في وقت تتجه فيه السعودية لاعتماد الذكاء الصناعي لمحاربة التستر التجاري، أقرت المملكة أخيراً إنشاء لجنة وزارية تتولى الإشراف على البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، لتكون مناطة بتقديم الحلول والمبادرات التي من شأنها مكافحة الظاهرة والقضاء عليها.ويأتي القرار الحكومي وسط تقديرات مالية حول خطورة التستر التجاري على الاقتصاد الوطني وتكبده خسائر تقدر بأكثر من 93.3 مليار دولار سنوياً، بينما من المقرر أن تتولى اللجنة الإشراف على تنفيذ المبادرات ووضع مؤشرات قياس أداء جميع الجهات المعنية مع متابعة التقيد بتنفيذ التوصيات الصادرة في ذات الشأن، على أن تتولي الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الصناعي مهمة بناء مؤشر لقياس نسبة حالات اشتباه التستر التجاري وتحديثه بشكل دوري وفقاً لما يردها من بيانات من الجهات المعنية.ونص القرار المعلن أول من أمس على قيام وزارة التجارة، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ومؤسسة النقد العربي السعودي، والهيئة العامة للزكاة والدخل، وأي جهة أخرى تحددها اللجنة الإشرافية بمهام تزويد الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الصناعي بالبيانات اللازمة لمؤشر قياس اشتباه حالات التستر بشكل ربع سنوي.ونص على توجيه وزارة الشؤون البلدية والقروية بوضع خطة لإلزام جميع محلات البقالات والتموينات بالاشتراطات البلدية المحدثة لنشاط البقالات والتموينات بما يضمن تطبيقها ضمن الإطار الزمني المحدد، وإعداد مؤشر لقياس التزام القطاع بالاشتراطات والرفع بما تتخذه الوزارة في هذا الشأن إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية خلال 60 يوماً.وأضيف لعضوية اللجنة الإشرافية لمكافحة التستر التجاري التي يترأسها وزير التجارة كل من وزير النقل، ومعالي وزير البيئة والمياه والزراعة، ومعالي رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الصناعي.تجدر الإشارة إلى أنه تم إنشاء البرنامج الوطني لمكافحة التستر بهدف معالجة التستر التجاري في القطاعات كافة وتطوير الأنظمة والتشريعات المتعلقة به، وتحفيز التجارة الإلكترونية واستخدام الحلول التقنية.كما يواصل البرنامج العمل على تنظيم التعاملات المالية للحد من خروج الأموال وتعزيز النمو في القطاع الخاص وإيجاد بيئة تنافسية جاذبة للسعوديين وتشجيعهم للاستثمار وإيجاد حلول لمشكلة تملك الأجانب بشكل غير نظامي في القطاع الخاص.وفي هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي الدكتور محمد بن دليم القحطاني لـ«الشرق الأوسط» إن حجم التستر التجاري في السعودية يقدر بنحو 350 مليار ريال (93.3 مليار دولار) سنوياً في مختلف القطاعات، وهذا يمثل كارثة اقتصادية يساهم به مواطنون لصالح عمالة أجانب سـواء عن طـريق استعمال اسمه أو ترخيصه أو سجله التجـاري أو بأي طريقـة أخرى.ووفق القحطاني، فإن ما تم الإعلان عنه حول البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، سيقوم على تطوير الأنظمة والتشريعات، وتكثيف أوجه الرقابة، وتعزيز مبدأ التوعية المستمرة، وتوحيد جهود القطاعين العام والخاص.وأضاف أن هذا البرنامج يعد نقلة نوعية، من شأنها أن تضبط تلك الممارسات التي أصبحت تشكل عائقاً مرهقاً للاقتصاد السعودي وعبئاً ثقيلاً على تحقيق برامج ومبادرات التحول الوطني و«رؤية المملكة 2030» التي بنيت على تعزيز الناتج المحلي الإجمالي بشكل حقيقي.ويلفت القحطاني إلى أن التستر التجاري يهاجم 3 عناصر أساسية لنجاح أي اقتصاد، تكمن أولاً في عنصر رأس المال الذي هو عصب الاقتصاد ومحرك القوة الشرائية وهذا يتم تحويله للخارج، بينما العنصر الثاني يرتكز على قيمة العمل الحقيقية التي تؤثر على الناتج المحلي، فيما العنصر الثالث يأتي في ارتفاع حجم البطالة نظراً لاحتكار الوافدين لمراكز التجارة، وهذه تتسبب في اختناق المواطنين وإحباطهم.إلى ذلك، تفاعلت وسائل التواصل بالقرار الحكومي حيث رأى بعض المغردين من بين الحلول لظاهرة التستر التجاري هو إلغاء نظام الكفيل وجعل جميع المقيمين على كفالة الدولة، حاله حال المواطن؛ حيث يتحمل المقيم دفع رسوم إقامته وتأمينه الصحي، وهو من يبحث عن سكن، ويستأجره ويكون على صاحب المنشأة توظيفه مقابل أجر شهري.وذهبت بعض التفاعلات إلى حصر المشكلة في كمية الأموال المحولة للخارج، وهو ما يضر بالاقتصاد، وحملت مقترحاً أن يُعمل ملصق على كل محل تجاري توضح فيه المخاطر والمسؤوليات المترتبة على المتستر والمُتستر عليه تجارياً، وتوضع في مكان بارز من المحل أو المعرض، وتمكن كتابتها بأكثر من لغة.
مشاركة :