أصدر مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية العدد الجديد لشهر أغسطس الجاري والذي جاء تحت عنوان:" متابعات أفريقية"، حيث سلط الضوء خلال صفحات العدد على أبرز ما يواجه القارة السمراء من تحديات على المستوى الفكري والسياسي والديني.وتحت عنوان:" تحرك الأزهر في أفريقيا.. المحفزات والآليات"، سلطت الكاتبة ومسئول الملف الديني بجريدة الأهرام شيماء عبدالهادي، الضوء على ما يقدمه الأزهر من جهد على كافة الأصعدة والمستويات ضمن الجهود المصرية لدعم دول القارة الأفريقية، حيث أشارت إلى أن الأزهر كمؤسسة يعتبر إحدى المرجعيات الإسلامية في العالم، وداخل أفريقيا جنوب الصحراء على وجه الخصوص، وذلك انطلاقا من دورها التاريخي في الدعوة ونشر الإسلام.وتابعت: منذ عام 2005، اعتمد الأزهر إستراتيجية جديدة لدوره في دول القارة الأفريقية، ترتكز على إعادة النظر في نظام إرسال المبعوثين، وآلية طرح رسالة الدين الإسلامي الوسطي مع نشر ثقافة السلام والتسامح والتعايش المشترك، حيث ترتكز هذه الإستراتيجية أيضًا على توسيع مجالات التعاون مع المؤسسات الدينية الرسمية في دول القارة، وذلك لتعزيز دور الأزهر على الصعيدين الديني والسياسي.وأوضحت أنه إذا أخذ في الاعتبار أن أفريقيا تضم نحو 54 دولة، ثمة صعوبة في حصر ودراسة التنسيق بين الأزهر وبين كل مؤسسة دينية بشكل منفرد، لذا سعى التقرير إلى بيان دور الأزهر في أفريقيا، عبر توضيح منطلقات وأسباب هذا الدور، إلى جانب توضيح أدواته المختلفة وأخيرا مرتكزات تعزيز وتطوير الدور.وتحت عنوان:"الأزهر وأفريقيا.. اختراق لمحاربة التطرف" أشارت إلى أن الأزهر يتحرك في قارة أفريقيا وفق إستراتيجية قائمة على 3 ركائز أساسية: الأولى؛ نشر الإسلام ومذاهبه الوسطية، أما الركيزة الثانية؛ فتتمثل في تحقيق الأمن والسلام عبر ضبط المفاهيم وتصحيح التأويلات، وأخيرًا ترسيخ مبدأ المواطنة والتسامح.وإذا كانت الركيزة الأولى للإستراتيجية تعبر عن الدور التقليدي للمؤسسة الدينية الإسلامية، وتناظر المؤسسات الدينية المسيحية الأخرى، إلا أن ركني المواطنة والأمن، كإطار يجمع كافة أبناء المجتمع من مختلف الأديان للعيش المشترك، يجسد تطورًا في تحرك الأزهر.ويعبر هذان الركنان على رؤية الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والذي يعول على القيادات الدينية الكبرى في العالم لإصلاح الوضع الصعب الذي أفسدته الحروب والنزاعات.وحول آليات تفعيل دور الأزهر في القارة السمراء أشارت إلى أن تحرك الأزهر في أفريقيا، يعتمد بالأساس على الجانب الدعوي – الديني، كدور تقليدي لمؤسسة دينية. ورغم أهمية هذا التحرك، إلا أن ثمة ضرورة لوضع إستراتيجية ممتدة لإعادة تطوير دور الأزهر في أفريقيا.وتشير الاحصائيات إلى أن الأزهر يمتلك من المقومات التي تؤهله لبناء قدرات طلاب أفريقيا، بما يخدم خطط التنمية في بلدانهم، حيث يتبع الأزهر جامعة علمية بها 84 كلية للبنين والبنات في أغلب محافظات جمهورية مصر العربية، تضم كليات غير شرعية، في معظم التخصصات مثل: الطب والهندسة والعلوم، والصيدلة، والتي يمكن أن تستوعب آلاف الطلاب والطالبات الأفارقة.وشددت " عبدالهادي" على أنه تبرز أهمية إعاة النظر في طرح وتقديم المنح، حيث يمكن أن تخصيص نسبة منها لدراسة العلوم غير الشرعية، كعامل جذب للطلاب الأفارقة، بما يحقق بناء الفرد علميا ودينيا في آن واحد، وتنطلق أهمية هذا التوجه، في بناء دور تنموي للأزهر، إلى جانب الدعوي، عبر بناء المواطن والشباب الأفريقي في مجالات الطب والهندسية والعلوم.وأضافت: المتتبع لمناهج التعليم في كليات جامعة الأزهر، يرى أنها تضم أيضًا العلوم الشرعية، مما يساعد في البناء المزدوج للطلاب الأفارقة، ويعزز دوره تنمويا في دول القارة، التي تعاني الحروب والصراعات والنزاعات الداخلية الإثنية والدينية إلى جانب الإرهاب، الذي وجد في البيئة الأفريقية أرضا للنمو، مع تصاعد معدلات الفقر والبطالة والتردي الاقتصادي بشكل عام. ويعمل هذا التوجه أيضًا على تأكيد تشيجع الدين الإسلامي لتحصيل العلوم غير الشرعية، مما يساعد على بناء المجتمعات وترقية الأمم.من ناحية أخرى، تبدو هناك أهمية تخصيص أيضًا نسبة من المنح للفتيات، بما يحقق مبدأ المساواة في تلقي العلم بين الذكر والأنثى، مما سيكون له أكبر الأثر في إعادة بناء القيم الثقافية للفرد.
مشاركة :