الحكومة الفرنسية مصدومة من خفض تصنيفها الائتماني

  • 11/10/2013
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أثار خفض التصنيف الائتماني لفرنسا ردود فعل داخلية وخارجية على نطاق واسع، بعد أن أعلنت وكالة ستاندرد آند بورز عن تخفيض الجدارة الائتمانية لباريس بمقدار درجة واحدة من إيه إيه+ إلى إيه إيه على خلفية ارتفاع البطالة بشكل جامح وتباطؤ وتيرة الإصلاحات، الأمر الذي يعد ثاني تخفيض للجدارة الائتمانية لفرنسا خلال عامين، بحسب الألمانية. وبررت وكالة التصنيف الائتماني في بيان قرارها بخفض درجة فرنسا بأن هذا البلد فقد هامش المناورة المالية ولم يعد في وسعه أن يقوم بمزيد من الإصلاح بسبب استمرار معدل البطالة المرتفع. ويعد هذا الخفض الائتماني ضربة قاسية لفرنسوا هولاند الذي يعتزم مع ذلك الحفاظ على خطه الرئيسي بالسيطرة على المالية العامة، والوفاء بتعهده بتغيير منحى البطالة قبل نهاية العام والتي تقترب الآن من 11 في المائة. وفي حين يعرب ثلاثة أرباع الفرنسيين77 في المائة عن استيائهم من أداء الرئيس ويتفاقم الغضب الاجتماعي، أكد هولاند أنه يعتزم تأكيد استراتيجيته الاقتصادية وتوجهه أثناء اجتماع مع كبريات المؤسسات المالية العالمية أمس في قصر الإليزيه. وأشار هولاند إلى أن هذه السياسة التي تستند إلى إصلاحات تم التعهد بتطبيقها وستتواصل، وهي الوحيدة التي تسمح بضمان مصداقية فرنسا التي يمكن على حد رأيه أن تقاس عبر المستويات الضعيفة لمعدلات الفائدة في الأسواق، وأن هذه السياسة هي القادرة على ضمان التلاحم الوطني والاجتماعي في البلاد. وفي تحليلها، اعتبرت ستاندارد آند بورز أن هامش المناورة المالية لفرنسا تراجع، بينما كانت تعتبره سابقا مرتفعا بالنظر الى الدول المشابهة، وأعلن كبير الاقتصاديين لأوروبا في الوكالة جان ميشال سي أنهم لا يرون للفترة المقبلة خطة شاملة تسمح بتحرير القدرة على النمو كشرط مسبق لخفض البطالة. وأضافت الوكالة يبدو لنا خصوصا أن السلطات العامة باتت تملك هامشا منخفضا للمناورة لزيادة عائداتها وبالتالي لخفض مديونية البلد. نعتبر أن إجراءات السياسة الاقتصادية المطبقة منذ 23 تشرين الثاني(نوفمبر) 2012 لم تخفض بشكل كبير خطر بقاء معدل البطالة فوق عتبة الـ 10 في المائة حتى 2016. ورأت الوكالة أن المستوى الحالي للبطالة يضعف الدعم الشعبي للإصلاحات البنيوية والقطاعية ويؤثر على احتمالات النمو على المدى الطويل. وتأتي تلك التقارير في وقت يزداد فيه الغضب الاجتماعي في فرنسا ويؤججه تكثيف عمليات إعادة هيكلة المؤسسات وتشديد الضريبة، ما جعل جان مارك آيرولت رئيس الوزراء الفرنسي يلوم وكالة التصنيف الائتماني على أنها لم تأخذ في الاعتبار كل الإصلاحات التي جرت العام الماضي وخصوصا تلك التي يجري إقرارها بشأن التقاعد. من جهته، دان بيار موسكوفيسي وزير الاقتصاد الفرنسي الاحكام المدينة وغير الدقيقة لوكالة التصنيف، مشيراً إلى الإصلاحات الواسعة في اقتصاد البلاد وماليتها العامة وقدرتها التنافسية التي طبقت في الشهور الـ 18 الأخيرة من قبل الحكومة في أجواء صعبة جداً. وأكد المسؤولان الفرنسيان أن التصنيف الجديد الممنوح لفرنسا ايه ايه يبقى مع ذلك بين الأفضل في العالم، وعلى الرغم من هذه التصريحات، ارتفع معدل الفائدة على الاقراض لعشر سنوات لفرنسا عند فتح سوق السندات في منطقة اليورو. وهذا التصنيف هو ثالث أفضل تصنيف ممكن في جدول ستاندارد آند بورز التي أشارت إلى آفاق مستقرة ما يعني أنها لا تفكر في تعديله مجددا على المديين القصير أو المتوسط. وكانت ستاندارد آند بورز أول وكالة تصنيف دولية كبرى تحرم فرنسا من أفضل علامة ممكنة (ايه ايه ايه) في كانون الثاني(يناير) 2012، وتلتها في ذلك الوكالتان المنافستان، موديز وفيتش ريتينجز، لكنها الأولى التي خفضت مرة أخرى تصنيفها. على صعيد وسائل الإعلام الفرنسية وصحافتها، رأت صحيفة لوموند في عددها الصادر أمس أن هذه الخطوة تعد بمثابة زلزال لحكومة الرئيس فرانسوا هولاند، مضيفة أنه برغم أن كل الخبراء الاقتصاديين لا يرون نفس التشخيص فإنه لا مجال لأي شك في أن فرنسا لديها مشاكل في قدرتها التنافسية ومالياتها العامة. من جانبها اعتبرت صحيفة لو فيجارو الفرنسية المحافظة أن وكالة ستاندرد آند بورز قالت لنا ما قالته كل المؤسسات الوطنية والدولية وهو أن فرنسا تختنق تحت وطأة الأعباء الضريبية وعجز الحكومة عن خفض النفقات العامة بشكل ملحوظ، مضيفة أن الفرنسيون لا يزالون بانتظار الإصلاحات الهيكيلية التي يفترض فيها أن تجعل من اقتصادنا قادرا على المنافسة، مشيرة إلى اتساع نطاق ثغرات الموازنة والبطالة الجماعية وزيادة الصراعات الاجتماعية والتهديد بوقوع ثورة ضرائب الأمر الذي يعني بعبارة أخرى فشلا مدويا للسياسة الاقتصادية للرئيس هولاند. أما صحيفة ذا تايمز البريطانية المحافظة فقد رأت في افتتاحيتها أمس أن الاقتصاد الفرنسي المتجمد والقيادة الضعيفة لـ هولاند تهددان الأفاق المستقبلية لأوروبا، موضحة أن الضعف في قلب منطقة اليورو يمكن أن يهدد التقدم الذي تحقق في جهود إصلاح الموازنات في الدول التي تعاني مشاكل ديون ضخمة وتقع على حافة القارة الأوروبية.

مشاركة :