الطريق إلى البيت الأبيض يمر عبر فيسبوك

  • 8/15/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة في نوفمبر المقبل، بدأ عملاق التواصل الاجتماعي فيسبوك في البحث عن أدوات جديدة تجعله بعيدا عن أصابع الاتهام في تأثيره على هذا الاستحقاق المهم، حيث يعتبره المرشحون في هذا السباق طرفا أساسيا ومسؤولا عن أي اختراقات قد تحصل وتجعل من التوتر يصل إلى مدى لا يمكن لأحد أن يتخيل كيف سيكون. باشرت شركة فيسبوك الأميركية حملة صعبة لتثبت أنها باتت طرفا أساسيا ومسؤولا في الانتخابات مع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي الأميركي ووسط توتر شديد، حيث يعتبر المسؤولون عن عملاق وادي السيليكون أن الشركة لم تعد وسيلة لنشر التضليل الإعلامي على نطاق واسع. وعرض عملاق شبكات التواصل الاجتماعي الخميس الماضي مركز معلومات حول الانتخابات مشابها لما قدمه في إطار فايروس كورونا المستجد لتوفير التوصيات الرسمية، حيث تواجه فيسبوك حملات مختلفة للتلاعب بالناخبين مصدرها الخارج أو مجموعات أميركية لثني بعض الفئات عن الاقتراع أو التأثير على خيارهم. وينبغي على المجموعة الكاليفورنية أن تظهر أنها استخلصت العبر من انتخابات العام 2016، لاسيما الرئاسية في الولايات المتحدة والاستفتاء حول بريكست في المملكة المتحدة التي طغت عليها حملات تأثير “مغفلة” نظمتها روسيا خصوصا. وتفكك فيسبوك شبكة تلو الأخرى تنشر معلومات خاطئة ونظريات المؤامرة والتحريض على الكراهية وتسجيلات مصورة محورة. وتستعد لتكتيكات من النوع الذي يقوم على القرصنة ونشر الوثائق (هاك أند ليك) مع توفير كيانات تابعة لدول معلومات مقرصنة إلى وسائل الإعلام واستغلالها للشبكات لنشرها. وهذا ما حصل مع البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية إلى البيت الأبيض العام 2016، والتي أثارت ضجة كبير داخل دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة وصارت فيسبوك في تقاطع نيران المسؤولين والمرشحين للانتخابات. لقد حظرت منافسة فيسبوك، شركة غوغل كذلك نشر فيديوهات عبر يوتيوب تحوي معلومات تم الحصول عليها من عمليات قرصنة ومن شأنها التأثير على المسار الديمقراطي. وقال ناتنيال غيشر مدير التسويات في غوغل لوكالة الصحافة الأميركية حول أمن الفضاء الإلكتروني لدى فيسبوك خلال مؤتمر صحافي “نعرف إنها تقنية فاعلة”. ورحب بالتعاون القائم بين شبكات التواصل الاجتماعي والوكالات الحكومية للسماح برصد العمليات الضارة في وقت مبكر أكثر. لكن لمكافحة هذه التوغلات، لا يكفي إفشالها فحسب بل ينبغي أيضا ضمان حصول الناس على معلومات موثوقة وحقيقية خلال الأحداث الرئيسية مثل الاستحقاقات الرئاسية أو الجوائح على ما أوضح غيشر. وأضاف “حملات التضليل الإعلامي تكون أكثر ضراوة عندما تحصل في ظل فراغ إعلامي”. ومن هنا تأتي أهمية استحداث مركز معلومات خاص بالانتخابات يعرض إجراءات التصويت في كل ولاية حضوريا أو عبر البريد ليشكل أداة تلجأ إليها السلطات للتواصل سريعا مع الناخبين في حال حصول تغيير في اللحظة الأخيرة على سبيل المثال. وعلق آدم كيارا الأستاذ في جامعة هارتفورد قائلا إن “الفرق شاسع مع الوضع قبل أربع سنوات، ففي العام 2016 كان مارك زوكربيرغ مالك شركة فيسبوك يقلل من تأثير منصته على الانتخابات ويدعو إلى ترك الأمور على سجيتها. أما الآن فتقر فيسبوك بقوتها وتتحرك لمحاربة التضليل الإعلامي والترويج للمشاركة”. سيناريوهات كارثية يمكن للمستخدمين التحقق عبر المركز إن كانت أسماؤهم واردة فعلا في لوائح الناخبين وسيحالون إلى الموقع الإلكتروني المناسب في حال غيابها. وشددت فيسبوك على أنه في العام 2016 تعذر على 92 مليون أميركي التصويت. وكان زوكربيرغ حدد في يونيو الماضي هدفا طموحا للمساهمة في تسجيل أربعة ملايين أميركي إضافي على اللوائح. وستكون نسبة المشاركة عنصرا مهما في انتخابات نوفمبر بسبب الغموض المرتبط بجائحة كوفيد – 19. ويبدو أن الاقتراع عبر البريد سيكون وسيلة مثالية لاحترام التباعد الاجتماعي لكن على فيسبوك أن تتحكم أيضا بموازاة ذلك بنوبات غضب دونالد ترامب حيال هذه الطريقة. واضطرت الشبكة إلى التدخل فأرفقت ملاحظة توضيحية بمنشور للرئيس الأميركي اعتبر فيه أن التصويت عبر البريد يسهل عمليات التزوير الانتخابي من دون أن يورد أي دليل على ذلك. وتحدث الرئيس الأميركي الذي تظهر استطلاعات الرأي تخلفه أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن، عن احتمال إرجاء الانتخابات بسبب المخاطر المفترضة. وفي ظل أجواء التوتر هذه تستعد فيسبوك لسيناريوهات عدة في يوم الانتخابات وفي الأيام التالية في حال تأخر صدور النتائج أو طعن بها. وتتوقع الشبكة على سبيل المثال أن تحرض مجموعات على العنف خلال فرز الأصوات. مكافحة الاختراقات كشفت فيسبوك في مايو الماضي عن شبكة حسابات على فيسبوك وإنستغرام تديرها هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية لنشر رسائل تركز على صراعات محلية أو انتقاد الإجراءات الأميركية في المنطقة، والأهم هو التدخل في انتخابات عدة دول منها بريطانيا والولايات المتحدة. وأعلنت الشركة أن هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية استخدمت المئات من حسابات التواصل الاجتماعي المزيفة لنشر رسائل مؤيدة لإيران على الإنترنت سرا منذ عام 2011 على أقرب تقدير، كما استخدمت ما يزيد على 500 حساب على فيسبوك وإنستغرام لنشر الرسائل التي غالبا ما ركزت على صراعات محلية أو انتقاد الإجراءات الأميركية في المنطقة. واستهدفت المئات من حسابات التواصل الاجتماعي المزيفة التي استخدمتها الهيئة الإيرانية الناخبين في دول من بينها بريطانيا والولايات المتحدة. وفي تقرير شهري عن الحسابات التي تم تعليقها بسبب ما أسمته “سلوكا زائفا منسقا”، قالت فيسبوك حينها إنها حذفت ثماني شبكات خلال الأسابيع الماضية، منها شبكة لها صلة بهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية. وأفاد مدير سياسة أمن الإنترنت في فيسبوك ناتنيال غيشر، إن شبكة هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية كانت لها “صلات أساسية” بحملات تضليل إيرانية سبق وتم التعرف عليها، ولكن من السابق لأوانه تحديد ما إذا كانت مسؤولة عن تلك العمليات مسؤولية مباشرة. وأوضح غيشر أن الشبكة استخدمت الحسابات على فيسبوك وموقعها الخاص بمشاركة الصور في إنستغرام لنشر الرسائل التي غالبا ما ركزت على صراعات محلية أو انتقاد الإجراءات الأميركية في المنطقة. وقال إنه “بشكل عام، كانت هذه روايات تتماشى مع المصالح الجيوسياسية الإيرانية”. وقال مسؤولو موقع فيسبوك إن الشبكة التي تم تحديدها حديثا استخدمت تكتيكات مماثلة بما في ذلك التظاهر بأنها مواقع إعلامية مستقلة ومنظمات خيرية لاستهداف بلدان، من الجزائر وبنغلاديش إلى المملكة المتحدة وزيمبابوي. وأوضح باحثون في مؤسسة غرافيكا المتخصصة في تحليل محتوى مواقع التواصل الاجتماعي، وهم من استعرضوا الحسابات المرتبطة بشبكة هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية قبل تعليقها من جانب فيسبوك، أن بعض الأنشطة التي تم تحديدها في وقت مبكر تعود إلى عام 2012 واستهدفت الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري الأميركي. وأضافوا أنه بعد ذلك بعامين، استخدمت حسابات أخرى للشبكة مجموعة من الشخصيات المزيفة والميمات والرسوم الكاريكاتورية والصور لدعم استفتاء إسكتلندا لدى محاولتها الانفصال عن المملكة المتحدة. وقال بن نيمو، رئيس التحقيقات في غرافيكا، إن تلك المحاولات لم تدم طويلا، لكنها تظهر أن إيران كانت تجرب التدخل في الانتخابات عبر الإنترنت قبل سنوات من محاولات روسية مزعومة للتحايل في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016.

مشاركة :