أظهرت دراسة حديثة أن فتاة فرنسية في الثامنة عشرة من عمرها، ولدت مصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة المسبب لمرض الإيدز، وعولجت حتى سن السادسة، لا تزال خالية من المرض، بعد 12 عاماً من وقف العلاج، الأمر الذي يشير إلى أنها أول حالة شفاء طويل الأمد لطفل أصيب منذ الولادة. وأشارت الدراسة الفرنسية التي قدمها أسيير ساييز سيريون من معهد باستور في باريس خلال المؤتمر الثامن بشأن الإيدز، الذي ينتهي اليوم، في مدينة فانكوفر الكندية، إلى أن هذه السابقة العالمية تظهر إمكانية الحصول على هدوء طويل الأمد للأعراض بعد علاج مبكر لطفل مصاب بفيروس (إتش آي في) منذ الولادة. ويؤشر مفهوم هدوء الأعراض على المدى الطويل إثر تناول مضادات فيروسية إلى أهمية العلاج المبكر للسيطرة على الإصابة بالفيروس وهو ما ثبت في دراسة سابقة حملت عنوان إيه إن آر إس فيسكونتي ونشرت نتائجها سنة 2013. وأجريت الدراسة التي قدمت نتائجها أمس الأول، على طفلة مولودة سنة 1996 أصيبت في نهاية مدة الحمل أو عند الولادة في وقت كانت والدتها تحمل نسبة فيروسية (كمية الفيروس الموجودة في الدم) غير خاضعة للسيطرة. وعولجت الطفلة فورا بالمضاد الفيروسي زيدوفودين على مدى 6 أسابيع وشخصت حالتها أنها مصابة بفيروس إتش آي في بعد شهر من ولادتها، بحسب الدراسة التي أجراها معهد باستور والمعهد الفرنسي للصحة والبحوث الطبية ومؤسسة الرعاية العامة لمستشفيات باريس. وبعد شهرين عقب الوقف المبرمج للعلاج الوقائي، كانت لدى الفتاة نسبة فيروسية مرتفعة جداً، ما أدى إلى إعداد علاج يجمع أربعة مضادات فيروسية خلال السنوات الست الأولى من حياتها، على ما أشار سيريون. وتوقفت في وقت لاحق متابعة الطفلة وقررت العائلة وقف تناولها للمضادات الفيروسية. لكن إثر رؤيتها بعد سنة من جانب الطاقم الطبي، كان لدى الفتاة نسبة فيروسية يتعذر رصدها وبالتالي صدر قرار بعدم استئناف العلاج، بحسب الدراسة. ولا تزال لدى هذه الفتاة التي أصبحت اليوم شابة في سن الثامنة عشرة نسبة فيروسية يتعذر رصدها من دون تناول أي مضادات فيروسية مجددا. وبقي عدد اللمفاويات ثابتاً طوال هذه السنوات. ولفت أسيير ساييز سيريون إلى أن الفتاة ليس لديها أي عوامل وراثية معروفة لربطها بالتحكم الطبيعي بالإصابة، مؤكدا أن تلقي مجموعة من المضادات الفيروسية في وقت مبكر بعيد الإصابة سمح لها بأن تصبح في حالة هدوء للأعراض الفيروسية لهذه الفترة الطويلة. وقدمت الدراسة دليلا على فكرة أن هدوء الأعراض على المدى الطويل أمر ممكن لدى الأطفال كما الحال لدى البالغين، إلا أن ساييز سيريون يوصي بعدم وقف العلاج بالمضادات الفيروسية خارج إطار التجارب السريرية سواء لدى الأطفال أو البالغين. واستند في التوصية إلى حالة رضيع مصاب بفيروس إتش آي في في الولايات المتحدة وعولج بشكل مبكر ولم تستمر مدة هدوء الأعراض لديه سوى 27 شهرا بعد وقف العلاج بالمضادات الفيروسية.
مشاركة :