نجحت الأمسيات الشعرية الافتراضية في التغلب على حالة العزلة التي فرضتها جائحة كورونا، فشهدت منصات التواصل الاجتماعي نشاطا شعريا ملحوظا، وأقيمت الأمسيات وتبادل النصوص الشعرية بكل قوة ومقدرة، وأكد عدد من الشعراء أن منصات «الأونلاين» وفرت وسائل سهلة ومتنوعة للتواصل، وأشاروا إلى أن التفاعل مع الأمسيات الشعرية الافتراضية كان رائعا، بل إنه استطاع أن يجذب المزيد من محبي الأدب، الذين لم يكونوا يحضرون الأمسيات الواقعية، لكن سهولة حضور الأمسيات الافتراضية جذبتهم إلى ساحة الشعر.إدهاش المتلقييقول الشاعر علي مكي الشيخ: في تصوري أن الناس تنجذب لكل عمل راق ورائع ومثير، متى ما نجح العمل في إدهاش رغبة المتلقي فسوف يكون متابعا، والجمهور سيكون حاضرا، مثلا لو كان لديك برنامج ما متابعوه قليلون، ولكن فجأة حين تعلن لهم أنه سيستضيف أحد المشاهير، فسوف يترقبه القريب والبعيد، ثم إن البرامج تحتاج أن تثبت جدارتها بالاستمرار والتميز اللذين يخلقان حالة من الإرساء لدى شريحة معينة من الجمهور والمتابعين، ما يعني أن تخلق لك جمهورك الخاص. وأضاف: الناس بطبيعتهم يميلون للقصة والحكايات، ومتى توافرت لها المحفزات فسوف ينجذبون لمثل هذه البرامج المذاعة عبر قنوات التواصل الاجتماعي متى ما توافرت فيها عناصر العمل الناجح.خير أنيسفيما يقول الشاعر ياسر آل غريب: منصات «الأونلاين» كانت لنا خير أنيس في أيام العزلة، وأستطيع القول إننا لم ننقطع عن الحراك الأدبي أبدا؛ لما أتاحته هذه التقنية الحديثة من سهولة التواصل وتنوعه بين أماكن وجهات شتى، ففضاء الإنترنت قدم لنا تفاعلا جديدا، صورة لصورة وصوتا لصوت، بعدما كانت لقاءات ما قبل الكورونا وجها لوجه، وأرى أن التفاعل مع الأمسيات الشعرية الافتراضية معقول جدا؛ فلقد استطاع هذا الجو الجديد أن يجذب المزيد من محبي الأدب، إضافة إلى الوجوه التي اعتدنا رؤيتها، لكن مع كثرة بث تلك المواد باستمرار، قد يتولد نفور وتشبع منها، فعلينا أن نحرص على انتقائها جيدا والمراوحة بينها.الدور الأكبرويقول الشاعر والباحث في العلوم الإنسانية عبدالهادي صالح: في ظني أن إقامة النشاط الثقافي عبر أية وسيلة هي المهمة الآن، وعليها يقع الدور الأكبر، وكان من المفترض أن تفعل المنصات الإلكترونية من قبل أن يفرضها علينا فيروس كورونا، فالزمن تغير والإنسان تغير، والحياة برمتها تغيرت، فلم يعد إقامة نشاط ثقافي في موقع المؤسسة الثقافية أمرا ضروريا، وكنت وبعض المثقفين نطالب من سنين طوال بأن تقام الأنشطة الثقافية في مواقع يكثر فيها الناس، كالبحر والمواقع التاريخية ووسط المدينة، للوصول إلى أكبر شريحة من الناس وتعريفهم بالأنشطة الثقافية. وأضاف: المنصات الثقافية الإلكترونية تؤدي دورا مهما في الفعل الثقافي اليوم، وتمكن من حضور أي شخص للمناسبة افتراضيا، ومن أي مكان يوجد فيه، ولربما كان مشاركا في المداخلات وتتاح له الفرصة ليبدي رأيه ويتفاعل بدوره مع الحدث، فالافتراضي يملك واقعا كاملا بصفته افتراضيا كما يقول دي لوز، لكن لا يزال هناك ضعف في التقنية واستخدامها بالشكل الصحيح لدى بعض المؤسسات الثقافية، وعليها أن تنتبه لحركة الزمن والناس، وتقوم بدورها الجاد سواء أكان ذلك واقعيا أم افتراضيا.إعادة التعريفويضيف الشاعر علي النمر: أعادت الجائحة تعريف ومقاييس كلمة «تفاعل»، وفرضت أجواء أقل صخبا في التعبير عن مدهش الأبيات وروائع المعاني، مع ذلك يكون كل ذلك ملموسا ومرضيا -لطبيعة الظرف- في خلق مشهد الأمسيات، والجميل أن تلك الأمسيات تخففت من محددات المكان وجغرافية المشاركين، ليكون الشعر خارج الخرائط ولكنه داخل القلوب.
مشاركة :