تشينوا أتشيبي.. صوت إفريقيا المختلف في أوروبا

  • 8/16/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: «الخليج» عندما كان طالباً في الجامعة وفي المرحلة الأخيرة من الاحتلال البريطاني لنيجيريا، وفي منهج يعج بأسماء مثل شكسبير وكولريدج، وووردزورث، كان أول تماس للكاتب النيجيري تشينوا أتشيبي (16 نوفمبر 193021 مارس 2013) برواية عن إفريقيا، مع رواية السيد جونسون للكاتب الأيرلندي جويس كاري، وتدور أحداثها في نيجيريا. وكانت مجلة «تايم» تعتبرها أفضل الأعمال عن إفريقيا، لكن أتشيبي كان لديه رأي مختلف، فقد رأى هو وزملاؤه أن بطل الرواية النيجيري كان «أحمق بشكل مخجل».انزعج أتشيبي من تناول الشخصية النيجيرية، في الرواية، وحصرها في أن تكون: إما شخصية همجية متوحشة، أو مهرجاً يضحك عليه الآخرون؛ الأمر الذي استفزه ليصبح كاتباً مهمته الأولى تحسين صورة الإفريقي. وقد صرح أحد زملائه، بعد قراءته للرواية، بأن أمتع اللحظات في الكتاب، كانت عندما تم إطلاق النار على جونسون. في كتابه «الوطن والمنفى»، رأى أتشيبي كيف صور الكاتب النيجيريين مليئين بالقسوة والكراهية، وكان رده روايته «الأشياء تتداعى» التي عمت شهرتها أنحاء العالم، وكرسته روائياً إفريقياً.تطرح الرواية قضية رجل بسيط يسيطر الخوف والغضب على حياته، في فترة الاحتلال البريطاني لنيجيريا، ثمة صراع بين حضارتين أوروبية وإفريقية، وروعة الرواية بحسب النقاد تكمن في تحديه للرؤية النمطية لدى القارئ الغربي عن الأفارقة، بصفتهم بدائيين ومتوحشين.ويقدم أتشيبي في أغلب أعماله، تعقيدات المجتمعات الإفريقية، ويظهر قلقه عندما يرى الأفارقة يندمجون في أنماط غربية ويبتعدون عن ثقافتهم بافتراض أن الأوروبي الأبيض أعلى منزلة، فاختار الكتابة بالإنجليزية، والاقتداء بالنموذج الغربي للتعبير الأدبي، خلافاً لكتاب أفارقة رفضوا ذلك، من أجل بناء وتكوين ثقافة محلية.قال عن قراره ذاك: «أردت أن أبين الصوت الجديد الذي يصدر عن إفريقيا، وأتحدث عن التجارب الإفريقية بلغة منتشرة عالمياً، وعليه فإن إجابتي عن السؤال: هل بإمكان الإفريقي أن يتقن الإنجليزية بدرجة جيدة، ليمكنه استعمالها بجدارة في الكتابة الخلاقة؟ هي بكل تأكيد نعم، وإذا كان السؤال: هل يمكنه استعمالها كمتحدث مثل أهلها؟ سيكون جوابي: أرجو ألا يحدث ذلك، حيث يجب أن يكون هدف الكاتب الإفريقي هو استعمال اللغة الإنجليزية، لكي يعبر عن رسالته أفضل تعبير، دون إحداث تغيير في بنية اللغة، يفقدها قيمتها كعامل للتبادل العالمي».ويوضح فرج الترهوني في تقديمه لترجمته رواية أتشيبي «كثبان النمل في السافانا»، أن أتشيبي لا يلتزم بأسلوب روائي واحد، وينحو في أغلب أعماله إلى الدخول في تأملات فلسفية، لها علاقة أكيدة بالموضوع، لكنها ملأى بالأساطير والحكايات الشعبية.وغلبت ظاهرة توظيف الأعمال الروائية الإفريقية في خدمة القضايا السياسية المختلفة؛ لأن عكس ذلك كان يعد خيانة وتهرباً من المسؤوليات القومية، ألا وهي تصحيح الأوضاع السائدة، لكن أتشيبي يتحدث عن القضايا التي تشغل بال كل إفريقي، وهي الصراع الإنساني والحب والكراهية، والصداقة والانتماء وغيرها، وتتطرق بالتحديد إلى فترة ما بعد الاستعمار والانقلابات التي عمت القارة في الستينات من القرن الماضي.ترك أتشيبي دراسة الطب، وتحول إلى دراسة الإنجليزية والتاريخ واللاهوت، فخسر منحته التعليمية في إنجلترا، فكان عليه أن يتحمل نفقات دراسته، إلى أن عاد إلى مسقط رأسه، ليعمل مدرساً للغة الإنجليزية، ويحث طلابه على الاطلاع والقراءة، وحينما سنحت له الفرصة للعمل بالإذاعة النيجيرية، انتقل للإقامة في العاصمة لاجوس، وهناك شرع في كتابة أولى رواياته، وفي عام 1956 اختير لينضم إلى فريق هيئة الإذاعة البريطانية.وفور عودته إلى نيجيريا، عكف على مراجعة روايته «الأشياء تتداعى»، التي رفضتها أكثر من دار نشر، حتى وصلت إلى دار هاينمان، وتقرر أنها «أفضل رواية منذ قيام الحرب» نشرت الرواية.وبعد ثلاثة أيام من نشرها نشر الملحق الأدبي لجريدة «التايمز» أن الرواية نجحت في عرض الحياة القبلية، من الداخل بطريقة عبقرية، وكان استقبالها في نيجيريا مختلفاً؛ إذ قوبلت بالتشكيك والسخرية عند الترويج لها، وبعدها أصبحت من أهم كتب الأدب الإفريقي، وبيع منها أكثر من 8 ملايين نسخة حول العالم، وترجمت إلى أكثر من 50 لغة.

مشاركة :