17 أغسطس 2020/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ قبل 70 عاما، كانت صحراء مووس (تعرف أيضا باسم صحراء أوردوس) أرضا مليئة بالرمال الصفراء، وكان الناس يظلون طريقهم بسبب عدم وضوح الرؤية أثناء هبوب الرياح المليئة بالغبار والرمال. أما اليوم فإن الخضرة التي اكتست بها المنطقة صارت بمثابة النهر الأصفر الذي يغذي كل شيء في هذه المنطقة الحارة. خريطة مؤشر الغطاء النباتي لصحراء مووس في يوليو سنة 2000. مصدر الصورة: الإدارة الوطنية للغابات خريطة مؤشر الغطاء النباتي لصحراء مووس في يوليو 2019. مصدر الصورة: الإدارة الوطنية للغابات الوجود "لقد دمرت الرمال باب منزلنا، عد بسرعة إلى البيت يا ولدي." في يوم من الأيام قبل أكثر من ثلاثين سنة، فزع جيري كالاتو كثيرا من بكاء والدته التي جاءت للبحث عنه أثناء عمله. تعيش عائلة جيري كالاتو في أعماق الأراضي القاحلة لمووس. في الليلة التي سبقت ذلك اليوم العاصف، هبت رياح قوية وتسببت الكثبان الرملية المتحركة في تهشيم باب المنزل، فقام والديّ بالخروج من باب النافذة واستخدما المجرفة لإزالة الرمال وتنظيف المكان أمام باب البيت. لقد تعرضت الأسرة كلها للعذاب بسبب الرياح والرمال لسنوات عديدة. تذكر جيري أنه عندما كان يذهب إلى المدرسة في طفولته غالبا ما كان يضيع في الطريق بسبب انعدام الرؤية الناتجة عن الرياح المليئة بالغبار. وحين كان يذهب إلى البلدة لشراء لوازم معيشية للبيت، كان الأمر يتطلب منه أربعة أيام ذهابا وإيابا. وقال: "حيثما أذهب لم أكن أشعر إلا بالرمال من حولي". بعد تلك الليلة العاصفة التي أدخلت الذعر في قلوب الأسرة، قرر جيري كلاتو وزوجته زراعة نباتات الأرطميسا في الصحراء. أما اليوم، من خارج النافذة المشرقة لمنزله فلم يُعد يُرى أفق الأعشاب والأشجار الممتدة على طول البصر. في البداية، لم تكن الأسرة قادرة على تربية أكثر من عشر خراف، ولكن الآن صار لها أكثر من مائة رأس من الأغنام وما بين أربعين أو خمسين بقرة. خلال مكافحة التصحر وعملية التشجير، تعلم الناس أيضا التعايش مع الرمال. وقال جيري كالاتو :" إذا لم نحميها جيدا فهذه الأشياء سوف تختفي". توحيد الجهود منذ خمسينات وستينيات القرن الماضي، تم إنشاء عدد من الحدائق الغابية المملوكة للدولة ومحطات مكافحة التصحر في مقاطعات شنشي ومنغوليا الداخلية ونينغشيا من أجل حماية الأراضي ومنع زحف الرمال. في سنة 1985، استقبلت حديقة غابات بايجيتان لمكافحة التصحر في مدينة لينغ وو بنينغشيا، نائبا جديدا للمشرف عليها وهو وانغ يوديه، وأول شيء قام به بعد توليه منصبه لم يكن مقاومة زحف الرمال بشكل مباشر. "مكافحة التصحر تستوجب القضاء على الفقر أولا". أدرك وانغ يوديه أن الإصلاح أمر حتمي. فبدأوا انشاء مصانع الطوب الآلية والمصانع الجاهزة، وأنشأوا حضانات ومراكز خدمات هندسية لتخضير الشتلات، وكرسوا أنفسهم لتخضير البناء الهندسي ... ارتفع دخل الفلاحين، وصارت الصحراء واحة خضراء وفقا للإحصاءات، تمكنت الأجيال الثلاثة لأهالي بيجيتان من السيطرة على 630 ألف مو من الأراضي الرملية من خلال عمليات التشجير الواسعة النطاق، كما سيطروا على ما يقرب من مليون مو من الرمال المتحركة، ووصل معدل الغطاء النباتي إلى 41 بالمائة، مما أدى إلى كبح زحف الرمال جنوبا وغربا لأراضي مووس، وحماية النهر الأصفر ونهر ينتشوان شرقا وصارت منطقة نموذجية وعلمية لكافة مشاريع مكافحة التصحر في المناطق الشمالية الثلاثة. البيئة الايكولوجية في محافظة يولين بمقاطعة شنشي، تم إنشاء قاعدة من الأشجار المثمرة عالية الجودة على الأرض الرملية. وأصبحت صناعة الغابات التي يقودها العناب ركيزة مهمة للنمو الاقتصادي. واستنادا إلى المزايا التي تتمتع بها الأراضي الشاسعة من عشب وفير، أصبحت يولين أكبر مدينة لتربية الأغنام في المناطق غير الرعوية في الصين. أما بالنسبة للموارد الفلاحية لهذه الأشجار، فقد تم تصنيع منتجاتها بشكل مكثف وتم تسويق مسحوق بروتين اللوز وحليبه، وقهوة العناب، وزيت اللوز الصيني الطويل. كما أن الاستفادة من التحكم في الأراضي الرملية الممتدة عبر مقاطعات شنشي ومنغوليا الداخلية ونينغشيا لن تتوقف فقط على هذه المناطق. لقد ساعد إنشاء حزام لحماية "المناطق الشمالية الثلاثة"، والتحكم في مصدر العواصف الرملية التي تهب على بكين وتيانجين وحماية موارد الغابات الطبيعية إلى غير ذلك، وإدارة الأراضي الرملية في صحراء مووس، إلى ظهور عدد من مشاريع الغابات الوطنية الرئيسية وربط بيئة حوض النهر الأصفر بمنطقة بكين-تيانجين-خبي ومناطق شاسعة أخرى. في عام 2019، أشارت الخطة الوطنية الرئيسية للبحث والتطوير والتي كان عنوانها "التقييم الشامل لفوائد مشاريع مكافحة التصحر في المناطق الصحراوية والمناطق شبه القاحلة" إلى أن القيمة السنوية لخدمات النظم البيئية المختلفة للأراضي العشبية والغابات والأراضي الصالحة للزراعة ومناطق المياه في منطقة مووس الرملية بلغت 89 مليار يوان سنة 1990 بينما ارتفعت إلى 195 مليار يوان في عام 2015. ويتوقع البحث المذكور أعلاه أن تصل القيمة السنوية لخدمات النظام البيئي لمشروع إدارة مكافحة التصحر في مووس إلى أكثر من 200 مليار يوان بين عامي 2020 و2025، والتي ستستمر في إظهار اتجاه نمو كبير.
مشاركة :