نجا شادي رزق بأعجوبة من انفجار مرفأ بيروت الضخم، بعدما كان يوثّق بهاتفه من مكتبه الحريق الذي سبق الفاجعة، وانتهى به الأمر مع 350 قطبة في أنحاء جسده، وقرار حاسم ببدء حياة جديدة خارج لبنان.قبل وقوع الانفجار، كان لبنانيون كثر يقرعون أبواب الهجرة جراء الانهيار الاقتصادي المتسارع، وهرباً من طبقة سياسية يتهمونها بالفساد وهدر المال العام، ويطالبون منذ 17 أكتوبر / تشرين الأول برحيلها مجتمعة. وجاء الانفجار ليفاقم غضبهم.ويقول شادي (36 عاماً)، الذي ملأت القطب الجراحية وجهه ويديه ورجليه: «لا أشعر بالأمان هنا. منحني الله حياة جديدة، فرصة جديدة، ولا أريد أن أعيشها هنا».واضاف «حاولنا أن نقوم بثورة، لا شيء يتغير بل بالعكس تذهب الأمور نحو الأسوأ، إنهم يقتلوننا ببطء».يبدي لبنانيون يومياً على وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزة، رغبتهم في الهجرة والبحث عن فرص عمل في الخارج.ودفعت الأزمة الاقتصادية المتسارعة الآلاف إلى الهجرة، بعدما خسر كثيرون وظائفهم أو جزءاً من مداخيلهم بعدما فقدت الليرة نحو 80 في المئة من قيمتها. وتوقّفت المصارف منذ أشهر عن تزويد زبائنها بالدولار حتى من ودائعهم. يصبّ لبناني يرغب في الهجرة جام غضبه على الطبقة السياسية التي كانت تعلم منذ ست سنوات على الأقل بوجود 2750 طناً من نيترات الأمونيوم مخزنة في مرفأ بيروت من دون إجراءات الحماية الضرورية. ويقول: «إنه أمر طبيعي جداً، نعيش في بلد دون دولة منذ 40 عاماً».وللتعبير عن اشمئزازه من الوضع، أعلن المذيع في تلفزيون لبنان الرسمي، وسيم عرابي، مساء السبت استقالته على الهواء مباشرة بعد 11 عاماً من عمله في القناة، ومغادرته لبنان. وقال: «لم أعد قادراً على البقاء في أرض هي مقبرة للأحياء، أغادر لأنني (قرفت) منكم، أو بالأحرى لأنني لا أجد وطناً».ويتوقع هيكو ويمان من مجموعة الأزمات الدولية أن يفقد لبنان «جيلاً كاملاً يحتاج إليه من أجل إعادة الإعمار وتحقيق التغيير السياسي المطلوب». (أ.ف.ب)
مشاركة :