بعد تفاعل الجمهور مع مسرحيات الأمانة: متى نرى المسرح التجاري؟

  • 7/22/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في كل عيد تضج مسارح مدينة الرياض بحضور جماهيري كبير ولافت يؤكد أن عموم الناس متعلقون بهذه الفعاليات الترفيهية التي تنظمها أمانة الرياض منذ سنوات طويلة، وقد اتضح هذا الإقبال في مسرحيات الرجال التي أقيمت في عيد الفطر المبارك وهي "علمي علمك" و"المنحاشين" و"شعللنا الدوري" وأيضاً في المسرحيتين النسائيتين "الشيخة مزنة" و"بنات المول"، ففي كل عرض لهذه المسرحيات حضر حشد كبير من الجمهور يثبت أن المجتمع يحب الفنون ويقبل عليها متى ما وجد الفرصة لذلك. مع هذه الأعداد الكبيرة للجمهور لنا أن نسأل ماذا لو كان المسرح مستمراً طيلة أيام السنة؟. وماذا لو تضافرت جهود أمانة مدينة الرياض ووزارة الثقافة والإعلام وجمعية الثقافة والفنون لتكوين لجنة وطنية لرعاية مشروع مسرحي وطني يوفر هذه النافذة الثقافية المهمة للناس؟. ماذا لو قدمت هذه المسرحيات بشكل تجاري أيضاً كما كان الوضع سابقاً في عدة مسرحيات كان آخرها مسرحية "للسعوديون فقط" عام 1411 ه من بطولة د. راشد الشمراني وعبدالله السدحان وبكر الشدي –رحمه الله- والتي تعتبر نهاية المسرح الجاد وبعدها عاش المسرح السعودي حالة موات لم يفق منها إلا عام 1421 ه عندما أنتجت أمانة الرياض مسرحية "البلطجيون-1421" لفايز المالكي وعبدالعزيز الفريحي، لتعيد إلى الفن وهجه وتؤكد أن أهل هذه المدينة متعطشون للفنون التي غابت عنهم طويلاً مثل المسرح والحفلات الموسيقية وصالات السينما وغيرها. ورغم الأرقام المتزايدة للجمهور الذي يحضر مسرحيات الأمانة عاماً بعد عام إلا أن ضيق فترة عرض هذه المسرحيات وعدم تجاوزها حاجز الثلاثة أيام جعل المسرح مقيداً في القالب الترفيهي ولم يسمح له بأن يصبح طقساً ثقافياً كما ينبغي له أن يكون، ولم يفكر أحد في الاستفادة من الطاقات البشرية –الحضور- واستثمارها كما يجب لدعم الفن وإظهار مواهبنا الفنية بشكل يوازي مكانة المملكة وينقل موروثها للخارج. في السوق السعودية لن نحتاج إلى تسويق احترافي وترويج وجذب مثلما تفعل بقية الدول الخليجية، ففي الغالب أن الجمهور السعودي مهيأ مسبقاً ومستعد للتفاعل مع أي فعالية فنية كانت أم غير فنية، والشواهد كثيرة على فعاليات غصت بالجمهور في مختلف مدن المملكة حتى تلك الفعاليات الرسمية التي لا تكون جاذبة في العادة، بل إن الجمهور السعودي أغرق الحفلات والمناسبات التي تنظم خارج المملكة وبشكل جعلته هدفاً للهيئات المسؤولة عن السياحة في الدول الخليجية والعربية. مثل هذا الجمهور الداعم يستحق أن تقام من أجله الفعاليات الترفيهية طيلة العام وليس في أيام العيد فقط. إن تطور المسرح بشكل احترافي لا يمكن أن ينهض على أيام عرض محدودة ومركزة في العيد فقط. زيادة فترة العرض من شأنها اكتشاف المواهب التي تعي إمكانياتها وما تقدمه من رقي فني، كما أنها الوسيلة الوحيدة لصناعة مسرح محترم يقدم فناً جميلاً ويرتقي بالذوق، خاصة إذا رافق زيادة عروض المسرحيات السماح لمنتجيها باستثمار أعمالهم تجارياً عبر طرح تذاكرها للجمهور. ولنا أن نتصور أن كل مسرحية من مسرحيات العيد الحالي قد استقبلت في كل ليلة ما لا يقل عن ألفي متفرج في المتوسط، وهذا رقم كبير سيوفر ربحاً يومياً لصناع المسرحيات لا يقل عن 60 ألف ريال لو كانت قيمة التذكرة 30 ريالاً فقط. فكم من الأرباح التي يحتاجها المسرحيون يتم إهدارها بسهولة نتيجة عدم إطالة مدة العروض وعدم السماح ببيع التذاكر. إن ما نشاهده من ازدحام الناس كباراً وصغاراً على المسرحيات في مدينة الرياض، يعطي انطباعاً كاملاً عن هذا الجمهور الرائع والمستعد والجاهز والراغب في التفاعل مع الفنون في أي وقت وأي مكان، لكنه لا يجد من يقدمها له إلا في مناسبات الأعياد، وكأن ثقافته الفنية ضحلة ومرتبطة بأيام قليلة في السنة، وهذا ليس صحيحاً لأن أبناء هذه المدينة يتكئون على مخزون فني وتراثي عظيم. وقد أدركت دول الخليج هذا الشغف فقامت بتوفير كل النشاطات الترفيهية لاستغلال المشاهد السعودي، والكل يرى الآن ازدحام العوائل السعودية في صالات السينما والمسارح والحفلات الموسيقية التي تقام خارج الوطن. وهنا نعيد السؤال: ماذا لو تضافرت جهود المعنيين بالفنون في بلادنا وقاموا بتأسيس بنية تحتية حقيقية للمسرح عبر السماح ببيع تذاكرها وعرضها طيلة أيام السنة في مسارح تجارية؟.

مشاركة :