شهدت الأسواق المالية قيام عدد من الشركات حول العالم بإعادة شراء أسهمها أو حتى بسحب إدراجها كليا من السوق، في ظاهرة أطلق عليها محللو سيتي غروب تعبير "دي إيكويتيزيشن" لتأتي مرحلة جديدة من البحث عن مصادر التمويل وسط التحديات الناجمة عن جائحة كورونا، معاكسةَ لتلك التي سبقتها، حيث تقوم الشركات الآن باللجوء إلى المستثمرين أو "دي إيكويتيزيشن" لإصلاح الميزانيات العمومية أو تمويل النمو أو مزيجٍ من الاثنين. ويوفر زيادة رأس المال عبر طرح أسهم جديدة أمام المستثمرين نسبة من الأمان للشركات في الأوقات الصعبة من بينها تقليل صافي المديونية وطمأنة العملاء والموردين ووكالات التصنيف بأن الشركة يمكنها الوفاء بالتزاماتها. ومن المؤكد أن القطاعات التي ستتعافى بشكل أبطأ من غيرها من تداعيات كورونا - أي شركات الطيران وتلك المتعلقة بالتجزئة أو الضيافة - ستكون أولى الشركات التي ستتوجهُ لزيادة أسهمها المطروحة في أسواق الأسهم. وقد قادت بريطانيا الطريق، حيث استفادت العديدُ من الشركات من القواعد المخففة التي تسمحُ لها بإصدار ما يصل إلى 20% من الأسهم لأي جهة تريدُها مما يجنب الشركات الحاجة إلى استشارة جميع المساهمين الحاليين. وأعلنت مجموعة "إنترناشيونال كونسوليديتد إيرلاين" المالكة للخطوط الجوية البريطانية ولطيران "إلبيريا"، إصدار أسهم حقوق أولوية بقيمة 2.75 مليار يورو لدعم مواردها المالية بعد أن ارتفعت الخسائر إلى أكثر من 4 مليارات يورو في النصف الأول. السيولة هذه تمثل أكثر من 50% من قيمتها السوقية. وأعلنت شركة "هاميرسون" عن خطط لجمع 274 مليون جنيه إسترليني من بيع حصتها البالغة 50% في منفذ تسوقها الأوروبي "فيفا أوتليت" إلى جانب إصدار أسهم حقوق أولوية بقيمة 552 مليون جنيه إسترليني هذه السيولة تمثل نحو ضعف قيمتها السوقية. وجمع مطار سيدني ملياري دولار أسترالي أي 1.4 مليار دولار أميركي من خلال إصدار حقوق أولوية. كما تدرس شركة "رولس رويس" لصناعة المحركات إصدار أسهم لجمع 1.5 مليار جنيه إسترليني بسبب تأثرها سلبا جراء الركود في قطاع الطيران - وهو موضوع أبدى المساهمون عدم تحمسهم له بعد وصول السهم إلى أدنى مستوياته في 16 عاماً - في المقابل إذا لم يشاركوا فإن حصصهم ستتآكل. وقد جمعت الشركات الأوروبية 71 مليار دولار من إصدار الأسهم خلال النصف الأول من عام 2020، بزيادة قدرها 45% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي. علماً أن الشركات تسارع لإصدار الأسهم الآن وسط توقعات بأن يجلب الشتاء معه موجة جديدة من فيروس كورونا إلى جانب عدم اليقين الذي يحيط بالانتخابات الأميركية والبريكسيت، وهي عوامل ستؤدي إلى تقلبات في أسواق الأسهم.
مشاركة :