أساطيل الأقمار الصناعية مستقبل الإنترنت فائق السرعة

  • 7/22/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أصبح الإنترنت وشبكات الاتصالات اللاسلكية عصب الحياة اليومية على مستوى الحكومات والشركات والأفراد والعمود الفقري لإنجاز الأعمال والخدمات في كافة دول العالم، وأصبحت الحاجة أكثر إلحاحاً لتطوير نظم تلك الشبكات، وبخاصة الإنترنت الذي لا يزال على غير المستوى المطلوب في العديد من المناطق، بخاصة غير المأهولة بالسكان بسبب التكاليف الباهظة، وفي الآونة الأخيرة توجهت عيون العالم إلى دور الأقمار الصناعية لتغطية خدمات الإنترنت في تلبية تلك الاحتياجات، وعلى الرغم من عملها بكفاءة، إلا أنها ليست على المستوى المطلوب بسبب تخصيصها للأغراض الطارئة والاتصالات العسكرية، ومن هنا ظهرت عدة تصورات لاستغلال تلك التكنولوجيا وأموال الشركات ورجال الأعمال في إقامة أساطيل مترابطة من الأقمار الصناعية لتغطية كافة أجزاء العالم بشبكات الإنترنت لتحقيق المزيد من الكفاءة والمرونة في تنفيذ الأعمال في مختلف بقاع العالم من صحاري وجزر نائية في أي وقت. أصبح السباق الآن محتدماً في ابتكار نمط جديد للإنترنت عبر الأقمار الصناعية، ويقتصر النمط الحالي لها على مركبات فضائية وأقمار تدور حول الأرض بنفس سرعة دورانها فيما يسمى بالمدارات المتزامنة مع الأرض، كما تستغرق الخدمة الحالية بعض الوقت بسبب عدم تحقيق التوافق الزمني في تأخر موجات الراديو ربع ثانية في رحلتها من جهاز البث والعودة إليه مرة أخرى في المدار المتزامن، ما يسبب فجوة في الرسائل الإلكترونية والتطبيقات التي تتجدد محتوياتها على مدار الساعة كالبورصة ومواقع التواصل الاجتماعي على سبيل المثال، ولعلاج تلك المشكلة رأى عدد من العلماء ضرورة ابتكار أقمار صناعية قريبة من الأرض، حيث أعلنت شركتي فيرجن غالاكتيك وكوالكم العالميتين عن دعم مشروع OneWeb الطموح الذي يهدف إلى وضع 648 قمراً صناعياً في مدار يبعد 1200 كم عن الأرض فقط، لتصبح بذلك المدة التي تستغرقها موجات الراديو في رحلتها أجزاء ضئيلة من الثانية مقارنة بالربع ثانية الحالية. أعلنت شركة سبيس إكس عن مشروع مماثل يقضي بوضع 4000 قمر صناعي بنفس التقنية وعلى نفس الارتفاع لإتاحة الإنترنت لكل سكان الأرض، بخاصة في المناطق النائية، لم يطل السباق فقط شركات الفضاء والاتصالات الحديثة، ولكن أيضاً زودت شركة Iridium Communications الأمريكية في ولاية فيرجينيا، عدة خدمات كإضافة خاصية الاتصال الهاتفي عبر الأقمار الصناعية والإنترنت منخفض التردد منذ التسعينات، ومن المقرر استبدال 66 قمراً صناعياً جديداً واحداً تلو الآخر من طراز Iridium NEXT لتقديم خدمة إنترنت فائقة السرعة بالتعاون مع أنظمة شركتي OneWeb وSpaceXتمتلك شركة O3b قمران صناعيان يدوران على ارتفاع 8000 متر ما يؤهلها لتغطية الكرة الأرضة بالكامل، حيث تغطي خدمتها كل من كولومبيا وإفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية وجنوب السودان وبابوا غينيا الجديدة في المحيط الهادئ. لم تكن شركة غوغل بمنأى عما يحدث، ودخلت معترك الفضاء باستثمارات وصلت لنحو مليار دولار مع شركة سبيس إكس لتستفيد من انتشار الإنترنت على نطاق واسع والتغلب على عدم وصول خدماتها الإعلانية وخدمات التطبيقات إلى تلك المناطق لفتح المزيد من الأسواق العالمية، يقول كيري كاهوي كبير مهندسي الطيران في معهد ماساتشوستس الأمريكي للتكنولوجيا، إن مع ازدحام المدارات الفضائية بعدد هائل من الأقمار الصناعية، ستكون هناك منافسة كبيرة على الأفضلية في إطلاق أقمار تخدم أهداف محددة، وستكون خدمات الإنترنت على رأس تلك الأولويات، حيث ستستحوذ على نصيب الأسد منها بحكم تعلقها بكافة مناحي الحياة، ويضيف أن الفضاء فسيح وكبير، ومن المنتظر في المستقبل أن يتم ابتكار أقمار صناعية ومركبات فضائية يمكنها نقل تلك الخدمات من خارج نطاق المدارات الحالية، ولكن سيبقى هناك حينها ما سيتم استخدامه في عملية البث من الأقمار الصناعية، وإن كانت موجات الراديو، ستحدث تداخلاً كبيراً بين الموجات التي تبث من ارتفاعات شاهقة، تسبب تشوش الخدمة في العديد من المناطق، وبخاصة المزدحمة. تجدر الإشارة إلى أن موجات الراديو مستخدمة بشكل واسع في عمليات البث بأنواعه، وتمثل الطريقة المثلى للتواصل بين الأقمار الصناعية والمحطات الأرضية، ولكن يعاني الكثير من المستخدمين لتلك الخدمات من عدم ثبات الإشارة في حالة الراوتر المستقبل لإشارات الإنترنت أو الهواتف النقالة التي تعتمد على الإشارة المباشرة للأقمار الصناعية، لذا يعمل مجموعة من العلماء على عدة أبحاث تمكن من إنتاج أقمار تعتمد على الضوء لنقل البيانات إلى أجهزة الاستقبال، ولكنها تواجه عدداً من الصعوبات الفنية التي يستحيل معها استخدام موجات الضوء كإشارات بث عادية، في المقابل تؤكد مراكز البحوث الفيزيائية على مستوى العالم استخدام أشعة الليزر لكفاءتها العالية على السفر لمسافات طوال من دون التأثر بالعوامل الخارجية أو التشويش من قبل الموجات اللاسلكية الأخرى، كما يمكن من خلال الاعتماد على أشعة الليزر ابتكار أقمار صناعية أخف وأصغر حجماً ما ينعكس على أزمة ازدحام المدارات الفضائية بالأقمار الصناعية. يتنبأ العلماء ببناء أساطيل الأقمار الصناعية في الفضاء لتغطية كل جزء من سطح الكرة الأرضية بأسرع وقت، في حالة تعاونوا بشكل مثمر في تصنيع مكونات ومعدات صغيرة الحجم لتصنيع الأقمار الصناعية لإتاحة الفرصة لإطلاق أكبر عدد منها على متن صواريخ محمولات ثانوية مع المركبات الفضائية، ما يجعل من تكاليف الإنفاق تتقلص بنسبة 90%. تقدمت أيضاً عدة مقترحات تقضي بتجميع مكونات الأقمار الصناعية في الفضاء، فبدلاً من تصنيعه على الأرض وإطلاقه بصاروخ للتغلب على الجاذبية الأرضية ونقله إلى مداره بتكلفه باهظة، يمكن في المستقبل إرسال المكونات ضمن الشحنات المنتظمة للمحطات الفضائية ويتم تجميعها بسهولة وإطلاقها لتستقر في مداراتها بأقل جهد، وهو ما يعرف بتقنية Cubsat أو القمر الصناعي المكعب الذي يتكون من أجزاء متداخلة يسهل تجميعها، وهو ما سيفتح المجال أمام سباق جديد من الأقمار الصناعية وسيقلل الوقت والجهد لتكوين أساطيل أقمار الإنترنت. تخفيض التكلفة لعبت تكنولوجيا تصنيع الأقمار الصناعية دوراً مهماً في تقليل أوزانها وأحجامها بشكل هائل أدى بدوره إلى تقليص نفقات إنتاجها بنسب مذهلة، ويقول جيمس كوتلر الأستاذ بجامعة ميشيغن الأمريكية، إن الوضع أصبح يتيح إنتاج وإطلاق عدد أكبر من الأقمار الصناعية، وأضاف أنه على عكس المتوقع والمنطقي أن يقوم طلاب يدرسون الماجستير قاموا حتى الآن بتصميم وتكوين 6 مركبات فضائية تجريبية تم إطلاقها بالفعل بالتعاون مع وكالة الفضاء ناسا، تخطط شركات مثل O3b سبيس إكس لإطلاق أقمار صناعية لخدمات الإنترنت بكتلة تبلغ مئات الكيلوغرامات للقمر الصناعي الواحد، ويقول كوتلر، إن من المتوقع أن يصل وزن القمر الصناعي الواحد إلى 5 إلى 10 كيلوغرامات خلال عقد على الأكثر، كما سيتم تقليص طول جهاز البث الهوائي بالقمر الصناعي بشكل يمكنه من الفتح والإغلاق ذاتياً في الفضاء، وهي التقنية التي توصل إليها العالم سيرجيو بولوغرينو في معهد كاليفورنيا التقني.

مشاركة :