العامين الأخيرين، ما تسبب له بمضاعفات كبيرة، ما كان سببا في خروج عدة شائعات حول رحيله، الأمر الذي أصابه باستياء وإحباط شديدين، ودفعه للتصريح نهاية العام الماضي، بأنه سيلجأ إلى النائب العام من أجل مقاضاة كل من يتعمد ترويج شائعة وفاته.ولد سمير فؤاد الإسكندراني في منطقة الغورية بحي الجمالية بالقاهرة في عام 1938، لأب يعمل تاجراً للأثاث، وفي الوقت نفسه محباً للفنون، حيث كان صديقاً لمجموعة من كبار الشعراء، والملحنين، والمطربين، منهم زكريا أحمد، بيرم التونسي، أحمد رامي، وغيرهم، فنشأ الابن سمير محباً للفنون والموسيقى، إلى جانب براعته في الرسم، وفور حصوله على الثانوية العامة، التحق بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، قسم التصوير، وخلال دراسته للفنون اهتم بدراسة اللغة الإيطالية، التي كان تتم تدريسها بالكلية آنذاك، فنبغ فيها إلى جانب تعلمه الإنجليزية، والفرنسية، الأمر الذي سهل له السفر في بعثة دراسية إلى إيطاليا لتعلم فن التصوير، وبالفعل استكمل دراسته بمدينة بيروجيا عام 1958، ولم يكن عمره يزيد على عشرين عاماً، فدرس الرسم كما تعلم الموسيقى، والغناء.نبوغ سمير وتفوقه في مجالات الرسم والموسيقى والغناء، وتحدثه عدة لغات، لفت أنظار شاب من أصول يهودية، فعرض عليه العمل معه، عبر جمع معلومات من داخل مصر، مقابل راتب شهري كبير، فاكتشف سمير أنه يتم تجنيده ليعمل بالتجسس، فسايره سمير وتدرب على أساليب التجسس، والتراسل عن طريق الحبر السرّي، واللاسلكي، غير أنه فور عودته إلى مصر قام بإبلاغ المخابرات المصرية، وقابل على إثر ذلك الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث تم الاتفاق معه على أن يستمر بلعب دور الجاسوس، ليتمكن خلال هذه الفترة من كشف عدد من الخطط المخابراتية داخل مصر، منها محاولة اغتيال المشير عبد الحكيم عامر، ودس سم طويل الأمد للرئيس جمال عبد الناصر، وبعد فترة تزيد على العام ونصف العام، تمكنت المخابرات المصرية عن طريقه من رصد مكان الجاسوس الهولندي مويس جود سوارد، الذي يعمل لمصلحة الموساد، وتم القبض عليه، وكشف أعضاء شبكة التجسس كاملة داخل مصر، فأطلقوا عليه لقب «الثعلب»، بعدها زاره عدد من الكتاب مثل أنيس منصور، وكمال الملاَّخ، والكاتب فوميل لبيب، وغيرهم، طالبين منه سرد الأحداث لنشر قصته، لكنه أبى وبقي متحفظاً لمدة طويلة حتى صرح بالقصة كلها فيما بعد.وفضلاً عن مسيرته الوطنية، وإنجاز العديد من اللوحات والمعارض الفنية، غنى الفنان الراحل باللغة العربية، إلى جانب الغناء بالعديد من اللغات الأخرى، مثل الإيطالية، والإنجليزية، والفرنسية، والتشيكية، فقدم خليطاً من الفن الغربي والشرقي، كما وضع بعض الألحان، فاشتهر بالعديد من الأغنيات الرومانسية ومن الفلكلور الشعبي والتراث والأغاني الوطنية منها «نعاهدك يا غاليه»، «آه يا جميل»، «مين اللي قال»، «طالعه من بيت أبوها»، «قال جاي وشايل كام وردة»، «يا رب بلدي وحبايبي»، «يا نخلتين في العلالي»، «بت يا دوسة»، «قمر له ليالي»، «النهر العظيم»، و«زفوا الخبر»، وغيرها العديد من الأغاني بالعربية، والفرنسية، والانجليزية.
مشاركة :