الحرب العالمية ضد العنصرية

  • 8/20/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كيشا إن بلين * في ال13 من يونيو/حزيران 2020، تجمع نشطاء حركة «حياة السود مهمة» في ميدان ترافالجار بلندن؛ للمطالبة بالقضاء على العنصرية، وتفوق العرق الأبيض. ومع رفع قبضاتهم عالياً، هتف النشطاء، ومعظمهم يرتدون ملابس سوداء ب«القوة للسود»، ولولا كمامات الوجه التي كانوا يرتدونها؛ للمساعدة في وقف انتشار فيروس «كورونا»، لكنا ظننا أن هذا المشهد قد أُخذ مباشرة من ستينات القرن الماضي. وفي تلك الحقبة السابقة، ربط النشطاء في جميع أنحاء العالم كفاحهم بنضالات الأمريكيين الأفارقة، الذين تحدوا سياسات الفضل العنصري، والحرمان من الحقوق، والفقر، ووحشية الشرطة، تماماً كما يفعل خلفاؤهم اليوم. وفي غضون ذلك، دافع النشطاء الأمريكيون السود عن حقوق الإنسان، ولفتوا الانتباه إلى تردي قيمة حياة السود ليس فقط في الولايات المتحدة، ولكن في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الدول والمناطق الواقعة تحت الحكم الاستعماري. ويميل الكثيرون إلى التفكير بأن تلك الحقبة المناصرة للحقوق المدنية، وتمكين السود، تتعلق بشكل رئيسي بالتاريخ الأمريكي؛ لكنها في واقع الأمر ظاهرة عالمية، وكذلك هي حركة «حياة السود مهمة». ومن خلال ربط القضايا الوطنية بالشواغل العالمية؛ يبني نشطاء «حياة السود مهمة» على تاريخ طويل من «الأممية السوداء». وفي الواقع، لطالما ربط الأمريكيون السود نضالهم من أجل الحصول على حقوقهم بالنضال من أجل الحرية في إفريقيا وآسيا ومنطقة البحر الكاريبي وغيرها. وعلى الرغم من أن الأممية السوداء في الأغلب ما كانت مدفوعة من القمة؛ من خلال جهود السياسيين والدبلوماسيين، فقد تطورت بعض الحركات الأكثر دينامية واستمرارية من خلال قاعدة شعبية تقودها في الأغلب النساء السود، وتضم أفراداً من الطبقة العاملة وطبقة الفقراء. وعلى الرغم من أن الكثير قد تغير منذ ستينات القرن الماضي، استمرت العنصرية في تشكيل كل جانب من جوانب حياة السود في الولايات المتحدة. وأدى النمط المقلق لوحشية الشرطة وقتلهم للسود العزل إلى اندلاع الثورة الحالية؛ لكن ذلك لا يمثل غير جزء من المشكلة. إن عمليات القتل هذه، على الرغم من كونها مروعة، هي مجرد أعراض لأمراض أعمق للعنصرية ضد السود وتفوق العرق الأبيض. كما أكد نشطاء «حياة السود مهمة» أنه لا يمكن احتواء هذه المشاكل داخل حدود الولايات المتحدة فحسب؛ بل هي آفات عالمية، ومعالجتها تتطلب جهداً عالمياً. وتأسست حركة «حياة السود مهمة» في عام 2013 من قبل النشطاء باتريس كولورز وأليسا جارزا وأوبال تومتي، في أعقاب تبرئة الرجل الذي قتل تريفون مارتن، وهو صبي أمريكي من أصل إفريقي يبلغ من العمر 17 عاماً، في فلوريدا. وبعد إطلاق الشرطة النار في عام 2014 على مراهق أسود آخر، وهو مايكل براون، في مدينة فيرجسون، تطورت «حياة السود مهمة» لتصبح حركة احتجاج وطنية وعالمية. وفي غضون أشهر، أنشأ النشطاء فروعاً للحركة في العديد من المدن الكبرى خارج الولايات المتحدة. وفي تورونتو، على سبيل المثال، شاركت جانايا خان ويسرى علي في تأسيس فرع للحركة في أكتوبر من عام 2014؛ وذلك بعد مقتل جيرمين كاربي، في مدينة «برامبتون» الكندية. وبعد بضعة أشهر، أطلقت مجموعة من النشطاء في اليابان مسيرة تضامن مع الآسيويين الأفارقة تحت شعار «طوكيو من أجل فيرجسون»، في أعقاب تبرئة ضابط الشرطة الذي قتل مايكل براون؛ حيث سار مئات من المتظاهرين يرفعون لافتات باللغتين الإنجليزية واليابانية في شوارع طوكيو. وفي الأشهر التي تلت ذلك، اجتاحت التظاهرات المدن في جميع أنحاء أوروبا؛ بما في ذلك أمستردام وبرلين ولندن وباريس. وعلى مدى السنوات الماضية أقام نشطاء حركة «حياة السود مهمة» في الولايات المتحدة تحالفات مع نشطاء حقوق الإنسان، وتجلى تدويل الحركة في التظاهرات الضخمة التي اندلعت في أعقاب مقتل بريونا تايلور وجورج فلويد وتوني مكديد، وغيرهم من الأمريكيين السود في وقت سابق من هذا العام. ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020، من المرجح أن تؤجج الاحتجاجات التي بدأت الربيع الماضي في الولايات المتحدة مسيرات جديدة، والتي من المحتمل أن تتوسع في جميع أنحاء العالم وتمتد إلى مناطق جديدة وتلهم النشطاء من جميع الأعراق والخلفيات الاجتماعية، للتخلص من العنصرية ضد السود وتفوق العرق الأبيض، وتوفير حياة رغيدة للجميع، وحفظ كرامة الإنسان في جميع أرجاء العالم. * أستاذة التاريخ في جامعة «بيتسبرغ» الأمريكية (فورين أفيرز)

مشاركة :